Share
  • Link copied

أكاديمي مغربي يقارب الفلسفة الأخلاقية عند عبد السلام ياسين

نورالدين لشهب

يستأنف الباحث الأكاديمي المغربي إدريس مقبول حفرياته المعرفية، هذه المرة في الفلسفة السياسية لدى الراحل عبد السلام ياسين، بنص من 440 صفحة من الحجم الكبير عبر سبعة فصول، اختار له عنوان “ما وراء السياسة: الموقف الأخلاقي في فكر عبد السلام ياسين”.

الكتاب صدر عن دار إفريقيا الشرق، وقدم له المستشرق الإيطالي ماسيمو كامبنيني، أستاذ بجامعة ترنتو الإيطالية معروف بدراساته المرجعية في مجال التاريخ والفلسفة السياسية عند كل من الفارابي وابن سينا وابن رشد، وغيرهم.

ومما جاء في التقديم: “نقرأ من خلال هذا الكتاب كيف يعرض الفكر السياسي عند عبد السلام ياسين نموذج الإسلام باعتباره أخلاقا وليس فقها، قِيَما وليس أحكاما، فالتركيز على البعد الأخلاقي يغطي كل مساحة تفسير الفعل السياسي في عالم اليوم، من هنا نفهم كيف يفسر ياسين أن تخلف الإنسانية هو تخلف في الروح والقيم، وليس تخلفا في الماديات والأدوات، حين تتحكم “المصالح” و”الأغراض الحزبية أو الشخصية” فقط في السياسة، تصبح السياسة تراجيديا مقرفة جدا وسيئة للغاية”.

وعن فلسفة الكتاب، يذكر ماسيمو كامبنيني أن “السياسة عند عبد السلام ياسين ليست أرباحا وظهورا واكتساحا، وإنما اختبارا لقدرة الإنسان على مقاومة إغراء التَّسَيُّد والسلطة. لهذا نجده وهو ينتقد الأنظمة الأوتوقراطية الفردية ويدعو لإصلاح ديمقراطي حقيقي، يحذر العلماء من أن يتركوا وظيفة تربية الناس؛ السياسة الكبرى، وينصرفوا لممارسة السياسة التقنية”.

الكتاب عبارة عن مشاريع “تجاوب” معرفي كما أرادها الباحث، تستهدف “رفع الغطاء عن الفكر السياسي للإمام ياسين؛ وذلك من خلال إعادة الاعتبار لنصوصه بالدرجة الأولى بعيدا عن التأويلات المغرضة أو أجزاء النصوص التي لا تعكس الحقيقة كاملة إلا بضم بعضها لبعض، وأيضا من خلال قراءتها في سياقاتها التاريخية حتى يتمكن القارئ من استيعاب تطورها، ففكر الإمام ياسين بما هو اجتهاد عرف تغيرات في عدد من إحداثياته، ولا يمكن فهمها إلا بوضعها في سياقها وربطها بأسبابها وحيثياتها”.

وعبْر الكتاب يمر بنا المؤلف إلى قضايا نظرية يشتبك فيها الفكر السياسي عند ياسين عبر مساحة شاسعة مع النظريات السياسية في حوار وجدل، تارة يتسم بالقوة وأخرى بالهدوء، ومع عدد من المرجعيات التي تناولت أنظمة الحكم والدساتير وفصل السلط وإصلاح العدالة والسياسة الخارجية وطبيعة الميثاق ونظريات التغيير وفلسفة التحالفات والعمل النقابي والحزبي.

عبد السلام ياسين، كما يقول إدريس مقبول، “يبقى مفكرا متميزا، ويعتبر شاهدا على أكبر التحولات الفكرية والسياسية والثورية للقرن العشرين، وهو رجل من الأخلاقيين الكبار؛ إذ أعاد للتجربة الدينية وهجها وصفاءها وحقيقتها، فكان من هذا الوجه مجددا للدين وصاحب فلسفة في الحياة من دون منازع، ذلك أنه أحيى البعد الديني في الثورة الإنسانية، في الوقت الذي بعث ثورة في الدين، فأخرجه من صيغته السكونية الامتثالية الكسولة إلى نموذج تقدمي مثالي لــ”الحياة” (بالتعريف) بكل معانيها الجميلة، ودعا في مدرسته إلى قيام مجتمع إنساني حي، كما يناضل من أجل حقه في معرفة “السماء” يناضل من أجل حقه في “الأرض”، يناضل من أجل كسر أغلاله وانتزاع حقوقه في الحياة الكريمة بنفس الهمة الكفاحية، لأن الكرامة كما تتجسد في التدين تتجسد في الثورة، وهو بعمله هذا يذكرنا بما قاله علي عزت بجوفيتش في مرة من المرات من أن “المجتمع العاجز عن التدين، هو أيضا عاجز عن الثورة”.

Share
  • Link copied
المقال التالي