Share
  • Link copied

أطباء وحقوقيون وجمعويون يشرحون واقع الوضع الصحي بقلعة السراغنة

لم تخف الأزمة المرتبطة بوباء “كوفيد 19” نهائيا الخلاف الذي عمر طويلا بين طرفين “قويين” في القطاع الصحي بمدينة قلعة السراغنة وإن أسكنته قليلا. وحتى وإن كانت المجهودات المبذولة مهمة في مكافحة الوباء، إذ جعلت من الإقليم يخلو من حالات الإصابة المؤكدة بعد تسجيل 5 حالات سابقا ووفاة واحدة. فإن “داء العطب الصحي قديم” على حد تعبير إطار طبي ولا يمكن ربطه ببعض الأشخاص الجدد دون إخلاء مسؤوليتهم، بينما لازال آخرون ساهموا في أزمة القطاع في كراسي المسؤولية مستمرين في نسج تحالفات قوية لحماية أنفسهم ومواجهة أي “إصلاح” أو تغيير يهدد مصالحهم التي باتت متداخلة مع مصالح مؤسسات صحية.

وفهذا الصدد يقول “ع” وهو طبيب سابق بمستشفى “السلامة” الإقليمي بقلعة السراغنة إن مشاكل القطاع يمكن رصدها داخل هذه المؤسسة، التي تعود إلى ثمانينات القرن الماضي، وأن مستويات الأزمة الصحية بالإقليم تتقاطع مع ما هو وطني وتنفرد بما هو خصوصي.

مشاكل ترتبط ببنية الاستقبال الضعيفة

من جانبه اعتبر مصطفى زروال وهو ناشط فايسبوكي أن مستشفى “السلامة” الإقليمي الوحيد، باقليم يفوق عدد سكانه 500 ألف نسمة، يتوفر على بنية استقبال ضعيفة، أمر يتفق معه فيه الطبيب السابق “ع”، مضيفا أن هذا يستفحل أكثر إذا علمنا أن المستشفى، وهو بناية قديمة، يستقبل مرضى من مدن أزيلال و “بزو” … الأمر الذي يجعل هذا المستشفى يتخبط في عشوائية كبيرة، في ظل غياب الكثير من التخصصات به، دون أن يتم تعيين أطباء به لسد هذا الخصاص يحكي رشيد خي رئيس جمعية شباب القدس والمرس للتنمية بقلعة السراغنة.

كما أن السياسة الصحية المتبعة أنتجت بناء مستشفى بتملالت (31 كيلومتر عن مدينة قلعة السراغنة) دون أن يقوم بتخفيف الضغط على المستشفى الإقليمي، وفي هذا الصدد يقول الطبيب “ع” إن مدينة العطاوية كانت أولى به لأنها تعتبر أهم روافد المرضى على المستشفى الإقليمي. ضف إلى هذا أن مستشفى الأميرة للاخديجة بتملالت يضم طاقات شابة في حالة شبه بطالة، الأولى أن تكون بمستشفى “السلامة” الإقليمي.

الصراع النقابي : النقابة قبل وفوق الإدارة.

ويتفق أكثر ممن تحدثت إليهم صحيفة بناصا أن أخطر ما يعانيه الوضع الصحي بالإقليم وخاصة مستشفى “السلامة” هو الصراع النقابي، مع غلبة واضحة لتوجه نقابي أحكم السيطرة على القرار الصحي، وفرض مصالحه على الإدارة الضعيفة بالمستشفى مند سنوات. هذا التحكم النقابي والتدبير غير المعقلن للقطاع من مسؤولين سابقين والمسؤول الحالي جعل قطاع الصحة بقلعة السراغنة على “صفيح ساخن” على حد تعبير طارق موكيل الناشط الحقوقي، بسبب صراع مجموعتين يحدد رشيد خيى الناشط الجمعوي.

ويضيف موكيل أن “هناك أطراف تحتج على تدبير المندوب الحالي وفريق أخر على طريقة تدبير مدير المستشفى” ويضيف أن هناك مستفيدون من خدمات المستشفى يهاجمون المندوبية وآخرين مرتبطين بالأخيرة يحتجون على إدارة المستشفى. وزاد المتحدث أن هناك صراعا غامضا بين المكاتب النقابية الأكثر تمثيلية قديم ومستمر.

ويفسر الطبيب (ع) ذلك بالقول إن النقابة المتحكمة تفرض المقربين منها أطباء أو ممرضين في مناصب المسؤولية دون أهلية لذلك، مما جعل النقابات الصحية لا تملك الجرأة على تحديد حجم الخروقات التي تطال هذا القطاع بالإقليم وشريكا في الأزمة على حد قول الناشط الحقوقي موكيل. ولهدا يدعو زروال إلى تحييد هذا الصراع النقابي لأنه أنهك القطاع.

مستعجلات بالإسم دون الوظيفة

ويرى الطبيب (ع) أن من أهم نقاط ضعف مستشفى “السلامة” هو مستعجلاته نظرا لحالة الفوضى والارتجالية التي تطبعها في ظل غياب أطباء كافين وأطر تمريضية مساعدة. هذا الحال السيء يمتد كما يقول إلى قسم النساء والتوليد ودائما برعاية نقابية فاضحة.

ويرد على مستعجلات قلعة السراغنة ليلا ما يقارب 200 شخص في حالات إصابة متعددة وخطيرة، وبعض الوافدين في حالة سكر طافح، مما يعرض الأطر الصحية والتمريضية لحرج شديد وخصومات وحتى اعتداءات. أما بعض المداومين فيفضلون “الاختباء” أمام ضغط المرتفقين على هذه المصلحة. غالبا ما يسند العمل في هذه المصلحة لطبيب متمرن أو داخلي وحيد، يجد نفسه عاجزا على التعامل بفعالية مع الحالات الخطيرة الواردة عليه في نفس الوقت.

“فين غادي بي خويا ” : تسيير كارثي لقطاع جد حساس

واتفق أغلب من تحدثت إليهم صحيفة بناصا أن ما يطبع القطاع بالإقليم وخصوصا المستشفى الإقليمي هو التسيير الكارثي لقطاع يمس الإنسان في أغلى ما يملك وهو صحته. تسيير انطبع بالصراع الثنائي القديم الجديد، الذي امتد إلى الأنصار على صفحات “فايسبوك”. بين مسؤولين إقليميين ومدراء المستشفى المذكور.

ولعل أكبر دليل على هذا المزاجية في التسيير، حسب رشيد خي و الطبيب (ع)، هو الأشغال التي عمرت لحوالي عقد من الزمن والتي تسببت في إغلاق المركب الجراحي لمدة طويلة. ضف إلى ذلك حجم الأموال الطائلة المرصودة لهذه الإصلاحات التي لا تبدو لها نهاية قريبة.

ويتجاوز الوضع السيء المستشفى الإقليم إلى المراكز الصحية بالوسطين الحضري والقروي بالإقليم، إذ يذكر الطبيب (م)، الذي اشتغل بهذه المراكز، أنها تعاني من قلة وسائل العمل، وقلة الموارد البشرية الطبية والتمريضية.
ما الحل؟
يقول الطبيب (ع) إن المطلوب كثير ولكن المستعجل على المستوى الإقليمي هو محاربة الفساد الذي ينخر القطاع وتوفير التجهيزات الملائمة والإسراع بإنهاء الأشغال الجارية وضخ طاقات شابة لتعويض النقص الحاد في الأطر الطبية وخاصة التمريضية التي تعاني الشيخوخة في معظمها. أما رشيد خيى فيدعو إلى إضافة تخصصات طبية جديدة وتحصين القديمة للدفاع عن الخدمة الصحية لساكنة الإقليم.

Share
  • Link copied
المقال التالي