يتساءل جميع المواطنين عن أجل وتاريخ انتهاء العمل بالحجر الصحي؟ وهل بنهايته انعدم خطر الاصابة بفيروس كرونا؟ وهل سيستأنفون حياتهم وفقا لما كانت عليه قبل ظهور الفيروس، وقبل العزل الصحي؟ وهل سينعمون بالأمان على صحتهم؟ أم أن خطر الاصابة سيظل قائما يهددهم ما لم يتم التوصل إلى حقنة تقي منه، أو دواء يعالج الجائحة؟
هي أسئلة على ألسنة الجميع يتداولونها في قرارة أنفسهم، وبين العائلات والأسر، وفي اتصالاتهم الهاتفية ؟ ويبحثون عن اجابات لها في الاعلام كما في شبكات التواصل الاجتماعي، ويترقبون خروج الجهات الرسمية ببلاغ او قرار يجيب عنها.
وهو اهتمام ليس حصري واستثناء المغاربة وحسب، بل في كل بلدان العالم، وهي ليست لصيقة بفئة دون غيرها، بل هو موضوع كل الفئات وكل الطبقات. لا تمييز بين الدول العظمى والصغيرة، ولا بين الغني والفقير ولا بين المتعلم وغير المتعلم، فالاهتمام يطال الجميع.
ولا فرق بين السياسي والاقتصادي، ولا فرق بين الرياضي العداء، وذاك المنهك بالأمراض المزمنة، ولا بين الصغير والشاب والمسن والشيخ، الكل في حجر صحي، والكل يطرح نفس التساؤلات؟.
أولاً: من يملك مفاتيح فك الحجر الصحي، أو التأثير في قرار تمديده؟
وإذا كان الأمر كذلك، فمن المسؤول عن فك أو تخفيف اجراءات الحجر الصحي التي نخضع لها؟ هل وحده السياسي؟ أم الطبيب؟ وهل عامة المواطنون قادرون على المساهمة في فعالية الحجر والتعحيل برفعه؟.
لا شك أن السياسي يخضع في هذه اللحظة، لحظة الوباء لقرارات الأطباء وتقاريرهم، فهم وحدهم من يملكون سلطة تحديد طبيعة الخطر الذي يشكله الفيروس؟ وخطر حدة انتشاره على صحة المواطنين، وعلى قدرة تحمل النظام الصحي ؟
وفي هذه اللحظة اختفت سلطات الفاعل الاقتصادي، رغم الضغوط التي يمارسها على السياسي، فأهمية الاقتصاد لا تقوم أمام الأمن الصحي، فالأخير احتل مقدمة أولويات الدولة، فسلطة الدولة السياسية وأجهزتها ، وكذا عموم الشعب والمواطنين أجمعوا على هذه الأولوية، “نحيا متضامنين، ولنواجه تحديات ما بعد الحائحة متحدين”.
ثانيا: انقسام الدول في مواجهة الفيروس بين اختيار الحجر الصحي أو مناعة القطيع!
إلا أن اطالة الحجر وتعدد مدده قد يطرح التساؤل عن نجاعة اختيار الحجر الصحي؟ وهل كان يمكن اتخاذ وسائل أخرى بديلة عن العزل الصحي؟
قد تكون دولة السويد الدولة الوحيدة التي اختارت تطبيق سياسة مناعة القطيع، ولم تخضع مواطنيها للحجر الصحي، وتركت الطبيعة تفعل فاعلتها، وهو ما قد يؤدي حسب الخبراء إلى تكلفة باهضة في الأرواح بين المسنين وحاملي الأمراض المزمنة، ومع ذلك فمن السابق لأوانه ما لم تنته الجائحة مقارنة الخسائر، واي اختيار كان أصلحا وناجعا.
وتجدر الإشارة أن الحجر الصحي اتخذته كل بلدان العالم، ولو بتطبيقات مختلفة، بين المطبق والمتقطع، وبين المميز بين الفئات والقطاعات؟ ومن الدول من اتخذته مبكرا، ومنها من تباطئت في اللجوء اليه، فلا أحد استعد لهذه الجائحة، التي تشبه القوة الفجائية.
وقد استنفذت كل الدول التي أخذت بالحجر الصحي مدده المحددة قانونا، ومع ذلك اضطرت تحت الضرورة والحاجة لحماية حياة وصحة مواطنيها لتمديده لعدة مرات، ففي حالة تدبير أزمة صحية خطيرة كالتي يعيشها العالم، من السفسطة الكبرى اثارة القواعد الدستورية، فلا أحد يهتم ويكترث لذلك، ولا أحد يثير الموضوع وكل ساسة العالم متحدين بحانب الأطباء وقوات الأمن من أجل هزم الوباء والسيطرة عليه.
ففي اسبانيا، استنفذت مدد الإنذار، ومع ذلك فالأغلبية كما المعارضة توحدت بجانب حكومة بيدرو سانشير دون سجال سياسي، اللهم اختلافهم حول شكل عدم انعقاد جلسات البرلمان عن بعد، وضرورة خضوع الحكومة لمراقبة البرلمان.
ثالثا: الفاعل السياسي؛ رفع الحجر الصحي أصعب، وأعقد من قرار تطبيقه ؟
ورغم غموض ما بعد رفع الحجر الصحي، فان بعض بلدان أوروبا وتحت الضغط الاقتصادي، وضدا على توصيات منظمة الصحة العالمية، فقد حددت تواريخ مبكرة للخروج من الحجر الصحي مثل النمسا وجمهورية التشيك والدانمارك، ولكنهم اجمعوا أنه لن يكون بغتة ولا مطلقا، بل سيكون مقيدا وبشروط وعن طريق التدرج، أي أنه لن يكون فوضوي، بل سيكون مراقبا.
وستكون قيود ضرورات مراعاة ضوابط السلامة بارتداء الكمامات، واحترام مسافة الأمان، وتعقيم وسائل التنقل العمومي، وتحديد عدد الركاب. وتنظيم طريقة العمل داخل وحدات الانتاج، وتنظيفها وتجهيزها بأدوات النظافة، وتكييف هوائها لدرجة مائوية معينة( مابين 23و 26 درجة في اسبانيا وتحديد عدد العمال المسموح به في خمسة، ولكل دولة طريقتها وخطتها الخاصة مادامت مناطق وجهات لم تعرف الوباء، وهو ما يفرض تعاملا خاصا.
إن تطبيق الحجر أهون من عملية رفعه الصعبة لأنها تخضع لحسابات وعمليات معقدة جدا؛ فما غموض الوباء، فان الخوف من سؤال نجاعة الحجر الصحي، وهل كان ضروريا؟ وسؤال الخوف من موجات أخرى من نفس الوباء الذي لم يكتسب المواطنون المناعة ضده، ولا تم تحصين البلدان منه. وتأثيره الاقتصادي والنفسي والاجتماعي. يجد السياسي نفسه أمام تقارير متعددة وحلول كثيرة لمعادلة واحدة، ويبقى له الاختيار بين بين حل واحد، هو أخف الأضرار.
نسأل الله أن يرفع عنا البلاء والوباء.
*محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء
تعليقات الزوار ( 0 )