Share
  • Link copied

هل يدفع واقع قطاع التّعليم في المغرب “الأسرة التربوية” إلى توحيد نضالاتها؟

أعادت الوضعية الراهنة لقطاع التعليم في المغرب، والتي يصفها البعض بـ”الكارثية وغير المسبوقة”، مطالب توحيد نضالات الشغيلة التعليمية من أجل صياغة ملفّ مطلبي شامل، إلى الواجهة، لاسيما وأن أغلب النقابات والتنسيقيات، متفقة على عدالة ومشروعية كل الملفات التي يحتج المتضررون منها حاليا.

وزاد التدخل الأمني لفض احتجاجات الأساتذة المتعاقدين بالعاصمة الرباط، الذي عرف مشاركة أعوان السلطة فيه، بشكل غير قانونيّ، وظهور بعض الأفراد ممن لا يمتلكون أي إشارة تدل على صفتهم وهم يقومون بضرب المتظاهرين، من قوة هذه المطالب، التي اعتبرها مطلقوها بأن الخطوة باتت ضرورية في الوقت الراهن.

مطالب بتوحيد نضالات الشغيلة التعليمية

وطالب عبد الإله دحمان، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل، على خلفية التدخل الأمني لفض احتجاجات الأساتذة بالعاصمة الرباط، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بتوحّد النقابات التعليمية، ونضالها تحت يافطة واحدة لغاية تحقيق كلّ المطالب التي ترفعها الشغيلة التعليمية، بمختلف فئاتها.

وكتب دحمان إن “الأحداث المؤلمة والقمع الممنهج الذي تتعرض له نضالات الشغيلة التعليمية بكل مكوناتها وفئاتها خصوصا الاعتداء الأخيرة الممعنة في الإيذاء وكسر روح النضال فيها تُسائلنا جميعاً”، مردفاً: “لذا أجدد ندائي لقواعد وقيادات جميع النقابات التعليمية، تعالوا إلى كلمة سواء نوحد من خلالها فعلنا النضالي انتصارا لمطالب الشغيلة التعليمية العادلة ودفاعاً عن كرامتها، يدنا ممدودة بلا شروط فهل من مستجيب؟؟؟”.

إغلاق باب الحوار سابقة تاريخية غير مفهومة

وفي هذا السياق قال المسؤول النقابيّ نفسه، إن “الرغبة في توحيد الفعل النضالي داخل التربية والتكوين لم يكن تكتيكاً طارئا بالنسبة لنا في الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، بل هو من صميم رؤيتنا النقابية والنضالية ومنصوص عليه في الإطار المرجعي الذي ينظم ممارستنا النقابية في إطار التعاون مع الغير من أجل الخير”، على حدّ تعبيره.

وأضاف دحمان في تصريح لجريدة “بناصا”، أن ما يعتمل اليوم “داخل واقع التربية والتعليم وما آلت إليه أوضاع الأسرة التعليمية في ظل استراتيجية جديدة لوزير التربية الوطنية، الذي أغلق باب الحوار وقطع علاقته بالمسؤولين النقابيين يعتبر سابقة تاريخية غير مفهومة، وعقاب جماعي خارج مضامين الدستور المغربي، وهو مخالفة كذلك لمنشور رئيس الحكومة الذي حث فيه على مواصلة الحوار القطاعي”.

الكلمة السواء باتت ضرورة..

واعتبر بأن “الدعوة إلى توحيد الفعل النضالي وتقوية الموقع الاحتجاجي للأسرة التعليمية، بات ضرورة واقعية ونقابية وتعليمية، لأننا نجهل لماذا هذه المكابرة والإصرار على تفخيخ قطاع التربية والتكوين في سياق دقيق تعيشه بلادنا اجتماعيا واقتصاديا؟”، مردفاً: “كذلك توحيد القرار النضالي بات يسائل النقابات الجادة”.

وأوضح دحمان أن هذه المساءلة تأتي بالأخص، في ظل ما يعيشق القطاع من احتقان وتوتر وتغليب للمقاربة الأمنية “وتجرؤ على الحقوق الحريات واستعمال البلطجة وأعوان السلطة لفض الاحتجاجات”، مستدركاً: “لكن للأسف العمل النقابي لا زال رهين مقاربة محافظة تخضع لاصطفافات هشة دون رؤية ناظمة ولا مستوعبة لواقع التربية والتعليم في ظل بروز أشكال تنسيق موازية للعمل النقابي”.

التنظيمات النقابية فشلت في توحيد الساحة

واستطرد المتحدث أن هذه التنسيقيات مشروعة، “ما دامت التنظيمات النقابية فشلت في توحيد الساحة التعليمية”، مشدداً على أن كل عناصر الوحدة النضالية التي تخول للنقابات الاجتماع على كلمة سواء، متوفرة، “لأننا لا نتحدث عن وحدة نقابية اندماجية، بل على توحيد النضالات لممارسة الضغط الذي يعيد للشغيلة التعليمية كرامتها”.

وأكد المسؤول النقابي، بأن “توحيد نضالات الأسرة التعليمية بكل مكوناتها التربوية والإدارية لم يعد وجهة نظر خاضعة للاختيار، بل أصبحت قدراً محتوما ومدخلاً لا بديل عنه، وهي مطلب جماهيري لأسرة التعليم”، مسترسلاً بأن “الاستمرار في حالة التشرذم هو خدمة مجانية لخصوم المدرسة العمومية”.

توحيد النضالات امتحان لمدى استقلالية القرار النقابي

ونبه المتحدث نفسه، إلى أن “توحيد النضالات، هو أيضا مؤشر قيمي وفكري وأخلاقي وسياسي على مدى استقلالية قرارنا النقابي، وارتباطه بهموم الشغيلة وليس بالحسابات الضيقة”، مضيفاً: “إننا نعي جيداً ما يقع داخل القطاع ولا يتوهم أحد أن الشغيلة التعليمية لا تفهم من معها ومن ضدها”، لذا، يتابع دحمان: “إمكانية توحيد النضالات لا زالت قائمة”.

وأردف، في السياق نفسه: “خصوصاً في ظل الهجمة الشرسة على الحق في التظاهر، والإمعان في المقاربة الأمنية”، مشيراً إلى أن العمل النقابي اليوم، “على المحك، والتاريخ لا يرحم وتهريب المواقف تجاه الوزير أو ضده تارة وأخرى ضد الحكومة لن ينطلي على أحد”، مشدداً على أن “توحيد النضالات في حاجة إلى وضوح منهجي وإلى ميثاق أخلاقي”، وفق ما قله المسؤول النقابي.

لابد من تجاوز الأنانيات النقابوية الضيقة

وزاد المتحدث: “نحن في الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، نمد يدنا لأي مبادرة، وسبق أن كاتبنا كلّ النقابات التعليمية في هذا الشأن، ونقول لهم اليوم، تعالوا إلى كلمة نضالية سواء، سقفها مطالب الأسرة التعليمية وكرامتها من أجل إنصاف كلّ الفئات المتضررة واستعادة المبادرة النضالية النقابية”، منبهاً إلى أن النقابات لا تختلف “على مطالب الشغيلة التعليمية، وفئاتها المتضررة، بل دائما كانت موحدة”.

واختتم المسؤول النقابي نفسه، تصريحه للجريدة، بتجديد التأكيد على ضرورة “تجاوز الأنانيات النقابوية الضيقة، لأن ما يقع اليوم لا يمكن تبريره، وسيكتب شهادة وفاة العمل النقابي بشكله القديم”، مردفا: “اليوم إما أن نتوحد ونواجه مصيرنا بشكل جماعي، وإلا فالتاريخ والشغيلة لن ترحمنا”، حسب قوله.

غياب الديمقراطية يحول دون توحيد النضالات

ومن جانبه، اعتبر جلال العناية، عضو المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للتعليم، وعضو التنسيقية الوطنية للأساتذة المقصيين من المباريات، بأن توحيد النضالات، بالرغم من كونه حلماً تطمح له الشغيلة التعليمية منذ وقت طويل، إلا أنه بعيد المنال، لعدة اعتبارات على رأسها ما وصفه بـ”غياب الديمقراطية الداخلية”.

وقال العناية في تصريح لجريدة “بناصا”، إن “توحيد نضالات النقابات التعليمية يبقى حلما راود للشغيلة التعليمية منذ زمن، لكن للأسف الشديد يبقى صعبا بالنظر إلى غياب الديمقراطية الداخلية داخل أغلب التنظيمات النقابية، والتي أصبحت تابعة لبعض الأحزاب السياسية وكذا للباطرونا التي تحركها كلما اقتربت الاستحقاقات الانتخابية لتظل الطبقة العاملة بصفة عامة ضحية مشهد سياسي ونقابي أصبح متعفنا وتغلب عليه المصالح والحسابات الشخصية، بعيدا عن الأهداف النبيلة التي كانت وراء تأسيس المنظمات نقابية”.

إضراب وطنيّ لشجب القمع والمطالبة بحل المشاكل

واستنكر العناية “تعنيف وقمع الأطر التعليمية بمختلف فئاتها، والتي خرجت للاحتجاج السلمي والحضاري مطالبةً الوزارة الوصية على قطاع التعليم بالاستجابة لمطالبها التي نعتبرها داخل المنظمة الديمقراطية للتعليم مشروعة وعادلة”، معتبراً بأن “تماطل وزارة أمزازي في التجاوب مع مطالب كلّ الفئات التعليمية، والتي عمرت لمدة سنوات زاد من تناسل العديد من التنسيقيات”.

ومضى الفاعل النقابي يقول، إن فقدان “الثقة والمصداقية في النقابات التي تجالس الوزارة في حوارات عقيمة، جعل هذه التنسيقيات تنزل بقوة إلى التظاهر والاحتجاج السلمي والحضاري”، مذكراً في سياق الحديث عن التطورات الأخيرة، بأنه بعد موجهة الاعتداءات الأخيرة التي طالت الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وحاملي الشهادات العليا، دعت غالبية النقابات ومختلف التنسيقيات لخوض إضراب وطني”.

وأبرز أن موعد الإضراب حدد في يومي 5 و6 أبريل المقبل، حيث سيكون مصحوباً بـ”وقفة احتجاجية أمام وزارة التربية الوطنية في الرباط، في اليوم الأول من الإضراب، لاستنكار وشجب القمع والعنف الذي تعرض له نساء ورجال التعليم وكذا لدعوة الوزارة الوصية إلى حل كل الملفات العالقة وذلك قبل الامتحانات الإشهادية”.

التشتت النضالي راجع للتشتت النقابي.. والتوحيد ممكن

ومن جانبه، أوضح عبد الله قشمار، وهو عضو تنسيقية “الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”، أن الأخيرة، “كانت ولا زالت سباقة في الدعوة لتوحيد المعارك النضالية، دون أي تشتيت لنساء ورجال التعليم”، مضيفاً أن “هذا التشتت النضالي مرده للتشتت النقابي الذي لا يخدم مصالح الشغيلة التعليمية، وهو ما نلحظه من خلال الاكتفاء بالتنديد والاستنكار”.

وأبرز قشمار في تصريح لجريدة “بناصا”، أن الاستنكار وحده غير كافٍ، ولابد من النزول إلى الشارع والتصعيد في المعارك، ما دامت وزارة التربية الوطنية لا ترغب في فتح قنوات الحوار لحل الملفات المطلبية، معتبراً بأن توحيد النضالات، “ممكن بشكل كبير، إذا ما رغبت بعض الإطارات النقابية أن تنزع عنها اليد السياسية المتحكمة فيها، وتجعل مصلحة أطر المدرسة العمومية هي أسمى شيء”.

Share
  • Link copied
المقال التالي