شارك المقال
  • تم النسخ

“إعمار الكويرة”.. خنقٌ لنواذيبو أم خدمة للتّكامل الاقتصاديّ بين المغرب وموريتانيا؟

مباشرةً بعد دخول القوات المسلحة الملكية المغربية إلى منطقة الكويرة، في أقصى الجنوب، وتناسل الأخبار عن عزم المملكة إعمارها، وتشييد مجموعة من المشاريع الضخمة على رأسها الميناء، سادت حالة من السخط في الأوساط الموريتانية، وطالب نشطاء وأكاديميون وإعلاميون من الجارة الجنوبية، بتحرك الجيش للحيلولة دون بسط المغرب لسيطرته عليها.

وبرّر الموريتانيون هذا الأمر، بالقول إن إعمار الكويرة يعني خنق نواذيبو اقتصادياً، وهو ما سيضر ببلادهم، مروجين أن الاتفاقيات الدولية الموقعة في هذا الصدد، تخول للجارة الجنوبية للمغرب، ضم المنطقة المذكورة إلى ترابها، وهو المجانب للحقيقة، باعتبار أن الكويرة، أراضي مغربية وضعت ضمن المنطقة العازلة، قبل أن تقرر المملكة استرجاعها بعد إغلاقها للحزام الأمني قرب الكركارات.

ومقابل ذلك، أعرب مجموعة من الموريتانيين في تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، عن استبشارهم بالخطوة المغربية التي من شأنها أن توفر لسكان مدينة نواذيبو، أماكن سياحية وفرص شغل لزيارته، خصوصاً بعد تناقل تقارير إعلامية، أنه من بين المشاريع التي يعتزم المغرب تشييدها، الفناديق ومحمية طبيعية.

وفي هذا السياق، قال محمد سليم وهو محلل اقتصادي وباحث في تاريخ المغرب، إن ربط إعمار الكويرة بوجود خطر على اقتصاد مدينة نواذيبو، مجرد “هرطقة لا تمت للواقع بأي صلة”، مضيفاً أن هناك أطرافاً تحاول “اللعب عل الوتر الحساس لعلاقة الشعبين والدولتين، وهي من تجند بعض الأقلام وتحرك آلية بروباغندا لتحريك الرأي العام الموريتاني ضد المغرب”.

وأوضح سليم في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “الجزائر والبوليساريو يعلمون أن مخططهم قد أقبر ومن المستحيل أن يحلموا بالكويرة مجدداً، أو حتى أن يلامسوا ترابها وكل أملهم اليوم هو تأجيج الخلاف بين المغاربة والموريتانيين حول هذه المنطقة وهمهم من ذلك هو بقاء وضع المدينة قاحلة كما هي عليه وعدم الاستنفاع بها وهذه حماقة بعينها، فالمغرب قرر بالفعل ولن يمنعه عن ذلك أحد”.

وتابع سليم بأن إعمار الكويرة، “سيضاعف اقتصاد مدينة نواذيبو عدة مرات”، مسترسلاً: “لنكن منطقيين تأمين المغرب لمعبر الكركرات وتأمينه في وجه التجارة الدولية والمنطقة اللوجيستيكية بنفس المنطقة ستزيد من مقدار حركة الشاحنات وأي إعمار للمدينة سيأتي بالسياحة التي سيستفيد منها الجميع”.

ونبه المحلل الاقتصادي نفسه، إلى أن “أي منطقة تجارية ستضاعف التجارة وكلما زاد الزخم الاقتصادي، زاد التبادل التجاري بين الدولتين”، وكلما زاد الزخم الاقتصادي والتبادل التجاري، “زاد الاندماج والتكامل الإقتصادي، وهو ما سيعود بالنفع على الطرفين، لهذا يجب على الموريتانيين التحلي بعقلية التاجر لا بعقلية التقوقع والخوف من أي تضخم اقتصادي للمنطقة”.

وشدد سليم في تدوينة أخرى، على أن المغرب يدافع على مصالحه، وأيضا، يسعى للحفاظ على مصالح موريتانيا الاقتصادية، و”تكوين شراكة حقيقية معها بعد إنهاء مرحلة الانفصاليين”، مسترسلاً بأن يد المملكة ممدودة و”إعمار مدينة الكويرة هو لصالح تنمية نواذيبو أيضا، وليس للمنافشة بل للتكامل الاقتصادي بيان أحفاد المرابطين المغاربة والشناقطة معاً”.

من جانبه، اعتبر الإعلامي المصطفى العسري، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن “إعمار وتعمير الكويرة سيكون المستفيد الأكبر منه هو الشعب الموريتاني، فالتعمير يحتاج إلى اليد العاملة، كما أن الإعمار يعني بنية تحتية من فنادق ومستشفيات ومركبات تجارية، ما يعني التكامل بين المنطقتين الحرتين لنواذيبو والكويرة”.

يشار إلى أن المغرب، انسحب من مدينة الكويرة سنة 1989، بعد أن أدرجها داخل الجدار الأمني قبيل توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1991، غير أن تأمين معبر الكركارات الذي اعتاد جبهة البوليساريو عرقلته باستمرار، وإغلاق الحزام الأمني، دفع المملكة إلى السعي لبسط نفوذها على أقصى رقعة جغرافية في جنوبها.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي