في الآونة الاخيرة كثرت القصص المؤلمة في مواقع التواصل الاجتماعي حول شتات الأسر وتوتر العلاقة بين الآباء وأبنائهم بسبب حالات الطلاق الذي يقع بين الأزواج ولاسيما وسط الأسر المغربية المقيمة في دول المهجر بأوروبا وامريكا وكندا وأستراليا!
من بين القصص الأكثر مأساوية التي مرت أمامي قصة أب ضحى بالغالي والنفيس من أجل أن يعيش ابناؤه في بيئة افضل من البيئة التي كان يعيش فيها بالمغرب ولكن حياته ستنقلب رأسا على عقب بعد أكثر من 25 سنة من الحياة الزوجية وسيدرك بعد أن خسر كل شيء أنه وقع في كمين خطير نصب له بإحكام وبتخطيط مسبق من طرف شريكة حياته التي كانت تمني النفس من أجل الوصول إلى الضفة الأخرى للعيش فيها ما تبقى من العمر!
يحكي الرجل بألم شديد كيف أنه باع كل ممتلكاته في المغرب وصرف أكثر من 200 مليون سنتيم على زوجته وأبنائه طيلة السنوات التي قضاها في الغربة لتسوية وضعيتهم القانونية بعد أن أصبحوا مقيمين بطريقة غير شرعية بعد انتهاء مدة صلاحية التأشيرات التي دخلوا بها إلى أوروبا غير أن القذر كان يخفي له مستقبلا أسودا لم يكن يخطر له على بال وهو الذي كانت له وظيفة قارة ودخل جيد وممتلكات عدة!
في لحظة تأثر شديد يقول الرجل والألم يعتصر قلبه ” كل شيء انهار في لحظة…ضاع المال…وضاعت الأسرة…وتوفي الوالدين…وتفرقت السبل بين الاخوة، وصرت منبوذا من طرف الجميع…لو عادت بي عقارب الساعة إلى الوراء لما فكرت في الزواج ولا في انجاب أبناء عاقين”
هذه واحدة فقط من الحكايات والقصص التي سمعتها خلال السنوات الأخيرة، ولكن هناك قاسما مشتركا بين كل تلك القصص، يتمثل في الضياع وفي التشتت الأبدي لأسر كان كل حلمها هو تغيير أوضاعها من سيئ إلى أسوأ، والخاسر الأكبر هم الأطفال الذين يكبرون وتكبر معهم عقد نفسية كبيرة وعصية على العلاج النفسي، بسبب قوة التأثر والتحريض الممارس عليهم من طرف أحد الوالدين!
لماذا يكثر الطلاق بين المغاربة في المهجر؟ ما الذي يجعل المرأة تنقلب على قيم التمغرابيت بمجرد تسوية وضعيتها القانونية في الغربة؟ وما الذي يجعل الزوج غير قادر على ضبط نزواته وسلوكياته في التعامل مع أسرة رافقته لسنوات مضت بأمن وأمان؟
يبدو أن العامل الاقتصادي محددا رئيسيا في تفشي حالات الطلاق بين الأزواج المغاربة في المهجر ولكن هناك معطى اساسي لا ينبغي تغييبه في هذا الموضوع وهو عامل السن لدى كل من المرأة والرجل.
جزء كبير من النساء المغربيات في المهجر كلما تقدمن في السن كلما تعكر مزاجهن وكلما بدأت تتكون لديهن قناعة بضرورة التخلص من سطوة الرجل، وفي المقابل كلما كبر الرجل في السن كلما أراد العيش في بيئة هادئة ويدون منغصات بسبب امراض الضغط والسكري وغيرها من الامراض المزمنة التي ترافق الانسان في كل مراحل حياته!
هناك بكل تأكيد عوامل أخرى لها دور كبير في دمار الأسر وتشتيتها مثل الفساد والخيانة الزوجية والغدر والجشع والطمع وحب المال والعنف بكل أشكاله ولكن الإشكال المطروح هو: لماذا لا يكون الطلاق بمعروف؟ ولماذا لا يكون التسريح بإحسان؟ ولماذا يصر كل طرف على رسم صورة سوداوية عن الطرف الآخر بعد الانفصال فيما يشبه حرب داحس والغبراء؟
لدي صديق يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية تزوج من سيدة أمريكية أنجبت له طفلين وبعد سنوات من العشرة وقع الطلاق وظلت العلاقة بينهما رائعة وظل التواصل بينهما قائما وعاش الأطفال مع والدهم ووالدتهم حياة جيدة وسعيدة بعد الانفصال مرة مع والدهم ومرة مع والدتهم.
مثل هذه العقلية موجودة بكل تأكيد في المغرب، ولكن، هناك عقليات للأسف الشديد متعفنة وحقودة وأنانية وظالمة، لا تراعي نفسية أطفالها، وبمجرد أن يقع الطلاق بين الزوجين تتحول العلاقة بينهما إلى عداء ابدي، دون استحضار سنوات العشرة ودون الاخد بعين الاعتبار افضال كل طرف على الطرف الآخر!
بل إن الخطير في الامر هو أن بعض النساء سامحهم الله حتى لا أعمم يقمن بشحن اطفالهن بطرق خطيرة جدا ضد الطليق وضد محيطه الأسري بالكامل إلى درجة أن هؤلاء الأطفال يقاطعون آبائهم ولا يتحدثون إليهم لسنوات طوال!
هل هناك من كفر أكثر من هذا؟ وهل هناك من عقوق اكثر من هذا؟ ماذا تعني الحوالات البنكية كل شهر عند رب العرش العظيم عندما تلتقي الخصوم أمام الله؟
لا شك أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا شك أن هناك رجال مجرمين وقساة على زوجاتهم وأطفالهم وأسرهم وعلى أنفسهم أيضا ولكن نحن مسلمون والاسلام أوصانا خيرا بالوالدين ولم يميز في ذلك بين المرأة والرجل بل ساوا بينهما في الإحسان!
تنفير الأطفال في آبائهم جريمة لاتغتفر، وتحريضهم ضد محيطهم الأسري وشحنهم بفكر الكراهية سلوك مرضي ولا يستقيم مع قيم ديننا الحنيف، الذي أعطى مكانة كبيرة للوالدين وحثنا على واجب الطاعة وأمرنا بعدم الإساءة لهم أو نهرهم أو التأفف عليهم فبالاحرى مقاطعتهم وعدم احياء صلة الرحم معهم بشكل مباشر وهم على قيد الحياة !
الرجل يكد ويثعب لسنوات ويبيع ممتلكاته ويؤمن تأشيرات السفر وينفق ملايين الدراهم لكي يكون لأسرته وضعا قانونيا سليما في أوروبا أو أمريكا أو كندا وبعد أن تنفذ أمواله وتتدهور صحته يتم تطليقه للشقاق وسرقة الابناء منه وتحريضهم عليه بطرق ماكرة للسطو عليهم وتوظيفهم لقضاء مآرب شخصية دون أي خوف من الله ومن دون أي وازع اخلاقي!
هذه ثقافة بئيسة وشرانية ولا تليق بقيم المجتمع الذي تربينا فيه لأن المرأة المغربية القحة والأصيلة والسوية تظل وفية لاخلاقها ولقيمها الدينية ولمنطلقاتها الانسانية في أحلك الظروف ولا تغير جلدها لمجرد أنها اصبحت تعيش في دولة تعلي من شأن المرأة للانتقام من الرجل أو تهديده!
المرأة المغربية الحرة والاصيلة هي التي توصي أبنائها خيرا بوالدهم وتحثهم على التواصل معه باحترام، تطلب منهم إحياء صلة الرحم معه بشكل مباشر، عوض شحنهم بخطاب الكراهية، وتخويفهم منه وتحريضهم ضد محيطه الأسري، بشكل خبيث، كما حدث في العديد من القصص المؤلمة!
لا شك ان أبغض الحلال عند الله الطلاق، ولكن، عندما تقع الواقعة على الزوجة أن تتقي الله في طليقها وفي ابنائها، لأنها تصبح آثمة عندما تحرضهم على قطع صلة الرحم ضد من جد وكد عليهم لسنوات طوال، ويكون إثمها اكبر عندما تعتقد أن رضا الوالدين يشترى بدراهم معدودة عبر حوالات بنكية!
معذرة للنساء المغربيات الحرات اللواتي بقين أوفياء لاصولهن لتقاليد المجتمع الاسلامي الذي نشأوا فيه ولقيمهم الدينية في تربية أبنائهم على طاعة الوالدين والبر بهم والإحسان إليهم في السراء والضراء وايصال الرحم معهم مهما كانت الظروف لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق!
التحريض ضد الاب من طرف طليقته جريمة ضد الانسانية وتطاول على الدين وتمرد على الأصول وعلى التقاليد المغربية الأصيلة لأنه من الأنانية مما كان الاستفراد بالابناء وشحنهم بخطاب الكراهية ضد آبائهم بعد حدوث الطلاق مع كل التقدير والاحترام للنساء المحترمات والاصيلات..
تعليقات الزوار ( 0 )