Share
  • Link copied

سنة لا كالسنوات

ما بال هذه السنة سنة استثنائية وغير عادية بكل المقاييس، لم نشهد نحن ولا البشرية  لها  مثيلا منذ عقود وعقود، فهي سنة كبيسة، مظلمة، سوداء منذرة بالشرور  منذ أول أيامها، لم تكد تنتهي احتفالات العالم برأس السنة الميلادية حتى أطل الشيطان الأكبر بقرنيه، ولم تنطفأ الشهب  الاصطناعية في السماء بعواصم العالم   فرحا وسرورا  بمقدم العام الجديد، حتى فوجئنا بصواريخ موجهة من طائرة بدون طيار، تنفجر في مطار العراق تبين بعد طلوع فجر ذلك اليوم، أن الولايات المتحدة قد اغتالت جنرالا إيرانيا هو أقوى قائد ميداني  للحرس الثوري وفيلق  القدس  والذي كان يعتبر الرجل الثاني  في النظام الإيراني بعد المرشد آية الله الخَامنائي، فأرعدت السماء وأبرقت بنذر حرب عالمية لا تبقي ولا تدر  فحبس العالم أنفاسه وماجت  شوارع طهران بأمواج بشرية حضرت في جنازة قائدها، لم  تشهدها منذ وفاة مؤسس الجمهورية آية الله الخميني، وتعالت الصيحات منذرة بالثارات، وانهمرت الدموع على خد المرشد  الأعلى والملالي، وقد توعدوا برد مزلزل يمحو أمريكا، فخرج المرجفون في كل أصقاع الحرب يرددون أن أوان الحرب الكبرى المسماة بهرمجدون قد آن أوانها، وأنها نهاية العائلة وحرب دابق، وزمن خروج الدجال..

 وفي كثير من دول العالم بالشرق الأوسط فرح زعماؤها  بمقتل غريمهم الأول، الذي أذاقهم بسوريا ولبنان ألوانا من الموت، والليالي المدلهمات، أما الحمساويون فقد حضر الجنازة  رئيسهم أبو هنية  وبغزة  وأعلنوا الحداد حزنا على داعم المقاومة الأول، وعرابها الكبير بلبنان وفلسطين، وعدو إسرائيل اللدود، وفي الضفة الأخرى كان الوهابيون والسلفيون المعتدلون والمتطرفون  وأهل السنة بالعراق، يفرحون بموت من أرهقهم وافسد خططهم في سوريا وقلب الطاولة على صفقة القرن، كانوا فرحين وقلوبهم وجلة خائفة  من اندلاع حرب تحرق الأخضر واليابس وتأتي على جنان الإمارات وآبار السعودية، فبادروا مبادرة الثعالب الماكرة بالدعوة إلى ضبط النفس وتحكيم العقل، وهم قبل ذلك حاربوا الثورات العربية في مهدها وخنقوها في مهدها وآزروا الثورات المضادة والانقلابات العسكرية، وقضوا على  أحلام وآمال العرب في الديمقراطية وكانوا على وشك الإجهاز على القضية الفلسطينية بواسطة صفقة القرن التي بشر بها ترامب وصهره كوشنر، فطبع من طبع وتبادل التحيات  والقبلات والرحلات السياحية مع الاسرائليين، من تبادل، مبشرين بعصر جديد من الرفاهية  والمجون وأعلنوا براءتهم من الدين والتدين، ففتحت دور السينما والملاهي في أقدس أقداس الأرض، بل خرج من خرج من أهلها القريشين  ،يطالبون بحرية فتح الحانات في الشوارع الخلفية للكعبة المشرفة ولسان حالهم يقول لكم كعبتكم ولنا حاناتنا، لكم ربكم ولنا حريتنا، فقد خدمنا بيتكم العتيق سنوات وسنوات تحولنا فيها إلى ملائكة بدون أجنحة.

 ولم يكفهم ذلك وإنما نشر حكامها الخراب والموت بطائراتهم ومرتزقتهم، في اليمن السعيد وليبيا  فشتتوا المشتت وقسموا المقسم، ومات مئات  الآلاف  من الأطفال والعجزة والنساء، ونشروا الدواعش في كل الأرجاء يدبحون الأطفال ويغتصبون النساء باسم الله الأكبر، حتى صار التكبير رديف الدبح  مقترنا بالقتل ، وأصبح دين المحبة دين الكراهية، ولم تكد تمضي إلا أيام قلائل، حتى انتشر الجراد، والحشرات، منذرة بقادم أصعب، وما لبث أن  تناهت إلى اسمعنا أخبار  صادمة من الصين عن انتشار مرض قاتل لا يمهل  ولا يدر، لواحة للبشر عليها تسعة عشر، فأصبح العشرات يتساقطون في الشوارع أمام الكاميرات في مشاهد مرعبة ، وظننا حينها أننا بمنآى عن هذا الشر القادم من الشرق الأقصى، لكنه لم يكد يمضي شهر حتى عم  المرض كل إرجاء المعمور، فأجبرت البشرية على اكتشاف حقيقة ضعفها وتبين أن كبرياءها  كبرياء زائف، فبعد أن ظن الإنسان أنه أصبح قادر على تحديد مصير الكون، سقط أله الحداثة العظيم، سقوطا مدويا، واهتزت الثقة في صنم العلم الذي كان إلى عهد قريب لا يقهر ،  وبدا العلماء والخبراء  عاجزين عن إيجاد أي حلول  في المدى المنظور، رغم كل المليارات المرصودة،  وبدا  الأفق حالكا ومجهولا وملبدا بالغيوم الداكنة،فأصبحنا كحشود ضخمة من العميان  تتحسس الجدران الرطبة الباردة، نتعثر في خوف بين الجثث المنتشرة ، سائرون في نفق مظلم ودرب من الآلام طويل، فحارت العقول وخارت الهمم، ولم يدر  الحكام والمسؤلون ماهم فاعلون، فمنهم من  خفف الحجر اعتقادا منه أنه نجا،   لكنه ندم في اليوم الموالي بعد موجة ثانية عاتية من انتشار الفيروس، ومنهم  من  بقى في حجر صحي يأئس،  فضاقت على الإنسانية الأرض بما رحبت، وظنت بالله الظنونا، فكيف السبيل إلى حل للخلاص من هذا  الفيروس الذي  لازال يرقص رقصته المميتة، وهو كل يحقق طفرة جديدة وكل  يوم يصبح في صورة مختلفة عن سابقتها، وقد حقق لنفسه أكثر من أثنين وثلاثين طفرة، بدلت نوعه تبديلا وهو في كل قطر أو أرض له شأن مختلف،  وها هي أمريكا تبحث عن ذريعة للوكربي صينية جديدة تحمل الصين المسؤولية عن ظهور المرض، و تطلب فيها تليريونات من الدولارات تعويضا عن انتشار الفيروس بالعالم وبأراضيها ، أو إعلان حرب  عليها في شهر تشرين القادم فيعاد انتخاب ترامب دون انتخابات باعتباره القائد الأعلى للجيش الأمريكي كما تنبأ الدبلوماسي الأردني طال أبو غزالة  ، أم أنها أضغات أحلام، ومجر تكهنات وارهاصات.

هل هذا الفيروس  مصنع في مصانع أو مخلق منفلت من ثعبان وخفافش، وها هي الأخبار السوداء تخبرنا  أن  الدبابير الضخمة القاتلة تصل كندا وأمريكا وتنتشر هلعا على هلع وموتا فوق موت.

فما سر هذه السنة، وهل تكون  سنة إسدال الستار، وإعلان النهاية، أم  أنها سنة التحول الكبير؟؟ 

حتما لن تعود الحياة كما كانت إلى سابق عهدها، لا نعلم  ولا ندري كيف ستنتهي هذه السنة الأسوأ والأخطر منذ مائة عام مضت، شيء غريب يجول في الأفاق، وأيام خداعات قادمات، نسأل الله اللطف والسلامة ! 

Share
  • Link copied
المقال التالي