كشفت نتائج استطلاع حديث حول مواقف الشباب المغاربة من الهجرة والمهاجرين عن معطيات وصفت بـ”الصادمة”، لا سيما مع إقرار أزيد من 85 بالمئة من المشاركين بتأييدهم لمنع وصول المهاجرين القادمين من الدول الأفريقية إلى المغرب ومطالبتهم بتعزيز المراقبة على الحدود.
ويقدم الاستطلاع الذي أعدته العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والمركز المغربي للمواطنة (هيئتان غير حكوميتين)، تصورات ومواقف عدد من المواطنين المغاربة حول الهجرة والمهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وأوضحت معطيات التقرير أن 53 بالمئة من المستجوبين دون 30 عاما، “يرفضون تمكين المهاجرين من الوصول إلى الخدمات الاجتماعية من قبيل الصحة والتعليم”، كما أن 58 بالمئة “لا يقبلون بدمج المهاجرين في المقاولات الاقتصادية، ولا في مجاورتهم في السكن”.
ويعتقد 79 بالمئة من المشاركين الشباب، أن العدد الحالي للمهاجرين في المغرب “مرتفع”، فيما يذهب 71 بالمئة منهم إلى اعتبار أن المهاجرين يساهمون في ارتفاع نسب البطالة في صفوف المغاربة، فيما تنخفض “المواقف العنصرية” لدى الفئات الأكبر سنا بحسب الاستطلاع.
“صادمة وغير مفاجئة”
رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عادل تيشيكيطو،يعتبر أن النتائج رغم أنها “صادمة، إلا أنها غير مفاجئة”، حيث تأتي في سياق يرتبط بتوالي مناوشات ومواجهات بين بعض المهاجرين والمواطنين، بالإضافة إلى الحملات العنصرية المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويضيف الفاعل الحقوقي في تصريح لموقع “الحرة”، أن الخلاصات المتوصل إليها تستدعي تعاملا “جديا واستعجاليا”، خاصة وأن الفئات الشابة برزت كأكبر من يعارض تواجد الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء.
ويتابع تشيكيطو أن الظاهرة تبقى “خطيرة” وتتطلب تكثيف الدولة لجهودها على مستويات التربية والتعليم وتعزيز التكوين الحقوقي للفئات الشابة، بالإضافة إلى ضرورة التعاطي مع قضية المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء بـ”مقاربات إنسانية وحقوقية”، تحدّ من السلوكات والمشاكل التي تؤجج الصراع بينهم وبين بعض المغاربة.
وسجلت خلال الأسابيع الأخيرة مناوشات وصدامات بين بعض قاطني الأحياء المجاورة لمحطة “أولاد زيان” الطرقية بوسط العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، ومهاجرين من جنسيات أفريقية أقاموا مخيما سكنيا عشوائيا بالشارع العام.
في هذا الجانب، يلفت الفاعل الحقوقي، إلى أن بعض هذه المواجهات شهدت سقوط جرحى من الطرفين، مما يزيد من “تقوية المواقف السلبية تجاه المهاجرين وبالتالي تأزيم الوضع”، داعيا السلطات المعنية إلى العمل على “إيجاد حلول عاجلة تحمي المهاجرين غير النظاميين وتستحضر الجانب الحقوقي في التعامل مع قضاياهم”.
والجمعة، خرج مجموعة من المهاجرين غير النظاميين في مسيرة بالدار البيضاء، للاحتجاج ضد “ظروف عيشهم وتحرشات السلطات” التي اتهموها بـ”العنصرية”. وردد المحتجون شعارات ضد السلطات المحلية بعمالة الفداء مرس السلطان، رافضين التمييز ضدهم ورغبتهم في العيش بسلام.
وشددت السلطات المغربية خلال الفترة الأخيرة عمليات مكافحة الهجرة غير النظامية، التي تعد ملفا أساسيا في إطار شراكتها مع الاتحاد الأوروبي وخصوصا الجارة الشمالية إسبانيا.
والعام الماضي، أوقف الأمن المغربي ما يزيد عن 32 ألف مرشح للهجرة غير النظامية و566 شخصا يشتبه بتورطهم في شبكات لتهريب المهاجرين، بحسب معطيات رسمية.
“حملات مضادة”
وتقود مجموعة من الصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب حملات عنصرية ضد المهاجرين، وتدعو إلى حماية ما تسميه “العرق المغربي” مما تعتبره “سياسات توطين الأفارقة” بالمملكة.
وردا على ما اعتبرته “دعوات التحريض على الكراهية العرقية في وسائل التواصل الاجتماعي، واستهداف ورفض الأشخاص السود الأجانب بالمغرب”، أطلقت المجموعة المغربية لمناهضة العنصرية والدفاع عن حقوق الأجانب، حملة توعوية لمكافحة التمييز العرقي والعنصرية.
وقال مطلقو الحملة إنها تأتي لمواجهة التطورات الأخيرة التي وصفتها بـ”المقلقة”، داعين إلى “فتح نقاش ديمقراطي حقيقي ومفتوح ومباشر”.
من جهتها دعت مجموعة من الهيئات الحقوقية والمدنية الأخرى السلطات المغربية إلى إقرار قانون يجرم كل أشكال التمييز والعنصرية.
ووقعت 15 منظمة مغربية، بيانا مشتركا، حمل عنوان “العنصرية ليست رأيا.. العنصرية جريمة”، للدعوة إلى نبذ خطابات الكراهية والعنصرية ومناهضة ما وصفتها “سياسات الهجرة القاتلة”.
“تصاعد خطابات العنصرية”.. دعوات لإقرار قانون يجرم التمييز بالمغرب
لمواجهة تصاعد خطابات الكراهية والعنصرية ضد المهاجرين الأفارقة، طالبت مجموعة من الهيئات الحقوقية والمدنية السلطات المغربية بإقرار قانون يجرم كل أشكال التمييز والعنصرية.
ورصدت المنظمات ما اعتبرته “تنامي خطابات عنصرية ضد المهاجرين القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء”، مشيرة إلى “تفجر الوضع بشكل كبير عقب التصريحات المقيتة للرئيس التونسي، قيس سعيد”.
“حوادث معزولة”
المحامي والخبير المغربي في قضايا الهجرة، صبري الحو، يرى أن السياسة المغربية في ميدان الهجرة “موسومة بمراعاة الجوانب الإنسانية للمهاجرين، من خلال مجموعة من البرامج والمشاريع وأيضا القوانين التي تهدف إلى حمايتهم من كل أشكال التمييز والتحريض والكراهية”.
ويبرز الحو في تصريح لموقع “الحرة”، أن الحوادث والمناوشات التي تقع بين فئة المهاجرين وبعض المواطنين المغاربة “معزولة ولا تتخذ صورة العنف الجماعي”، موضحا أن ظهورها يرتبط بمشاكل تتعلق بـ”تزايد أعداد المهاجرين في المغرب بحكم الواقع والقانون”.
ويربط المتحدث بين مواقف بعض الشباب بشأن الهجرة وبين ظروفهم وأوضاعهم الاقتصادية، “مشيرا إلى أن “هناك من يتوهم أن تزايد أعداد المهاجرين يهدد فرصه الاقتصادية بالبلاد”.
بالمقابل، يشير المحامي المغربي إلى أن بعض المهاجرين من جهتهم “يواجهون صعوبات في الاندماج بالمجتمع المغربي”، بل وإن بعضهم “يقاوم ويرفض ذلك لأنه يرى المملكة منطقة عبور وليس بلد استقرار”.
ويدعو المتحدث ذاته السلطات المغربية إلى “تحمل مسؤوليتها في العمل على إدماج هذه الفئات في المجتمع المغربي من خلال التعليم والتكوين وتوفير الحماية الحقوقية لهم”، وفي نفس الوقت العمل على “توفير الأمن العام والسكينة العامة للمواطنين”، مؤكدا أن، القانون “لا يميز بين من المهاجر والمواطن فالكل سواء ومتساو في الخضوع لأحكامه”.
(الحرة)
تعليقات الزوار ( 0 )