Share
  • Link copied

3 مليارات شخص لم يروها في حياتهم.. هكذا أنقذت المراحيض حياة البشر على الكوكب

نتعامل جميعًا مع المرحاض بشكل يومي، بل وأكثر من مرة يوميا، ولكننا نادرا ما نستقطع وقتا للتفكير في اختراع المرحاض، وكيف اعتاد البشر أن يقضوا حاجتهم قبل اختراعه، وكيف أفاد البشرية كلها مثل هذا الابتكار الذي أصبحنا نأخذه كأمر مسلم به، وكيف يؤثر عدم وجوده في البلاد الأكثر فقرا على سكانها.

من الحفر والخنادق للمياه المتدفقة

المرحاض بشكله الحالي والذي يستخدم المياه المتدفقة من أجل التخلص من الفضلات، لم يتم اختراعه إلا في أواخر القرن الـ15، ولكنه لم يستخدم بشكل واسع إلا بعدها بما يزيد على قرنين من الزمان، ولكن قبل اختراع المرحاض بهذا الشكل، كان الناس يتخلصون من فضلاتهم بكل الأشكال البدائية.

لجأ الأشخاص العاديون إما للخلاء حيث لا أحد حولهم فيمكنهم تلبية نداء الطبيعة، أو لتخصيص دلاء وحفر بجوار المنزل، ويتم تفريغ وتنظيف هذه الدلاء والحفر بشكل دوري. أما في القلاع والقصور، فقد تم تخصيص غرف مغلقة لتوفير عامل الخصوصية للشخص أثناء قضاء حاجته، وغالبا ما تكون هذه الحجرة على أطراف القلعة تحتوي على حفرة يجلس فوقها الشخص، وتخرج الفضلات من الحفرة بالحجرة المرتفعة إلى الأرض.

ولكن كانت “غرفة الحمام” نقطة ضعف في القلاع يمكن للعدو استغلالها، فحاول المعماريون تفادي مشكلة الحجرة المتطرفة، ببنائها داخل أبراج حلزونية بحيث تسمح بالتخلص من الفضلات وفي الوقت نفسه توفر عامل الأمان للقلعة.

حماية للنساء ووقاية من الأمراض

تطور المرحاض تدريجيا بتغير الزمن وتطور الفكر الإنساني، ولكن هذا التطور لم يكن فقط من أجل توفير الخصوصية بمفهومها العام، ولا تسهيلا لرحلات تلبية نداء الطبيعة المتكررة بشكل يومي، ولكنه في الحقيقة أنقذ الجنس البشري من الأمراض والتعاسة، ونقله لمكان أكثر أمنا واستقرارا، مما سمح بالتطور الكبير الذي أوصلنا إلى اللحظة الراهنة، فكيف قام الكرسي الذي يتخلص من الفضلات بتقنية تدفق المياه بفعل كل ذلك؟

كما ذكرنا من قبل، كانت مهمة البعض التخلص من الفضلات وتنظيف مكانها بشكل دوري، هذه المهمة كانت تسمح بانتقال الدود الذي يتكاثر في الفضلات البشرية، إلى البشر أنفسهم ناقلين إلى بعضهم أمراضا معدية ومميتة، كذلك فإن تراكم الفضلات في الخلاء لبعض الوقت بهذا الشكل، يجتذب نوعا معينا من الذباب يتكاثر على هذه الفضلات، مسببا العمى للبشر عندما ينتقل من الفضلات إلى ملامسة جلدهم وأعينهم.

حتى وإن تخلص الإنسان من فضلاته في المياه الجارية كالأنهار والمحيطات، فبحسب موقع “لايف ساينس” هذا الأمر ليس صحيا هو الآخر، فالبلاد التي لا تستطيع توفير مراحيض متطورة وشبكات صرف صحي، بالتأكيد لا تنقي المياه قبل استخدامها، وبالتالي ينتهي الأمر بالناس وهم يشربون ويأكلون طعاما ملوثا بفضلاتهم التي تخلصوا منها في المياه.

بالإضافة إلى أن تلوث المياه بهذه الطريقة، يؤدي إلى الإصابة بمجموعة من الأمراض مثل الكوليرا، والتي كانت كابوسا أصاب سيراليون وغينيا في عام 2012، بسبب فيضان المياه الملوثة الذي أغرق البلاد وتسبب في وباء أصاب ما يزيد على 25 ألف شخص في غضون أيام.

لا يقتصر الأمر على تجنب الإصابة بالأمراض، ولكن اختراع المرحاض الحديث أسهم في توفير الأمان للنساء حول العالم، فقديما كانت المرأة تضطر للخروج من المنزل والذهاب للخلاء لقضاء حاجتها، فتكون بمفردها عارية وفي حالة هشة، وهو ما كان يعرضها للخطر.

كذلك فإن توفير مراحيض بشكلها المعاصر والمتصل بشبكة صرف صحي، يسهم في ارتفاع نسب تعليم الفتيات بشكل مباشر، لأن ثمة سببا رئيسيا في عزوف الفتيات عن ارتياد المدرسة بشكل منتظم، هو عدم قدرتهن على قضاء حاجتهن بشكل ملائم، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تفضيلهن -هن وعائلاتهن- الانقطاع عن الدراسة عوضا عن التذلل أو التعرض للإحراج والمهانة من أجل تلبية حاجة إنسانية طبيعية.

3 مليارات شخص بلا مرحاض

بحسب موقع “ريت ماي تويلت” (Ratemytoilet) فإن ما يزيد على 3 مليارات شخص حول العالم ليس لديهم مرحاض، بل إنهم حتى لم يروا واحدا من قبل، وما زالوا حتى يومنا هذا يتخلصون من فضلاتهم كما اعتاد البشر أن يفعلوا منذ قرون، ولم يصلهم أي من التطورات التي أصبحت قديمة بالنسبة لنا.

ويضيف الموقع أن البلاد صاحبة النسب الأقل في امتلاك المراحيض، هي نفسها البلاد الأكثر فقرا وصاحبة أعلى نسب وفاة للأطفال دون الـ5 سنوات. ويقترح الموقع على المؤسسات المحاربة للفقر في الدول النامية، إنشاء مراحيض وشبكات صرف صحي بدلا من التركيز الدائم والوحيد على إمداد الغذاء والدواء، موضحين أن إنشاء شبكة صرف صحي جيدة، هي الخطوة الأولى لكسر دائرة (الفقر/ الموت) التي تتحكم في هذه البلاد.

من أجل كل ذلك وأكثر، ترفع منظمة الأمم المتحدة شعار “تقدير المرحاض” في حملتها للاحتفال بيوم المرحاض العالمي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني في العام الجاري، لافتين النظر إلى ملايين الأشخاص في الدول الأكثر فقرا، ولاحتياجهم إلى توفير مراحيض حديثة وشبكات صرف صحي، والتي أصبحت عامل معيشة أساسيا في هذا العصر، مؤكدين أن كل دولار ينفق في مجال تحسين الصرف الصحي، يقابله توفير 5 دولارات في مجال الدواء والعلاج.

Share
  • Link copied
المقال التالي