شارك المقال
  • تم النسخ

المتسولون الجدد.. من قارعة شوارع البلاد إلى مواقع التّواصل الاجتماعي

بعد أن كان التسول يتم بطريقة تقليدية بمد الشخص ليده طلبا للعون والمساعدة بالوقوف على الأرصفة والشوارع وأبواب المساجد والأسواق، بات اليوم ذات الفعل ينتشر بطابع إلكتروني باتخاذه من مواقع التواصل الاجتماعي مسرحا له، يبدو فيها المتسول مجهول الهوية والصفة ولا تتضح حقيقة حاجته من عدمها، مما يزيد من احتمال وقوع الاحتيال والكذب باختلاف ذرائع الحاجة بغية ربح مساعدات مالية قد تصل أحيانا إلى ملايين السنتيمات.

تبرز ظاهرة التسول بنوعيها التقليدي والإلكتروني كأحد الآفات التي تقض مضجع الدول والمجتمعات منذ نشأتها، نظرا لآثارها السلبية الجمة بتقاعس الفئات العمرية القادرة على العمل وتشجيع ثقافة الاتكالية والكسل، ناهيك عن دورها البليغ والمباشر في تشويه صورة المجتمع وشكله الحضاري، كما تختلف مظاهرها ومواضيعها بحسب ظروفها وأهدافها.

بالرغم من أن هذه الآفة ليست جديدة، إلا أن رقعة الفئة المتسولة “إلكترونيا” اتسعت أكثر بفعل الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا منذ مطلع العام المنصرم، وما تلاها من فرض للحجر الصحي لمكافحتها، ما أفضى إلى اللجوء إلى التواصل عن بعد من خلال الوسائط والتقنيات البديلة التي تتيحها الرقمنة بشكل سلس وسهل.

الادعاء بالإصابة بأمراض خطيرة تستدعي نفقات مالية مرتفعة أو طلب مبالغ مالية للإنفاق على أسر فقيرة تبقى من بين الأمثلة السائدة لمظاهر التسول الإلكتروني التي تغزو بين الفينة والأخرى مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها، حيث يطمح طالبوها إلى كسب ود المجتمع الرقمي ونيل معونات مالية ومادية بغض النظر عن حالتهم الاجتماعية والمادية الحقيقية، وذلك في سياق اتسم بمستويات مرتفعة للبطالة بفقدان العديد من المأجورين لعملهم في زمن الجائحة.

في هذا الصدد، قال “عبد الفتاح الرخاء” الباحث في علم النفس الاجتماعي، في جامعة محمد الخامس بالرباط، أن “ظاهرة التسول الالكتروني أصبحت من الظواهر التي تشكل خطرا كبيرا على الأمن النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع ككل، خصوصا في ظل التطور التكنولوجي السريع وازدياد عدد المشتركين في شبكات التواصل الاجتماعي بالمغرب”. مؤكدا على أن “المتسول الجديد “الإلكتروني” يتميز غالبا بدرجة عالية من الذكاء النفسي والاجتماعي في انتقاءه لأسلوب الحوار والكلمات، حيث يسعى إلى استهداف الجانب العاطفي و الوجداني للأفراد بهدف الحصول على المساعدات المادية، من خلال الاعتماد على أساليب نداءات الاستغاثة و طلب يد العون والمساعدة كالمساهمة في إجراء عملية جراحية لمريض، مساعدة أسرة فقيرة، أو بناء مساجد، أو تمويل مشاريع إنسانية عن طريق الاستعانة بعرض صور وفيديوهات تتضمن غالبا مشاهد حرجة ومأساوية بحاجة ماسة للمساعدة”.

وأوضح “الرخاء” في حديثه مع جريدة “بناصا” الإلكترونية على أن “السمات السيكولوجية لضحايا هذه الظاهرة تتجلى غالبا فيما يتميزون به من حسن النية الصادقة والطيبوبة الزائدة والعاطفة المفرطة. وشدد المتحدث، على أنه “وجب على كل فرد أخد الحيطة و الحذر الشديدين في التفاعل والتعامل مع هؤلاء المحتالين لتجنب الوقوع في الفخ و التلاعب النفسي والعاطفي.

واختتم “المتحدث” تصريحه باقتراحه لجملة من الإجراءات العملية التي من شأنها أن تكبح المظاهر والانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة، بدءا “بالقيام بدراسات سيكوسوسيولوجية ميدانية للوقوف عن الأسباب الحقيقية والكامنة للظاهرة وتقديم حلول عملية، ثم عن طريق الإنخراط في حملات تحسيسية و تثقيفية في المدرسة و وسائل الإعلام للتعريف بالظاهرة وإبراز جوانبها السلبية، ناهيك عن ضرورة تشديد المراقبة الأمنية عبر ملاحقة أصحاب الحسابات الوهمية الذين يمتهنون التسول إلكترونيا لغاية النصب والاحتيال”.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي