Share
  • Link copied

ابن طفيل تحتضن محاضرة عن إسهامات الثّقافة المغربية في بناء الحضارة

في إطار الدّورة التكوينية التي ينظمها مركز روافد للدراسات والأبحاث بشراكة مع جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، في موضوع: “الثوابت الدينية والهوية المغربية في الدراسات الأكاديمية والأبحاث الجامعية”، والتي يؤطرها ثلة جامعيون ومفكرون من مختلف التخصصات، ومن مختلف الجامعات المغربية بمحاضرات تتناول الثّوابت الدينية وأسئلة الهوية التي ترسخت في القطر المغربي والتي تميزت بخصوصيتها رغم التحديات الثّقافية والمذهبية وذلك لتحديد آفاق البحث الأكاديمي ضمن متطلبات هذه الهوية.

وقد تناول الخبير في التراث المغربي جعفر الكنسوسي رئيس جمعية منية موضوًعا يهمّ خصوصية الهوية المغربية، اختصره في العنوان الآتي: “عمل أهل المغرب: إسهامات الثّقافة المغربية الأندلسية في الصرح الحضاري”، حاول أن يبرز دور الشخصية المغربية وإسهامها العلمي والثقافي في بناء حضارة راسخة لها صبغتها الخاصة، والتي شكلت منذ القدم صلة وصل بين الضفتين الجنوبية والشمالية للبحر المتوسط، بما يمثله التراث الأندلسي كجزء أصيل لا يتجزأ عن بنية الهوية المغربية.

ولخص جعفر الكنسوسي مميزات الهوية المغربية في ست ميزات مهمة أولاها المذهب المالكي الذي يُشكّل المذهب الرسمي للدولة المغربية منذ القدم، حيث يتميز المغرب عن غيره من البلدان بوحدة المذهب الذي أجمع عليه علماء القطر، وظل يحظى برعاية رسمية من طرف كل الدول التي تعاقبت على حكم البلاد. وينتقل د. جعفر الكنسوسي إلى الميزة الثّانية وهي تأسيس الدولة المركزية حيث تعد الدولة المغربية أقدم حتى من بعض الدول العظمى في عصرنا اليوم، فهي أقدم من الدولة الفرنسية والإنجليزية مثلا، وقد ساعد هذا في الحفاظ على المقومات الأساسية للهوية المغربية على صعيد المجتمع أولا، ثم على صعيد الفرد ثانيا.

ويرى جعفر الكنسوسي أن النظر العقلي والفلسفي الذي هو الميزة الثّالثة لهذه الهوية هو ما ترسخ مع بروز أعلام كانت ولاتزال مرجعا في التقعيد النظري والفلسفي، وعلى رأسهم ابن رشد الحفيد الذي كان فيلسوفا يضاهي كبار الفلاسفة الذين عرفتهم أروبا. ويرى أن التصوف وعمل الزوايا هو الميزة الرابعة فقد تميز المغرب بالتصوف والزوايا منذ دخول الإسلام إليه، وظلت مؤسسة الزاوية حاضرة بقوة في التاريخ المغربي، مبادرة في صناعته، مؤثرة في مجرياته ومتحكمة في زمامه، ولا تزال الشخصية المغربية منطبعة بالصبغة الصوفية بما تحمله من قيم روحية وتربوية تسري بين مكوناته رغم محاولات البعض النيل منها بشكل أو بآخر. ويرى أن الصفة الخامسة المميزة للأمة المغربية إنما هي اهتمام الشخصية المغربية بمحيطها الإسلامي: وقد تجلى ذلك بانفتاح العلماء المغاربة على محيطهم الإسلامي عموما والمغاربي خصوصا، وكانت الرحلات التي يقوم بها علماء المغرب والأندلس إلى المشرق مظهرا لهذا الانفتاح الذي أثمر في بناء جسور للتواصل بين المغرب الإسلامي والمشرق.

ويقف جعفر الكنسوسي عن الميزة السادسة التي يراها في التعايش اللغوي حيث تعايش ومنذ قرون اللغة العربية والأمازيغية في المغرب دون أي صدام بينهما، بل أسهمت اللغة الأمازيغية إلى جانب شقيقتها العربية في صياغة البعد الثّقافي للهوية المغربية بما تحمل كل منها من تراث زاخر وتاريخ عريق.

وقد أنهى جعفر الكنسوسي محاضرته بدعوة الباحثين إلى الاهتمام بموضوع الهوية المغربية والتأصيل له من كتب التراث المغربي الزاخر، وكذلك مما ألف في هذا المجال من أبحاث أجنبية، وهو ما يستدعي من الطلبة الباحثين تعلم اللغات الأجنبية التي لا غنى عنها من أجل البحث الرصين الذي يبرز الصورة الكاملة لهذه الهوية العريقة في التاريخ.

Share
  • Link copied
المقال التالي