Share
  • Link copied

شخصية سيدي قاسم… تحول المدينة من الولاية إلى العمالة

نورالدين لشهب

“المكان هو الشخصية” تزفيتان تودوروف


سيدي قاسم مدينة الليمون والحنين، كما وصفها ذات مرة الشاعر المغربي محمد علي الرباوي، لأنها خبأت في جوفها خالا له وأختا وذكريات طفولته البريئة، وهي مدينة البترول كما يسميها بعض الاقتصاديين لأنها كانت تحتوي على معمل تكرير البترول بعدما تم تأسيس الشركة الشريفة للبترول في 29 ابريل عام 1929،الأمر الذي جعل سلطات الحماية تغير اسمها العربي هو سيدي قاسم إلى اسم غربي هو (بوتي جو) Petit Jeau نسبة إلى أحد الضباط الفرنسيين حين تم تأسيس ثكنة عسكرية انطلاقا من عام 1914 طمعا في البترول الذي اكتشفه الفرنسيون في جبال سلفات ومنطقة عين الحمراء عام 1923.


وسيدي قاسم هي حاضنة لطفولة أحمد الدليمي وحافظة لسر قوته، على حد وصف السياسيين والمعارضين القدامى لنظام الحكم بالمغرب الراهن، وهي مدينة الضيعات الفلاحية المترامية مساحتها كما يصنفها الإقطاعيون، وهي مدينة لظاهرة “القايد” التي وسمت بنية النظام السياسي المغربي قبل الحماية وأثناءها وبعدها..


وهي مدينة لتجمع قبلي ينحدر من العرب يشكل فيه الشراردة أولاد ادليم (يعود أصل أولاد ادليم الى محافظة الأنبار الموجودة في العراق) قطب الرحى الذين فتحت لهم قلبها واحتضنتهم حين جاؤوا إليها فعمروها خيرات، وعمرت هي قلبهم بالتآلف والطمأنينة والسكينة ..هذي هي سيدي قاسم كما يتحدث عنها الخطاب الإعلامي والسياسي والاقتصادي خلال السنون الأخيرة، لكن القليل من الناس من يعلم أن مدينة سيدي قاسم ارتسمت هويتها الوطنية وتشكل وجود الفعلي بوجود ضريح الولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية.


وإذا كانت جميع الأقاليم والعمالات، وفق التقسيم الإداري لوزارة الداخلية، تتحول من عمالات إلى ولايات، فان سيدي قاسم مدينة تحولت بفضل وليها الصالح سيدي قاسم بوعسرية من “الولاية” بمفهومها الصوفي/الروحي إلى العمالة بالمفهوم الإداري المتعارف عليه !!

الولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية

من هو سيدي قاسم؟

يذكر الشيخ الإمام العلامة سيدي محمد الصغير بن محمد عبد الله المراكشي في مؤلفه ” صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر” عن سيدي قاسم بوعسرية “هو القطب الرباني أبو القاسم بن أحمد الراشد السفياني الملقب بـ ”بوعسرية” لأنه كان يعمل بيده اليسرى أكثر، وكان من المولعين في ذات الله سبحانه ومن الأحوال الصادقة والسباحات الربانية.


وكان في بادئ أمره معدودا من شجعان قبيلته ومن أهل الفروسية التامة فيهم، فلما ألمت به الواردات العرفانية وجذبته العناية النورانية هام في البرية على وجهه وغاب عن حسه وصار يألف الوحوش ويأنس الانفراد وربما انقطع خبره عن أهله السنة والسنتين وأكثر ولا يعرفون له قرار ولا يعلمون له محلا إلى أن يأتيهم صياد أو بعض الرعاة فيذكر لهم نعته فيركبون في طلبه فيأتون به، فيمكث معهم أياما ثم يعود لمثلها إلى أن استقر حاله للجلوس في وطنه وفتلت عنه الأحوال قليلا فصار يجلس مع الفقراء ويتحدث معهم ويفوضهم، فإذا اعتراه الحال يمزق ثيابه ويبقى متجردا ومع ذلك لا ترى عورته،


وكل من أراد أن يرى عورته لا يتأتى له ذلك ولو أجهد نفسه في طلب رؤيتها ومن قضى برؤيتها عمى من حينه، وقد عمي بسبب ذلك أقوام حتى شاع ذلك بين الناس وصاروا يتحاشون ذلك، وكان أول أمره يمكث في المروج والحياض والخلجان المدة المديدة لعظم ما نزل به من الأنوار فيبردها بملازمة الماء حتى تزول عنه في آخر الأمر”إما عن وفاة سيدي قاسم نجد المؤرخ المغربي الناصري في كتابه” الاستقصاء لأخبار المغرب الأقصى” يذكر أن وفاة الولي الصالح سيدي قاسم كانت عام 1077للهجرة. ” وفي سنة سبع وسبعين وألف هجرية، توفي الشيخ العارف بالله تعالى ذو الأحوال الربانية والمواهب العرفانية البهلول أبو القاسم بن أحمد اللوشي السفياني الملقب بـ ”أبي عسرية” لأنه كان يعمل بشماله أكثر من يمينه كان من الولعين في ذات الله تعالى ومن أهل الأحوال، يقال انه حمل وهو صبي إلى الشيخ أبي عبيد الشرقي فبرك عليه ودعا بقرب من ماء فصبها عليه وقال ” لولا أنا بردنا هذا الصبي لأحرقته الأنوار” النسب الشريف للولي الصالح كان سببا تسمية المدينة بـ “سيدي قاسم”.

ويرجع نسب سيدي قاسم بوعسرية – بحسب الوثائق التي حصلنا عليها من الشرفاء القاسميين- إلى علي بن أبي طالب، حيث يتميز سيدي قاسم بكونه من أولياء الله الصالحين المشهود لهم وكونه سليل الدوحة العلوية الشريفة، قاسم الملقب باللوشي بن أحمد بن يحيى بن علي بن يعقوب بن حمزة بن يحيى بن محمد بن ميمون بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن موسى بن عيسى بن عمران بن إبراهيم بن علي بن الحسن بن أحمد بن محمد بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما بنت رسول الله سينا ونبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته” من أجل النسب الشريف للولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية الذي يتصل بالدوحة النبوية، قامت قبيلة السفيان بتأسيس أول تجمع سكاني أطلقوا عليه اسم سيدي قاسم عام 1699 ميلادية بعد بناء ضريح دفينهم الولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية على الضفة اليسرى لوادي ارضم على مدخل جبل باب تيسرة حيث تكونت أولى بوادر تشكيل تجمع سكاني لهذه المدينة. وقد تعززت هذه النشأة بإقدام السلطان مولاي إسماعيل ( (1672- 1727 ببناء قصبة البواخر قرب ضريح سيدي قاسم بوعسرية حيث استوطن هناك خمسون (50) جنديا من عبيد البخاري.


و قد كانت هذه القصبة بمثابة ثكنة عسكرية على أبواب باب تيسرة كأحد أهم الممرات لطريق السلطان. وبهذا أصبحت سيدي قاسم تؤديوظيفة ثلاثية : اقتصادية و دينية و عسكرية ….


أما المنطقة التي توجد بها المدينة حاليا فقد عرفت باسم ( ظهر الشماخ) نسبة إلى مقر اجتماع كبار أهل القبيلة المعروفينبالشماخ ، حيث كانوا يخططون في وسائل الدفاع ضد القبائل المجاورة. و قد ذهب البعضإلى ذكر سبب هذه التسمية نسبة لأبي جرير الشماخ ذلك الأموي الذي دس السم للمولىإدريس الأزهر لما هرب من زرهون ووصل جبل عين بودرى أعطى لهذه المنطقة بظهره متوجهالمدينة وجدة فسمي المكان بظهر الشماخ و يقصدون بالمكان الذي ظهر فيه و اتجه شرقا.

و مع تعاقب السنين أصبح مكان تجمعهم هذا يعرف بـ( أكبار) أو كبار الذي يعني مكان التجمع باللهجة البربرية أو الجماعة، وقد سميت المدينة بهذا الاسم الذي مازال متداولا لدى سكان البادية لحد الساعة…. و في حدود سنة 1914 أحدثت سلطات الحماية الفرنسية ثكنة عسكرية تابعة لها، كانت بمثابة تمهيد لتأسيس مدينة “بوتي جان ” سنة 1919 نسبة لأحد الضباط الفرنسيين، وهي نفس السنة التي اكتشف فيها آبار البترول بجبل سلفات. وبعين الحمراء سنة 1923.


و مع إحداث خط السكة الحديدية الرابط بين الرباط و فاس سنة 1923 و خط طنجة فاس سنة 1927م بدأت المدينة تلعب دورامهما في المجال الاقتصادي .

و بعد حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956 أعطت الحكومة المغربية أمرها تغيير بعض أسماء المدن من الفرنسية إلى الغربية، ومن ثم أصبحت تعرف بمدينة سيدي قاسم نسبة للولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية .و قد عرفت المدينة عدة مراحل في نموها الهيكلي و الاقتصادي والاجتماعي، فبعد أن كانت مجرد مركز مستقل ارتفعت إلى مستوى بلدية بموجب مرسوم ملكي بتاريخ 21نونبر1975 وتم التحول من “الولاية” بمفهومها الروحي/الصوفي إلى العمالة بمفهومها الإداري المتعارف عليه بموجب مرسوم ملكي بتاريخ 18/12/1981 .


أما عن الشرفاء القاسميين فيتوزعون على ثلاث فخدات وهي فخدة آيت الحاج التهامي وفخدة آيت العباس وفخذة آيت قاسم بن محمد، وحسب آخر إحصاء فقد بلغ عددهم 490 فردا منهم من لازال يقطن بحي الزاوية بجانب الضريح والباقي ينتشرون عبر التراب الوطني وخارجه،


وتقلد العديد منهم مناصب مرموقة بالمغرب ونذكر على سبيل المثال لا الحصر عبد الرحيم القاسمي كاتب عام وزارة السياحة وبرلماني سابق وعبد الحميد القاسمي نقيب هيئة الدفاع بالرباط ورئيس المجلس الإقليمي وبرلماني سابق والقاسمي قاسم أستاذ جامعي وزبيدة العباسي أستاذة جامعية ناهيك عن مجموعة كبيرة من الأساتذة الجامعيين بكندا وفرنسا وغيرها.


سيدي قاسم “الزاوية” بين تاريخها الزاهر المنسي وحاضرها الكئيب المزري


يقع ضريح سيدي قاسم بوعسرية بحي هامشي بالمدينة يدعى حي الزاوية، والزاوية كما هو متعارف عليه في أدبيات الصلاح بالمغرب يحيل على مؤسسة قائمة بنفسها لها مريدون وشيخ يقوم بتربية أهل السلوك والترقي في مدارج الإيمان، غير أن الأمر مختلف إزاء الولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية لأنه لم يؤسس زاوية خاصة به، والسبب يعود حسب ما صرح لنا به الباحث المغربي في علم الاجتماع السياسي يونس السريفي أن تأسيس الزاوية لا بد من أصل شريف مضاف إليه بعض المعرفة الدينية اللازمة ثم مجموعة من القبائل محتضنة لشيخ القبيلة.


غير أن الحقبة التاريخية التي عاش فيها سيدي قاسم -يضيف يونس السريفي في تصريح خاص- عرفت أرضية نموذجية لقيام ما عرف بـ-الصلاح- Maraboutisme كظاهرة مجتمعية حيث ترسخ – الصلاح- في ثقافة المجتمع المغربي وتجدر في عمق بنياته، وهو ما فسر ظاهرة انتشار الأضرحة عبر مجمل التراب المغربي سواء داخل المجال الحضري أو القروي.


وهذا الرأي تعضده جميع الوثائق التي حصلنا عليها من الشرفاء القاسميين، إذ لا يوجد ما يؤكد أن الولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية أسس زاوية خاصة به بالرغم أصله الشريف الذي يتصل بالدوحة النبوية ودعاء خاص بالولي الصالح .


ولكن وجود زاوية خاصة به مسألة لا تؤكدها الوثائق التي بين أيدينا، مما يعني أن اسم الزاوية للحي الذي يوجد به الضريح ليست مؤسسة بالشكل المتعارف عليه في تاريخ الزوايا بالمغرب التي يعتبرها بعض الباحثين الأجانب مثل روزيت Rezette وحتى بعض الباحثين المغاربة مثل محمد ضريف وغيره، بمثابة الوريث الشرعي لمفهوم الحزب السياسي بالمغرب، فالزاوية وان كانت موجودة في سيدي قاسم فهي تحضر فقط كمكان بالضريح لتلاوة القرآن الكريم وبعض الأوراد المتنوعة علاوة على دعاء الولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية، ومن هنا جاز لنا القول إن الزاوية حيز مكاني وفضاء روحاني له سدنة وقيمون، وليست مؤسسة لها تلاميذ ومريدون.


ولهذا تخبرنا المصادر التي استقيناها من عين المكان أن للضريح قيمون يسهرون للحفاظ على النظام والنظافة داخل الضريح، وهم من تعهد لهم مسؤولية استقبال الزوار وتقديم لهم الشروحات المطلوبة، كما يتكلفون بفتح الضريح في وجه العموم ابتداء من السادسة صباحا وغلق أبوابه في الحادية عشر ليلا، ويكسبون أجرتهم عن طريق الهدايا المقدمة من لدن الزوار الذين يأتون للتبرك بالولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية.


وأما القيمون على شؤون الضريح منذ الثلاثينات إلى حدود الآن فهم على النحو التالي:

فترة الثلاثينات :المقدم إبراهيم والده جاء رفقة المولى إسماعيل وينتمي إلى البوخاريين، وتوفي سنة 1965. فترة الستينات :المقدم عبد الرحمان وتوفي سنة 1973.من 1973 إلى 1985 : سيدي محمد بن العباس وكان يساعده سيدي علال الزرهوني.

من 1985 إلى 1992 :سيدي المصطفى وساعده نور الدين القاسمي وعبد الفتاح القاسمي.

من 1992 إلى 1995 : الصنهاجي ولم يكن ينتسب إلى القاسميين،وكان يشتغل مقابل أجرة .

من 1995 إلى 1998 : برحال أحمد واشتغل هو الآخر بالأجرة .

من 1999 إلى 2005 : رجوع الصنهاجي .

من 2005 إلى 2009 : إدريس بن محمد بن العباس وهو ابن المريد الذي قضى الفترة ما بين 1973 و1985.

من 2009 وإلى الآن نورالدين العباسي.

بعض هؤلاء القيمين يحصلون على مقابل مادي من مداخيل الضريح الشحيحة التي يتبرع بها زوار الولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية، أما ترميم بعض الأسوار التاريخية للضريح تتكفل بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كما هو الشأن مع الشطر الأول المطل على وادي ارضم، “فيما ننتظر انطلاق الأشغال داخل القبة وتشمل الأرضية والزخارف والجدران والزليج وغيرها، الشيء الذي سيعطي جمالية أكثر للضريح”- حسب تصريح عبد السلام القاسمي- وهو واحد من الشرفاء القاسميين.

في حين أن قصبة الزاوية التي يعود تاريخها إلى حقبة حكم السلطان العلوي مولاي إسماعيل فهي تعاني التهميش شانها شأن حي الزاوية الذي يعتبر أقدم حي بالمدينة غير أنه لا يلقى العناية اللازمة كما الأحياء الأخرى بالمدينة، حيث أصبح مشتلا لبيع المخدرات والخمور والقمار وارتكاب الجرائم نتيجة الفاقة والفقر والتهميش،

مطالب الشرفاء القاسميين

ولذلك لا جرم أن مطالب الشرفاء القاسميين التي يلخصها أحد الشرفاء في مطالبته الساهرين على الشأن الديني بالبلاد أن يعملوا على استعادة الزاوية التي كان يلقن فيها القرآن الكريم كما كان عليه الأمر في الماضي.

أما عن الموسم السنوي للولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية فكل الإجراءات التنظيمية تقوم بها بلدية المدينة بتعاون مع الشرفاء القاسميين كون الأولى تستفيد هي الأخرى من أكرية الأرض والمداخل الرئيسة للموسم، مثل التجار الذين يقيمون خيامهم التجارية أثناء فترة الموسم. والوفود من الزوار الذين يأتون من مدن مختلفة وكذا عدد مهم من الفرسان الذين ينشطون الموسم بفن التبوريدة التي تعد الفرجة الرئيسية فيه التي تضم أكثر من 1500 فرس كل سنة يأتي أصحابها من القبائل المجاورة كسيدي سليمان وكروان الشمالية والجنوبية وتيسة ومكناس والخميسات وتيفلت وآيت يدين واشراكة وغيرها من المناطق ناهيك عن القبائل المتاخمة لمدينة سيدي قاسم.

كل مداخيل هذا الموسم تتصرف فيها البلدية. أما على عهد الحماية فتم تسليم وثيقة من لدن المقيم العام الفرنسي بالمغرب، وهي عبارة عن ترخيص لإقامة الموسم السنوي بالرغم من أن تنظيم الموسم كان يقام قبل عصر الحماية، وكانت فخدات قبيلة اشراردة وتكنة وزيرارة تتكلف بإقامته بتنسيق مع القائد ”إدريس” فور الانتهاء من جمع المحاصيل الفلاحية الذي تُتوج بالموسم السنوي للولي سيدي قاسم بوعسرية، فكانت تقدم الهدايا مباشرة إلى الضريح، وهي عبارة عن ذبائح من فحول العجول من القبائل والجزارين والتجار الذين كانوا ينتظمون هم كذلك بتقديم هداياهم السنوية بالمناسبة، مما ساهم في توسيع الضريح وأصبح يحتل مساحة واسعة على وادي ارضم يحوي مسجدا كبيرا يتسع لأكثر من 1200 مصلي ومقبرة شاسعة لدفن الشرفاء وأصهارهم.

إنه تاريخ زاهر منسي وفقر مدقع يتطاول على “مريدي” الزاوية …هي واقع الحال لتجمع سكاني يسمى حي الزاوية، يعيش على هامش المدينة بعدما وهبها اسما وهوية ورمزا ضاربا في أعماق تاريخ الشرفاء كظاهرة وسمت المغرب الوسيط إلى حدود الآن تواطأ مع قصبة البواخر التي كانت تضم 50 جنديا من عسكر البواخر الذين كانوا يقومون بمهمة الحراسة كعسس على منفذ مدينة مكناس عاصمة السلطان العلوي المولى إسماعيل، وهو ما أهل حي الزاوية الذي كانت تختزل فيه المدينة أن يقوم بدور ديني وعسكري واقتصادي.

أما الحاضر، فحي الزاوية و”مريدوه” من السكان لا زالوا يقاومون ضنك العيش بإرادات “سيزيفية” ولسان حالهم يقول : لا محل لنا من الإعراب ما دمنا شبه جملة في سياق نص فضل مؤلفوه/المسؤولون، أن نكون خارج سياقه الإصلاحي، وربما “بركة” سيدي محمد بوخنشة دفين قرب ضريح سيدي قاسم بوعسرية، والذي اشتهر بهذه الكنية لأنه كان يضع كتبه في خنشة، هي ما تبقى في وصول بعض سكانه، بالرغم من الحاجة والفقر والفاقة..إلى مراتب تعليمية متقدمة!

ربما.. وقد تكون الأسطورة أصدق من التاريخ/الحاضر كما يذهب إلى ذلك المفكر الجزائري كاتب ياسين!

Share
  • Link copied
المقال التالي