بعد رضوخ محكمة العدل الأوربية لضغوط ومناورات خصوم المغرب المدعومين من طرف الجزائر، وإصدار قرارها بعدم قانونية اتفاقيتي الصيد البحري والتبادل التجاري الأوروبية-المغربية، التي تشمل أراضي ومياه الصحراء المغربية، أكد بيان أعقب القرار بسويعات قليلة أن المغرب والاتحاد الأوروبي سيعملان على “استمرار العلاقات التجارية بينهما، وضمان الإطار القانوني لاستقرارها.”
مناورات فاشلة
المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية حسن بلوان، قال في هذا الصدد، “من المعلوم أنها ليست المرة الاولى التي يتحرك فيها أعداء الوحدة الترابية لتسميم العلاقات بين المملكة المغربية والاتحاد الاوربي منذ سنة 2015 مرورا بسنة 2018، وصولا لسنة 2021. لكن جميع هذه المناورات تذهب سدا.”
والدليل على ذلك البلاغ المشترك الذي صدر اليوم بعد دقائق من قرار المحكمة الاوربية، بين وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة ومنسق السياسة الخارجية الاوربي جوزيف بوريل، الذي أثنى على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين والبحث عن سبل تطويرها واستمرارها وضمان الإطار القانوني لحمايتها وتنويع إجراءات الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين.”
وأضاف في تصريح خص به جريدة “بناصا” الإلكترونية، “رغم ما يمكن أن يفسر به هذا القرار، إلا أنه لا يؤثر على حجم وقوة الشراكة المغربية الاوربية بحكم الروابط الوثيقة التاريخية والاقتصادية التي تجمع بين المغرب ومعظم الدول الاوربية خاصة فرنسا واسبانيا التي تعد أكبر مستفيد من هاتين الاتفاقيتين في الصحراء المغربية.”
وأشار بلوان أن “قرار محكمة العدل الأوربية لايدخل حيز التنفيذ الفوري، ولا زالت تنتظره أشواط استئنافية من التقاضي، إلا أنه يطرح سؤال تسييس ونزاهة الجسم القضائي الأوربي الذي يخضع لأحزاب ومنظمات متطرفة معروفة بعدائها للمغرب، وأثبتت تقارير أوربية عدم حيادها ودخولها في علاقات مصالح مع الجزائر وصنيعتها جبهة البوليساريو الإرهابية”.
لن يؤثر لا اقتصاديا ولا تجاريا
ولامس المحلل السياسي من خلاله تصريحه للجريدة جوانب وزوايا متعددة كمآلات للقرار، فقال”هذا القرار كسابقيه لن يؤثر اقتصاديا ولا تجاريا على المغرب، بالنظر الى أن بعض الدول الاوربية هي المتضررة من الغاء الاتفاقيتين خاصة اسبانيا”، مضيفا أنه ومن جهة اخرى “هناك تهافت بين الدول على المنتوج البحري المغربي، وأي فراغ أوربي سيكون في صالح الشركات الروسية واليابانية والصينية…”
من زاوية ثانية، تابع بلوان، أنه “لا يمكن أن تقبل اسبانيا وفرنسا بهذا القرار، وسيتم إعادة سيناريو 2018 فبعد احتجاجات عنيفة لأرباب الشركات الاسبانية العاملة في الصحراء المغربية، اضطر الاتحاد الاوربي لأن يجدد الاتفاقيتين، بالإضافة إلى أن فرنسا لا يمكن أن تتغاضى عن الإضرار بمصالح المغرب كشريك وحليف تاريخي وتقليدي.”
قرار مُسيّس
“رغم الابعاد القضائية لهذا القرار، إلا أن حمولتها السياسية ظاهرة للعيان، وهذا ما يجعل الاتحاد الاوربي يبحث عن سبل وإجراءات جديدة لاستمرار الشراكة الاستراتيجية مع المغرب، وذلك لاقتناع معظم الدول الاوربية بأنه لا يمكن التضحية بشريك موثوق ومهم وذي مصداقية من حجم المغرب.”وفقا لتعبير بلوان.
وأكد خبير العلاقات الدولية أن “المغرب يراهن على توطيد العلاقات التجارية والاقتصادية والدبلوماسية مع الدول الأوربية التي يستثمر معظمها في المغرب بما فيها الأقاليم الجنوبية، ولا يمكن لهذه الدول بأي حال من الأحوال أن تسمح بفقدان سوق مغربية واعدة، خاصة مع ما تشكله منطقة الصحراء من آفاق واعدة لجلب الاستثمارات نحو إفريقيا”.
فقدان للمصداقية
وفي المقابل، ذكر بلوان، أن “تكرار مثل هذه القرارات من محكمة العدل الاوربية، ثم الغاؤها المستمر من طرف الاتحاد الاوربي أفقدها المصداقية والاثر القانوني والواقعي خاصة وأن الطرف المقدم للدعوى لا يتمتع بالشخصية المعنوية كطرف يعترف به القانون الدولي، وهو ما يجعل القرار مسيّسا وخاضعا لضغوط اللوبي الجزائري الذي ينفق بسخاء ضد مصالح المغرب والترويج للفكر الانفصالي الارهابي.”
هذا ويذكر أن المغرب والاتحاد الأوروبي، قرارا اليوم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني لضمان استمرار واستقرار العلاقات التجارية بينهما، عقب إلغاء محكمة العدل الأوروبية اتفاقين تجاريين بينهما بسبب إقليم الصحراء، وفقا لبيان مشترك لـ “جوزيب بوريل” الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
وجاء قرار محكمة العدل الأوروبية، الذي يلغي قرارين تجاريين لمجلس الاتحاد الأوروبي، المتعلق باتفاقيتين أبرمهما المغرب والتكتل حول الصيد البحري والزراعي، تشملان سواحل ومنتجات إقليم الصحراء، عقب شكاوى تقدمت بها جبهة “البوليساريو” ضد الاتفاقيتين.
تعليقات الزوار ( 0 )