في ظل التوقعات التي أشارت إلى تراجع العلاقات المغربية-الإسرائيلية بسبب الضغوط الشعبية المؤيدة للفلسطينيين، كشفت تقارير حديثة عن أن حرب غزة أدت في الواقع إلى تعزيز التحالف بين البلدين، خاصة في المجالات الأمنية والاستخباراتية.
ووفقًا لتقرير حديث صادر عن مؤسسة “المجلس الأطلسي” (Atlantic Council) البحثية الأمريكية، فإن التهديد الإيراني المشترك ورؤية التكامل الإقليمي المشتركة كانتا الدافع الرئيسي وراء هذا التقارب.
ومنذ عام 2018، حذر المغرب من التوسع الإيراني في منطقة الصحراء الغربية المغربية، خاصة بعد قطع العلاقات مع طهران بسبب دعمها لجبهة البوليساريو عبر حزب الله اللبناني.
وقد أكدت تقارير زيادة التدخل الإيراني في الأراضي المتنازع عليها، حيث زودت طهران الانفصاليين بطائرات دون طيار قاتلة وصواريخ أرض-جو وقذائف هاون، بالإضافة إلى تدريبات عسكرية.
ودفعت هذه التحركات الإيرانية المغرب إلى تعزيز تعاونه الأمني مع إسرائيل، التي تُعتبر حليفًا استراتيجيًا في مواجهة التهديدات الإقليمية. وقد ظهرت أدلة على عمق العلاقات بين إيران وجبهة البوليساريو، بما في ذلك تدريب مقاتلين صحراويين في سوريا وإرسالهم إلى قواعد عسكرية إيرانية.
واستنادا إلى المصدر ذاته، فإنه ورغم الانتقادات الشعبية في المغرب، التي تطالب بوقف التطبيع مع إسرائيل بسبب الحرب في غزة، تستمر العلاقات الأمنية بين البلدين في الازدهار.
ومنذ الستينيات، كان هناك تعاون سري بين المؤسسات الأمنية المغربية والإسرائيلية، وقد تطور هذا التعاون بشكل رسمي بعد لقاء الملك الراحل الحسن الثاني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز في الرباط عام 1986.
وفي السنوات الأخيرة، عزز المغرب تعاونه مع إسرائيل من خلال صفقات أسلحة كبيرة، بما في ذلك شراء طائرات دون طيار وأنظمة مضادة للطائرات المسيرة وأنظمة صواريخ متطورة. كما أعلن عن افتتاح مصنع لإنتاج الطائرات المسيرة في المغرب بالشراكة مع شركة إسرائيلية.
ويواجه المغرب ضغوطًا داخلية كبيرة بسبب العلاقات مع إسرائيل، حيث يرى جزء كبير من الشعب المغربي أن التطبيع يتعارض مع دعم القضية الفلسطينية. وقد ظهرت هذه الانقسامات بشكل واضح خلال المظاهرات المؤيدة لفلسطين في مدن مثل طنجة والدار البيضاء.
وذكر المعهد الأمريكي، أن القيادة السياسية والأمنية في الرباط ترى أن التعاون مع إسرائيل ضرورة استراتيجية لمواجهة التهديدات الإقليمية، خاصة مع تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة.
وتستند العلاقات المغربية-الإسرائيلية أيضًا إلى روابط تاريخية وثقافية عميقة. فالكثير من القادة الأمنيين الإسرائيليين، مثل رئيس جهاز الأمن القومي السابق مئير بن شبات، ينحدرون من أصول مغربية.
كما أن واحدًا من كل عشرة إسرائيليين اليوم لديهم أصول مغربية، بما في ذلك شخصيات سياسية بارزة مثل رئيس الكنيست أمير أوهانا.
ولفت التقرير، إلى أنه ورغم التحديات الداخلية والإقليمية، يبدو أن التحالف المغربي-الإسرائيلي أقوى من أي وقت مضى، فالتعاون بين البلدين لا يعتمد فقط على الوساطة الأمريكية، بل أيضًا على تاريخ مشترك ومصالح جيوسياسية مشتركة.
تعليقات الزوار ( 0 )