Share
  • Link copied

أين تبخرت ميزانيات إقليم سيدي سليمان؟

على غرار عدد من العمالات في المغرب لا تتوفر بيانات مفصلة بشكل علني حول مداخيل عمالة إقليم سيدي سليمان، حيث أن تقارير المداخيل عادة ما تكون مجمعة على مستوى الجهات، أو يتم تركيزها في الميزانيات العامة المقدمة من طرف الحكومة للجهات أو الأقاليم.

ومع ذلك يمكن القول بأن مداخيل عمالة إقليم سيدي سليمان تتأثر بعدة عوامل:

  1. الضرائب المحلية: تأتي مداخيل الإقليم من الضرائب المفروضة على الممتلكات والخدمات والأعمال وليس هناك أي بيانات تفصيلية حول هذه المداخيل منشورة للعموم!
  2. دعم الحكومة المركزية: يشمل تحويلات الدولة التي تدعم الميزانية المحلية للإقليم، والتي تكون موجهة لمشاريع البنية التحتية والخدمات العامة ولا أحد من ساكنة الإقليم يتوفر على معلومات أو معطيات أو بيانات رقمية حول هذا النوع من الدعم، خصوصا وأن هناك أحياء في قلب المدينة تغرق في الوحل خلال فصل الشتاء، دون الحديث عن تدهور الكثير من الخدمات ذات الصلة بالحق في الحياة والعيش الكريم!
  3. المشاريع الزراعية: يعتبر إقليم سيدي سليمان منطقة زراعية بامتياز، ما يعني أن الأنشطة الفلاحية تلعب دورًا هامًا في الاقتصاد المحلي، وربما تساهم بشكل غير مباشر في المداخيل من خلال الضرائب والتجارة. المعطى الوحيد الذي أصبح معلوما لدى الجميع وهو أن أجود الأراضي الفلاحية في الإقليم تم تفويتها وفي (إطار القانون) للخواص وللأعيان الانتخابية مثل اراضي صوديا وسوجيطا والأراضي السلالية، في الوقت الذي لازال فيه العمال الزراعيين يعانون في صمت ويحتجون ضد مصادرة حقوقهم كعمال!
  4. المساعدات الدولية أو المشاريع التنموية: قد تحصل العمالة على دعم مالي لتنفيذ مشاريع تنموية في إطار التعاون الدولي أو برامج تنمية الأقاليم الأقل نمواً. ليس هناك أي معطيات حول هذا الموضوع ونسأل الله الفرج عن معطياتها إذا كانت هناك مساعدات دولية لتنمية هذا الإقليم الذي يصنف في تقارير المندوبية السامية للتخطيط ضمن الأقاليم الهشة وهي الهشاشة التي دفعت بعض شبابه الى الهجرة السرية والبعض الآخر الى الارتماء في أحضان التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق!

في ظل هذا الوضع المؤلم جدا، وفي غياب أي معطيات منشورة ومتاحة للعموم، ما هي الآليات التي يمكن من خلالها مراقبة مداخيل ونفقات عمالة إقليم سيدي سليمان، الذي اصبح حديث الناس أجمعين من داخل المغرب ومن خارجه؟

بشكل عام، يمكن القول أنه في المغرب، تتم مراقبة مداخيل ونفقات العمالات والجهات عبر عدة آليات، تهدف إلى ضمان الشفافية، المساءلة، وكفاءة إدارة الأموال العامة. من أبرز هذه الآليات:

  1. الرقابة المالية الداخلية

المفتشية العامة للمالية: تراقب هذه الهيئة المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، العمليات المالية التي تشمل الأموال العامة، بما في ذلك مداخيل ونفقات الأقاليم والعمالات. لم أعثر على أي تقرير يخص هاد النوع من العمليات. إذا كانت هناك تقارير في الموضوع، فكيف يمكن الوصول إليها والاستفادة من معطياتها في إطار الحق في المعلومة؟

المجالس الجهوية للحسابات: تقوم المجالس الجهوية للحسابات بمراقبة التصرف في الأموال العامة على مستوى الأقاليم والعمالات. تقوم هذه المجالس بالتحقق من حسن تدبير الموارد المالية من خلال مراقبة النفقات، الإيرادات، والمشاريع التي يتم تمويلها من الميزانية المحلية. كيف يتم التعامل مع تقارير التحقيق؟ وماذا يكون مآلها؟ وهل يتم ترتيب الأثر في مواجهة الجميع على أساسها؟

المفتشية العامة لوزارة الداخلية: هناك مجهود كبير واقليم سيدي سليمان من الأقاليم التي تم فيها عزل عدد كبير من المنتخبين بناء على ما ورد في تقارير هذه المفتشية ولكن السؤال المطروح هو: كم عدد الملفات التي أحيلت على محكمة جرائم الأموال بناء على تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية باقليم سيدي سليمان؟ وكم من منتخب دخل السجن على أساس هذه التقارير؟ هل تفعل هذه التقارير في مواجهة كل المتورطين أم أن 8التفعيل يكون انتقائيا؟

  1. الرقابة البرلمانية

لجنة المالية في البرلمان: تقوم اللجنة المكلفة بالمالية في البرلمان المغربي بمراقبة تنفيذ ميزانية الدولة، بما في ذلك الميزانية المخصصة للجهات والأقاليم. كما يمكنها طلب تقارير تتعلق بالميزانيات المحلية. هل سبق لهذه اللجنة المهمة أن طلبت أي تقرير حول ميزانية إقليم سيدي سليمان في إطار مهامها الرقابية؟

أسئلة ومناقشات في البرلمان: يمكن للبرلمانيين، من خلال الأسئلة الموجهة إلى الحكومة، الحصول على تفاصيل حول كيفية إنفاق مداخيل الأقاليم، وخاصة في ما يتعلق بالمشاريع الكبرى أو القضايا التي تهم المواطنين. هل سبق لبرلمانيي الإقليم مطالبة الحكومة بأي تفاصيل حول ذلك؟

  1. الرقابة المحلية

المجالس الإقليمية والجماعية: كل جماعة أو عمالة لديها مجلس منتخب يشرف على إدارة الموارد المالية الخاصة بها. تتبع هذه المجالس آليات للمراجعة الداخلية ورفع التقارير حول المداخيل والنفقات إلى السلطات المركزية. هل تتم إحاطة المواطنين علما بتفاصيل تلك التقارير التي ترفع الى السلطات المركزية؟ أم انها تقارير تكون مطبوعة بالسرية؟

تقرير الميزانية السنوي: تقوم المجالس المحلية بإعداد تقرير سنوي يتضمن تفاصيل حول المداخيل والنفقات على مستوى العمالات والأقاليم. غالبا ما تكون هذه التقارير متاحة للمواطنين والمجتمع المدني بل وتجدها متداولة في مواقع التواصل الاجتماعي!

  1. الرقابة القضائية

المجلس الأعلى للحسابات: هو الهيئة القضائية العليا المكلفة بمراقبة حسابات المؤسسات العمومية على مختلف المستويات، بما في ذلك العمالات والجهات. يعمل المجلس على فحص تقارير الحسابات وإجراء التدقيقات المالية. نعم هناك تقارير تنجز وقد تم ترتيب الأثر القانوني على أساسها في مواجهة عدد من المنتخبين في عدد من الجهات والاقاليم!

المحاسبة والتدقيق: يتم إجراء عمليات تدقيق منتظمة من قبل مختصين خارجيين أو محاسبين معتمدين لمراجعة الصفقات العمومية والتمويلات المحلية، وتقديم تقارير حول سلامة العمليات المالية. ليس هناك أي معطيات بخصوص هذا الأمر..

  1. الشفافية والمساءلة العامة

تقرير الأداء والميزانية: في إطار قانون المالية، يجب على الحكومة تقديم تقارير دورية تبرز تطور تنفيذ الميزانية على مستوى الجهات والأقاليم، بما في ذلك مداخيل ونفقات هذه الأقاليم. غالبا ما تتم هذه العملية ولكن بدون اي بيانات تفصيلية حول كل اقليم على حدة!

إتاحة المعلومات العامة: يتم نشر بعض التقارير المالية عبر المواقع الرسمية للوزارات أو المجالس الجهوية، مما يوفر للمواطنين والمجتمع المدني إمكانية الاطلاع على التفاصيل المتعلقة بإدارة الأموال المحلية. نعم تنشر بعض التقارير وليس كل التقارير ويمكن أن هناك اكراهات لا نعرف طبيعتها!

  1. دور المجتمع المدني والإعلام

مراقبة منظمات المجتمع المدني: هناك العديد من المنظمات غير الحكومية التي تراقب وتقوم بتقييم تدبير الموارد المالية على مستوى الأقاليم، وتعمل على كشف أي اختلالات أو سوء تدبير من خلال تقارير شاملة. للأسف الشديد هاد النوع من المجتمع المدني أصبح عملة ناذرة لأن الجزء الأكبر من جمعيات المجتمع المدني ترتبط بمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ولا يمكن لها النبش في مثل هذه الأمور شديدة الحساسية حتى تظل العلاقة مع المسؤولين إقليميا على أحسن ما يرام !

الدور الرقابي للإعلام: يتمتع الإعلام المغربي بدور في مراقبة عمل الحكومات المحلية من خلال التحقيقات الصحفية والتقارير التي تركز على كيفية صرف الأموال في المشاريع التنموية. في ظل الحصار المضروب على المعلومة غالبا ما يتم الاعتماد على تسريبات أو على أخبار غير موثوقة تكون في الغالب محفوفة بمخاطر المتابعة القضائية!

  1. الآليات الرقمية

الرقابة الرقمية والشفافية الإلكترونية: بدأ المغرب في السنوات الأخيرة في تعزيز الرقابة المالية عبر التقنيات الحديثة، بما في ذلك النظم الرقمية لإدارة الميزانيات المحلية، وتسهيل الوصول إلى تقارير الميزانية والمراجعة المالية عبر الإنترنت. لا أظن أن هذا الأمر متاحا على مستوى عمالات الأقاليم ومن ضمنها طبعا عمالة إقليم سيدي سليمان.

من خلال هذه الآليات المتعددة، يسعى المغرب إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في تدبير المداخيل والنفقات على مستوى الأقاليم والجهات.

فهل يمكن للسيد عامل اقليم سيدي سليمان الجديد إدريس الروبيو إسداء خدمة لساكنة الإقليم مستقبلا من خلال نشر بيانات تفصيلية حول مداخيل ونفقات عمالة إقليم سيدي سليمان مند إحداثها الى غاية اليوم وتحديد أوجه صرفها ونتائج ذلك على المستوى التنموي في إطار تمكين ساكنة الإقليم والرأي العام الوطني من الحق في المعلومة، لاسيما، بعد أن أصبح هذا الإقليم حديث الصحافة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؟

ندرك أن المسؤولية ليست سهلة وأن هناك تحديات جسيمة ستواجهكم السيد عامل الإقليم، وأنكم محتاجون الى من يساعدكم على النهوض بوضعية هذا الإقليم الذي أخد منه الفساد أكثر مما أخدثه التنمية مند عقود، ولكن هذا الأمر يتوقف على وجود الارادة الصادقة في العمل فقط، ولا شيء آخر غير الإرادة، لاسيما، وأن السيد والي جهة الرباط سلا القنيطرة، محمد اليعقوبي، والسيد وزير الداخلية، عبد الوافي الفتيت، على علم بكل الملفات الشائكة في اقليم سيدي سليمان، ويدهم ستكون ممدودة لكم من دون أي شك في ذلك بعد أن بلغ الفساد عنان السماء وفاحت رائحته التي أزكمت الأنوف أكثر من رائحة واد بهت الذي تحول إلى مستنقع لكل أصناف الضفاضع والحشرات!

نسأل الله التوفيق لكم جميعا ( عامل الاقليم، الوالي، الوزير) والخزي والعار لهؤلاء المجرمين، الذين عاتوا في الإقليم فسادا واستبدادا لسنوات طوال دون أي حسيب أو رقيب، ودون أي ربط للمسؤولية بالمحاسبة، حتى أصبح إقليم سيدي سليمان من الأقاليم التي يضرب بها المثل في الإفلات من العقاب، والفوضى، والتسيب، والفساد بكل تمظهراته ( الانتخابي، والسياسي، والإداري) للأسف الشديد!

Share
  • Link copied
المقال التالي