Share
  • Link copied

“36 ملياراً في منزلٍ” و”الكَمْشَة”.. “منطقُ الأرْقامِ” الجديدِ من تبون إلى وهبي

في الـ 19 من شهر يناير الجاري، وخلال كلمته الافتتاحية لأعمال لقاء “الحكومة-الولاة”، قال عبد المجيد تبون، رئيس الجزائر، إن السلطات اكتشفت أن عائلة واحدة كانت تخبئُ في منزلها 36 مليار دولار.

تصريح تبون خلّف موجة من السخرية في مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه جاء ليؤكد “منطق الأرقام” الجديد الذي تتعامل به الجزائر مع جميع المعطيات التي تصبّ في خانة مصالحها السياسية والاقتصادية، فلا يجد مسؤولوها أي حرج في إضافة بضعة أصفار، لأي رقم.

نجيب ساويرس، الملياردير المصري، الخبير في عالم المال والأعمال، قال إن 36 مليار دولار، إن وضعناها على شكل مكعب، فإنها ستعطينا عمارة سكنية متعددة الطوابق، أو نفقا تحت الأرض”، متسائلاً بالضبط أين وجد تبون هذه الأموال، في إشارة إلى تضخيم الرقم، هذا في حال كانت الواقعة صحيحة.

هذا المنطق الجديد في التعامل مع الأرقام، لم يبق مقتصراً على الجزائر، فقد وصل إلى المغرب، حيث صرّح وزير العدل عبد اللطيف وهبي، خلال حلوله ضيفاً على ملتقى المغرب العربي للأنباء، قائلاً إنه لا يمكن لـ”كمشة” أن تُهين “2000 شخص”، في إشارة إلى احتجاج الراسبين في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة.

الوزير وخلال المناسبة نفسها، وقبل أن يصف المحتجين بـ”الكمشة”، قال إن هناك 85 ألف شخص ترشّح لاجتياز المباراة، في تبريره لصعوبة الاطلاع على شهادات الجميع، وهو ما يوضّح أن وهبي، خلط بين امتحان المحاماة، الذي ترشّح له حوالي 100 ألف، وقُبل في اللائحة الأولية ما يناهز 71 ألف، وبين مباراة المنتدبين القضائيين، التي ترشح لها حوالي 120 ألف، وعرفت اللائحة المستدعاة لاجتيازها حضور ما يقرب من 85 ألف.

عموماً، فلائحة المرشحين الذين تم استدعاؤهم لاجتياز امتحان الأهلية للمحاماة، ضمّت 70947 شخصاً، قبل أن يتم رفع العدد، بناء على تصريح وهبي، الذي قال إنه “خرق القانون” لكي يسمح بإضافة أسماء جديدة في آخر يوم قبل الامتحان، دون أن تكون موجودة في اللائحة المستدعاة، بذريعة أن الجامعات التي درسوا فيها، لم تسلمهم الشهادات مبكراً.

بعد ذلك، عرف الامتحان حضور حوالي 45 ألف مترشح لمراكز الامتحان، بسبب تعذر حضور الآلاف، نظرا لعدة إكراهات، منها تغيير مراكز اجتيازها. من هؤلاء الأشخاص الذين اجتازوا الاختبار، نجح، 800 شخصاً، غير أن الوزير تدخل لاحقاً، حسب تصريح سابق له، ليرفع العدد إلى 2081.

هذا الأمر يعني، أنه من أصل ما يناهز 45 ألف شخص، اجتاز الامتحان، الذي يُفترض أن أي مترشح سيحصل على نقطة تزيد عن المعدل المحدد سلفاً، سيعتبر ناجحا دون سقف للعدد، نجح 2081 شخصا، وحين خرج المتضرّرون من الاختبار الذي عرفت لائحة ناجحيه تواجد أسماء وأقارب مسؤولين في وزارة العدل، ومحامين، باتوا يُعتبرون “كَمْشَة”.

“الكَمْشَة”، تعني في العامية المغربية، مجموعة صغيرة، في إشارة إلى الرّاسبين، مجرد فئة معدودة، عكس الناجحين الذين يبلغ عددهم 2081 شخصا! هذا المنطق صحيح في التعامل مع الامتحان، وربما وهبي، الذي خلط بين المرشحين لامتحان المحاماة والمنتدبين القضائيين، كان يتحدث من منطلق فهمه للامتحان.

منطق رسوب القلة، ونجاح الكثرة، مرتبط بالامتحانات، لأن الشخص يعتبر ناجحا، بمجرد أن يحصل على نقطة، تعادل أو تزيد عن الرقم المحدد سلفاً، مثلا في الجامعات المغربية 10 من 20، غير أن وزير العدل، قرّر، تجاوز هذا الأمر، وجعل الامتحان، عباراة عن مباراة، ما يعني أن الأمر سينعكس، لتصبح القلة ناجحة، والكثرة راسبة.

رغم كل هذا الأمر، إلا أن منطق الأرقام، الذي دأبت الجزائر على استعماله في عرضها لمجموعة من الأمور، منها تصريح تبون الأخير، الذي قال فيه إن السلطات عثرت على 36 مليار دولار، مخبأة في منزل أحد الأشخاص، وصل لوهبي، ليعتبر أن العدد 2000 أكبر من 43000.

Share
  • Link copied
المقال التالي