أظهرت جائحة “كورونا” بالمغرب جملة من التداعيات أرخت بظلالها على العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للمجتمع المغربي والعالم كذلك، غير أن ذلك لا يعني أن “الجائحة” لم تحمل معها قفة من المزايا أو الإيجابيات نستحضر من بينها:
لمُّ الروابط الاجتماعية
كشفت الجائحة ملامح أخرى بدا أنها قد سُرقت منا منذ زمن بعيد، واليوم جاء الوقت للعودة إلى الإنسان، ولأن البقاء في المنزل أو ما يعرف بـ”الحجر الصحي” هو إعادة التفكير في الإنسان، ونوع من العودة إلى العائلة والعودة إلى من نحب، وهذا ما يعتبر من شأنه أن يسلهم في لملمة الرابط الاجتماعي للمجتمع المغربي.
العودة للعلم والكتب
بهذه الجائحة تم التقاط دروس من أهل الحكمة وتمت العودة للمكتبة والعلم، حيث صُححت الكثير من الأشياء ووجد الإنسان نفسه نميل في الأيام الأخيرة إلى العودة للكتاب والمكتبة، وتم استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي، خاصة ما يقوم به مجموعة من الباحثين والأساتذة من مختلف التخصصات العلمية بنشرهم ومشاركتهم لمقاطع فيديوهات وكتب ووثائق مع طلابهم، وكذا الاستجابة لأسئلتهم المقلقة تجاه هذا الفيروس أو تجاه مواضيع أخرى.
تنمية التكافل الاجتماعي
أبانت البشرية جمعاء عن روح المواطنة العالية وعن الوعي والتحضر ولم تبخل في العطاء، وأعادت الجائحة للأمة مشاعر التكافل الإجتماعي وتبادل المساعدة، وهو ما ظهر من خلال الروح لامست قلوب الجميع، كبيرا وصغيرا، قويا وضعيفا، غنيا و فقيرا، سواء من خلال توفير الاحتياجات أو توزيع المسؤوليات، حيث بادر الكثيرون في تقديم يد المساعدة إما عن خفض إيجاراتهم مراعاة لظروف من تقطعت بهم السبل و خسروا أعمالهم ووظائفهم وإما عن طريق تقديم ما تجود به أيديهم إلى صناديق الدولة أو إلى المحتاجين مباشرة أو عن طريق الجمعيات الخيرية.
قلب موازين “الطوندونس”
أرغمت الجائحة “الطوندونس” المغربي على إظهار الوجوه الخفية التي تعمل ليل نهار والتي جعلها الروتين اليومي منسية و مختبئة وراء التفاهة، بخلاف ما يشاهد قبل الجائحة من اجتياح فيديوهات التفاهة لمنصات التواصل الاجتماعي و اختراقها لمعظم البيوت وانغرازها في عقول جل الفئات، فالجائحة كشفت ما كان مستورا وجعلت المتلقي يلجأ لقنواته التلفزية والموثوقة بحثا عن المصداقية في الخبر التي فقدها الحس الإعلامي في عهد سابق فرأينا المنابر الإعلامية تتنافس فيما بينها بحثا عن جودة الخبر.
بروز الكفاءات
منحت كذلك الجائحة فرصة للجيل الجديد للتعرف على الروح المواطنة، روح التضامن والعطاء وأعطيت فرصة لأصحاب الكفاءات لترجمة قدراتهم على أرض الواقع وتحقيق المنفعة للمجتمع، والكشف على المعدن الحقيقي للمواطن المغربي، لتأتي هذه الجائحة لتعترف أمام العالم ما يفعل المغربي في ظل الأزمات وأولهم العاملين في مواجهة هذا الفيروس في الصفوف الأمامية من الأطقم طبية، تمريضية، أمنية، إدارية، تطوعية وكذا عمال النظافة…
إيجابيات أخرى:
بالإضافة للمزايا المذكورة سابقا حملت الجائحة كذلك ايجابيات أخرى، كتراجع معدلات الإجرام و حوادث السير، بالإضافة لانخفاض محاولات الهجرة السرية، ومن جانب آخر يلاحظ وقع جد إيجابي فيما يخص البيئة وذلك بتحسن جودة الهواء وانخفاض معدلات التلوث بنسبة غير مسبوقة، إلى جانب انتعاش اقتصادي في الصادرات الفلاحية للمغرب ،خاصة الحوامض وبعض المنتجات الغذائية.
تعليقات الزوار ( 0 )