توجد العديد من المؤشرات التي تبين أن تفاهمات جرت بسرعة بين حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة، وأن هذه التفاهمات قادت تدريجيا حزب الاستقلال نحو المعارضة المقبلة:
أول هذه المؤشرات، التحالفات المحلية بين الأحرار و”البام” في تولي رئاسة الجهات، حيث يبدو أن حزب الاستقلال كان بعيدا عن التأثير في هذه التحالفات، واكتفى بجهتين هما أصلا من معاقله التقليدية، بينما نال البام والتجمع أكبر عدد من رئاسة الجهات وقام الحزبان معا التجمع والبام بتسهيل الممرات أمام حليف حكومي ثالث، هو الحركة الشعبية ليستمر في تدبير جهة ليس له القوة الانتخابية لنيلها دون دعم الأحرار والبام.
المؤشر الثاني، مرتبط بالطريق نحو المجالس الجماعية، حيث يبدو التحالف بين التجمع و”البام” وحليف رابع هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
أما المؤشر الثالث، فيتمثل في تاريخ المجلس الوطني لحزب الاستقلال الذي سيعقد بعد أربعة عشر يوم، وهو تاريخ له دلالته بأن الاستقلال فهم أنه سيكون خارج التحالف الحكومي، لأن الإيقاع الذي يسير به رئيس الحكومة المعين السيد أخنوش، والتاريخ الذي اختاره “البام” لعقد مجلسه الوطني متناقضان تماما مع إيقاع الاستقلال وتاريخ جمعه لمجلسه الوطني، فالزمن هنا له دلالته في من يشعر أنه في التحالف المقبل ومن يشعر أنه ذاهب للمعارضة.
المؤشر الرابع، أن وجود التجمع و”البام” في حكومة واحدة، ومراعاة الترتيب وعدد المقاعد يجعل حزب الاستقلال يتفاوض من موقع لن يسمح له بنيل رئاسة مجلس النواب أو قطاعات وزارية استراتيجية، ومعروف أن حزب الاستقلال له تاريخ في مسألة المفاوضات الحكومية حول الحقائب، وقد يصطدم بحزب آخر له خبرة أكبر في هذا النوع من المفاوضات هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يعد الحليف الأكبر للتجمع الوطني للأحرار نظرا لتاريخه وخبرة قيادته، فالاتحاد الاشتراكي ظل على صلة كبيرة بالتجمع الوطني للأحرار طيلة الخمس سنوات الماضية.
وبناء على هذه المؤشرات، يبدو أن حزب الاستقلال هو الذي سيقوم بدور المعارضة وليس “البام”، فقيادة الأصالة والمعاصرة استطاعت بسرعة أن تمد جسور التواصل وتبني تحالفات في الجماعات الترابية التقطتها قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، مقابل ذلك، ظهر أن الاستقلال ظل متحفظا ولم يرسل إشارات في لحظة كان فيها النقاش حول “البام”.
وقد يكون حزب الاستقلال يفكر في مرحلة ما بعد سنتين من تحالف التجمع و”البام” في حالة ما إذا غاب الانسجام بينهما، أنداك قد يقدم نفسه كبديل للدخول في منتصف عمر الولاية الحكومية الحالية، فكل شيء ممكن في السياسة: الصراع ممكن، والمعارضة ممكنة والحكومة ممكنة، وهذا يعتمد على سرعة كل حزب في التموضع، ولحد الآن يبدو أن “البام” عاد وتموضع بسرعة في التحالف الحكومي القادم الذي يبدو أنه يضم التجمع والجرار والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري.
تعليقات الزوار ( 0 )