Share
  • Link copied

أيّ مُستقبلٍ لـ”فدراليةِ اليسارِ” في ظلّ “صراعِ الإخوةِ الأعداءِ”؟

في سنة 2014، تحالف ثلاثة أحزاب يسارية مغربية، هي الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الوطني الاتحادي، مشكلين فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي حاولت جمع “الرفاق الأعداء”، بعد 5 سنوات من الحوار، في إطار ما سمي وقتها بـ”تحالف اليسار الديمقراطي”، بهدف رئيسي، هو الانتقال من النضال الجماهيري إلى المساهمة في التحول من “نظام مخزني”، إلى “نظام ديمقراطي”، مع التمسك بالثوابت الوطنية، والثقافة و”الهويية المغربية؛ العربية الأمازيية الإسلامية المنفتحة”.

وبعدها بسنة، حصلت فيدرالية اليسار الديمقراطي على 333 مقعدا في الجماعات الترابية بمختلف أرجاء المملكة. بالرغم من تواضع النتيجة، بالنظر إلى وجود 3 أحزاب، إلا أنها كانت حافزا للمولود الجديد، الذي يسعى لإبراز نفسه في الساحة السياسية المغربية، حيث واصل التحالف على نفس النهج، ليتمكن من ضمان تمثيلية في البرلمان، بمقعدين، عن طريق كل من مصطفى الشناوي وعمر بلافريج، في الانتخابات التشريعية 2016.

بعد الانتخابات بيوم واحد، خرج بلافريج، ليصف عدم تمكن نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، أحد الثلاثي المكون لفدرالية اليسار، من الفوز بمقعد في البرلمان، بالخسارة الكبيرة للمغرب، غير أنه سرعان ما تحول المدح، لشد وجذب بين الطرفين، واختلاف تجاوز اجتماعات الحزب ليصل لصفحات الجرائد والمواقع، ليتطور الجدال إلى درجة وصوله لمرحلة وصفها كثيرون بـ”الوقحة”، وذلك خلال فترة تفشي كورونا في المغرب.

وكانت منيب، قد اعتبرت أن فيروس “كوفيد-19″، مؤامرة وصناعة أمريكية، الأمر أثار سخرية واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ليقرر بعدها، بلافريج، مراسلة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، مطالبا إياه بمحاربة “الفكر الخرافي والتفسيرات الشعبوية التي تضلل الرأي العام وتشيع معلومات تهدد أحيانا سلامة المواطنات والمواطنين” في خطوة رآى الكثير من المراقبين، بأنها تقصد ما قالته نبيلة.

توالي الشد الجذب دفع الكثير من المتعاطفين مع فدرالية اليسار، إلى التساءل عن مصير هذا التحالف، وأين يتجه مشروع الانصهار في حزب واحد، خاصة في ظل اقتراب المؤتمر الوطني للاشتراكي الموحد وانتهاء الولاية الثانية لمنيب على رأسه، إلى جانب بقاء سنة على استحقاق الانتخابات التشريعية 2021، التي يعول عليها “المتحالفون” من أجل تحقيق نتيجة أفضل من سابقتها.

وفي هذا السياق، قال خالد الزهري، عضو حزب الاشتراكي الموحد في تصريح لجريدة “بناصا”: إنه “لا وجود لأي صراع ولا عداء داخل فيدرالية اليسار”، مضيفا بأن “هناك تضخيما للمسألة أكثر من اللازم في وسائل الإعلام، وحقيقة الأمر أن هناك اختلافا في وجهات النظر، بخصوص كيفية وتوقيت تنزيل الفيدرالية والانصهار التام في كيان واحد، وهذا أمر طبيعي في إطار الديمقراطية الداخلية”، حسب المتحدث.

وبخصوص موعد الاندماج يقول الزهري، إن “طبيعة الكيان المقبل للفدرالية، هل سيكون حزبا كبيرا؟ أو تنسيقية بين 3 أحزاب كما هو الشأن حاليا؟ لا يمكن لأحد أن يقرر فيها لوحده، فهناك الكثير من المعطيات، بالإضافة إلى أن القرار الانصهار لا يهم الاشتراكي الموحد لوحده، لأن هناك حزبين آخرين يهمهما الموضوع، ويتعلق الأمر بالطليعة الديمقراطي الاشتراطي والمؤتمر الوطني الاتحادي”.

وأوضح الزهري، بأن “الانصهار قادم لا محالة، ولكن النقاش يبقى في توقيت ذلك، وأعتقد أنه لن يكون قريبا”، مجددا التذكير بأن “ما تم تداوله مؤخرا في بعض الجرائد، بخصوص الصراعات الطاحنة والعداوات داخل فدرالية اليسار الديمقراطي، لا أساس له من الصحة، وواقع الأمر أن هناك اختلافات في نقطة الفيدرالية فقط، وهذا ليس عيبا أو حتى حراما سياسيا”.

ويرجح آخرون، بأن سبب الخلافات، كامن في توقيت التنزيل، الذي يرى بعض مناضلي الأحزاب الثلاثة المكونة للفدرالية، في ضرورة أن يكون قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، ليدخل اليسار المتحالف الاستحقاقات بلباس جديد، يضفي عليه قوة تنظيمية تمنح إضافة في المحفل، فيما تطالب فئة أخرى، بإرجاء الأمر إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، والتريث قبل اتخاذ هذه الخطوة التي تعتبر “مصيرية” بالنسبة للتكتل اليساري.

فيما تشير معطيات أخرى، إلى أن تنزيل الفدرالية إلى أرض الواقع، متأخر بسبب اختلاف في الشخصية الأنسب لقيادة الكيان، في ظل انقسام أعضاء الأحزاب الثلاثة، على شخصية الزعيم، حيث يرى البعض بأن منيب هي الشخصية الأنسب لقيادة الاندماج، فيما تفضل فئة أخرى، بلافريج، ومن بينهم عبد السلام العزيز، الأمين العام للمؤتمر الاتحادي، الذي يذهب إلى أن عمر هو الأنسب لتولي زمام الأمور بعد الانصهار، خاصة أنه يحظى بقبول داخل الطليعة والمؤتمر والاشتراكي الموحد، إلى جانب أنه شخصية محببة لدى فئة عريضة من المغاربة.

Share
  • Link copied
المقال التالي