شارك المقال
  • تم النسخ

أغلبيتهم نساء.. البِطَالة تعْصِفُ بالشّبابِ المغرِبيّ في عَددٍ من القِطاعَات الحَيويّة

بسبب تدهور النمو الاقتصادي الوطني، الذي شهده المغرب جراء تأثيرات الوباء والجفاف، عرف سوق الشغل خلال سنة الجارية 2020، فقدان العديد من المناصب وصلت إلى 712 ألف منصب شغل، وذلك بناء على فرضية استمرار المنحى التنازلي لمعدل النشاط، مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة على المستوى الوطني إلى حوالي %14,8، أي بزيادة 5,6 نقطة مقارنة بمستواه المسجل سنة 2019.

وأفادت المندوبية السامية للتخطيط، من خلال قراءة الوضعية الاقتصادية، أنّ الاقتصاد الوطني لسنة 2020، عرف ركودا هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقدين من الزمن، نتيجة التأثير المزدوج للجفاف الذي تعرفه بلادنا وتفشي وباء فيروس كورونا في العالم بأسره.

وتوقعت المندوبية أن تُخلِّف هذه الأزمة عواقب وخيمة على النشاط الاقتصادي الوطني، تجاوزت تداعياتها تلك الناتجة عن الأزمة المالية لسنة 2008، وبذلك ستتأثر عدة قطاعات رئيسية بالنتائج السلبية للأزمة الصحية والاقتصادية، خاصة أنشطة السياحة والنقل والبناء وكذا الصناعات التحويلية التي ستعاني من انخفاض الطلب الخارجي الوارد أساسا من القارة الأوروبية.

وسجّلت المندوبية، أنّ الموسم الفلاحي 2019-2020، عرف عجزا في التساقطات المطرية، للسنة الثانية على التوالي، حيث لم تتجاوز سعتها 253 ملم، ليبلغ مستوى حقينة السدود حوالي %48 مقابل %65 خلال السنة الماضية. وهكذا سيسجل القطاع الفلاحي إنتاجا للحبوب لا يتجاوز 30 مليون قنطار (16,5 مليون قنطار من القمح الطري و7,5 مليون قنطار من القمح الصلب و5,8  مليون قنطار من الشعير)، أي بانخفاض ب 42% مقارنة بالموسم الفلاحي الماضي.

وأضافت المندوبية السامية للتخطيط، أنّ التقلبات المناخية ستؤثر، ولكن بدرجة أقل، على أنشطة الزراعات الأخرى. وبخصوص أنشطة تربية الماشية، وستمكن التساقطات المطرية المسجلة من التخفيف من حدة التأثيرات السلبية للجفاف وتحسن موارد الأعلاف بالمراعي.

وأبرزت المندوبية، أنّ أنشطة قطاع الصيد البحري، تراجعت خلال سنة 2020، متأثرة بالنتائج غير الجيدة لتسويق منتجات الصيد الساحلي والتقليدي، نتيجة تأثيرات الحجر الصحي، وبناء على هذه التطورات، سيفرز القطاع الأولي انخفاضا في قيمته المضافة بـ%5,7 سنة 2020، بعدما تراجع بـ%4,6  سنة 2019. وبالتالي سيفرز من جديد مساهمة سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي ب -0,4 نقطة.

بدورها عرفت الأنشطة غير الفلاحية، تباطؤا ملحوظا، خاصة نتيجة التأثيرات السلبية للأزمة الصحية. على مستوى القطاع الثانوي، حيث سجلت أنشطة الصناعات التحويلية انخفاضا بحوالي %5,6  سنة 2020 عوض ارتفاع بـ %2,8  سنة 2019. ويعزى تراجع هذه الأنشطة من جهة إلى تباطؤ الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب، خاصة الوارد من الاتحاد الأوروبي ومن جهة أخرى إلى اختلالات على المستوى اللوجستي وإلى تراجع التموين من المدخلات نتيجة أزمة “كوفيد-19”.

وشدّدت المندوبية، على أنه في ظل هذه الظروف، عرفت أنشطة الصناعات الميكانيكية والكهربائية انخفاضا بـ %7,9 عوض ارتفاع بـ%4,7  خلال السنة الجارية 2020. وهكذا، سيتأثر قطاع صناعة السيارات، الذي يمثل %27 من الصادرات الإجمالية، بشكل كبير بأزمة فيروس كورونا، حيث يعتمد إنتاج تركيب وتجميع قطع السيارات كثيرا على المدخلات المستوردة من البلدان الاخرى التي أغلقت فيها العديد من المصانع.

وبالمثل، تأثر قطاع صناعة الطائرات، الذي ينشط في منظومة سلسلة عالمية للقيم، كثيرا بقرارات فرض إغلاق مصانع الطائرات وتجهيزات ومعدات الطيران بالخارج وبأزمة شركات الطيران الجوي.

كما سجلت الصناعات الغذائية انخفاضا بـ %2 خلال هذه السنة عوض ارتفاع بـ %1,1 خلال السنة الماضية. وبالنظر إلى الظرفية الصعبة الناتجة عن وباء كوفيد-19 وفرض حالة الطوارئ الصحية، ستستمر أنشطة الصناعات الغذائية في ضمان التموين العادي والكافي للسوق الوطنية من المنتجات الغذائية. غير أن بعض أنشطة هذا القطاع ستتأثر بتوقف إنتاجها نتيجة الخصاص في التموين من المواد الأولية ومن منتجات الاستهلاك الوسيط.

من جانبه، سجّل قطاع صناعة النسيج والجلد، في أنشطته انخفاضا بـ%14,6  خلال السنة الجارية عوض ارتفاع بـ%3,1  سنة 2019، نتيجة تراجع الطلب ارتباطا بمشاكل لوجستية، خاصة في إسبانيا وفرنسا اللتين تستحوذان معا على حوالي %60 من صادرات هذا القطاع. كما ستؤثر الاختلالات التي تواجهها المجموعات الكبرى لهذا القطاع على الصعيد الدولي، على إنتاج المقاولات المغربية.

وأشارت المندوبية السامية للتخطيط، أنّ القطاع السياحي يعد الأكثر تضرراً بوباء كوفيد-19، نتيجة إجراءات التباعد الاجتماعي وإغلاق الحدود الجوية والبحرية للمسافرين. وأمام التوقف الشبه كامل لأنشطته منذ منتصف مارس 2020، بحيث سجلت قيمتها المضافة معدل نمو سالب قدر بـ %57 عوض ارتفاع بـ %3,7 خلال السنة الماضية.

 وستؤدي هذه الوضعية إلى انهيار قوي لمداخيل السياحة وفقدان كبير للوظائف، مصحوبا بالإفلاس الذي يتهدد العديد من مقاولات التي تعمل في أنشطة الفندقة والمطاعم ووكالات الأسفار وكراء السيارات. وبالتالي، فإن النهوض بأنشطة القطاع ستكون جد صعبة وبطيئة، نتيجة القيود المفروضة على التنقل حتى بعد رفع الحجر الصحي.

وتأثر قطاع النقل سلبا بهذا الوباء، نتيجة ارتباطه الوثيق بخدمات القطاع السياحي، ليسجل انخفاضًا في قيمته المضافة ب%8,9  سنة 2020 عوض نمو بوتيرة %6,6  سنة 2019. وتعزى هذه النتائج غير الملائمة، أساسا، إلى التدابير المتخذة لوقف انتشار الوباء خاصة تلك المتعلقة بالقيود المفروضة على التنقل بين الدول وداخلها.

وفيما يتعلق بالأنشطة التجارية، فإنها ستسجل إجمالا معدل نمو سالب ب%4,7 خلال هذه السنة عوض ارتفاع بـ %2,4 سنة 2019. غير أن بعض الأنشطة ستستفيد من هذه الأزمة خاصة تلك المرتبطة بالمنتجات الغذائية ومنتجات النظافة. بالإضافة إلى ذلك، ستستفيد التجارة الإلكترونية، التي أصبحت ذات أهمية قصوى، بشكل كبير من هذا الوباء، عبر الزيادة القوية في طلب الأسر خلال فترة الحجر.

وأشار المندوبية، إلى أنّه في ظل هذه الظروف، سيعرف حجم الناتج الداخلي الإجمالي، بناء على الانخفاض المرتقب للضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات ب%9 ، معدل نمو سالب بـ %5,8  خلال سنة 2020 عوض زيادة بـ%2,5  المسجلة سنة 2019.

وبخصوص تطور الأسعار الداخلية، سيؤدي انخفاض الأسعار العالمية للمنتجات الطاقية وللمواد الأولية الأخرى، مصحوبا بتباطؤ الطلب، إلى انخفاض المستوى العام للأسعار إلى حوالي %-0,4 عوض ارتفاع بـ %1,3 المسجلة سنة 2019.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي