Share
  • Link copied

يجب على المغرب الاستعداد لتطبيق الفصل 74 من الدستور بإعلان حالة الحصار

باشر المغرب منذ بداية ظهور خطر وباء كورونا العمل بتطبيق مجموعة إجراءات يبدو أنها متدرجة لتفادي خلق حالة هلع في المجتمع، لكن اليوم ونحن نتجاوز منتصف شهر مارس أحد اخطر الشهور في تاريخ  العالم نوجد أمام تصاعد انتشار الوباء وتحول الوضع الى حالة “حرب صحية “عالمية ضد الوباء بإغلاق أغلب الدول لحدودها وإيقاف حركة الطيران وفتح السفارات أمام رعاياها الموجودين في دول أخرى.

ويبدو من خلال الإجراءات التي اتخذها المغرب لحد الآن، وصولا إلى إغلاق المساجد والمقاهي وتقنين طريقة النقل العمومي ، جدية كبيرة في التعامل ومراقبة الوضع ،ورغم تجاوب فئات كبيرة من المغاربة مع الإجراءات الحكومية فلازال هناك فئات كثيرة إما أنها لاتستوعب خطورة الوضع أو أنها تناقش الاجراءات وتريد الحلول مع السلطات في فرض رؤيتها ،لذلك يبدو أن القضية اليوم باتت قضية أمن قومي مغربي تحتاج معه البلاد الى تطبيق مقتضيات دستورية لنقل المجتمع من وضعية عادية الى وضعية  استثنائية تغير العقل الجمعي وتخلق تمثلا جديدا لصعوبة الظرف الحالي.

لذلك، بات من المستلزم الإعداد لتطبيق مقتضيات الفصل 74 من الدستور في هذه المرحلة الصعبة  ،فالأمر يتعلق بتطبيق فصل استثنائي  في ظـرف غير عادي ،وينص الفصل 74 من الدستور على مايلي” يمكن الإعلان لمدة ثلاثين يوما عن حالة الحصار ،بمقتضى ظهير يوقعه بالعطف رئيس الحكومة ،ولايمكن تمديد هذا الاجل الا بالقانون“، فتطبيق هذا الفصل الدستوري يخلق وضع جديدا له  تأثير سيكولوجي على المجتمع  حيث أن حالة الحصار  تنقل المجتمع ليتمثل أوضاعا غير متوقعة توجد داخلها اجراءات تهدف بانتظام الى التجاوب مع اوضاع استثنائية غير متوقعة.

 لذلك فإن الفصل 74 من الدستور يمنح الإمكانيات التالية لترتيب وضع يحد من خطر يهدد الأمن القومي المغربي:

أولا، يمكن سلطات الدولة العادية من سلطات استثنائية لمواجهة أوضاع انتشار الوباء، وهي سلطات تكون مختلفة عن الوضع العادي في شأن الحريات العامة، حيث يمكن التدخل لمنع كل انواع التجمعات وإغلاق كل الأماكن التي من شأنها التأثير في إجراءات الحد من انتشار الفيروس ،فالفصل  يجعل سلطات الدولة أمام  ادوات عمل غير عادية لها ارتباط بمكافحة الخطر تستخدمها طيلة مرحلة الأزمة.

ثانيا، يمنح هذا الفصل المرتبط بحالة الحصار لسلطات الدولة امكانية تقسيم التدابير إلى درجات تعبئة عامة وإجراءات وقائية ،تدابير يمكن تطبيقها في رقعة محددة من التراب الوطني في حالة ظهور تهديدات جزئية او في كل المجال الترابي الوطني.

ثالثا، إن حالة الحصار تجعل المدني والعسكري في الدولة جسما  واحدا  يشتغل في نفس الميدان بتعاون تام  ،كما ان المنشآت الخاصة تصبح تحت تصرف الدولة ،ويمكن ان نعطي مثال هنا بأن المستشفيات الخاصة يمكن استعمالها من طرف الدولة في حالة الحصار، وذلك في حالة ما اذا تبين ان المستشفيات العمومية لم تعد قادرة على القيام بدورها.

نحن الآن نوجد في المرحلة الأولى من انتشار الوباء ولاتوجد ضمانات بأن المغرب لن ينتقل للمرحلة الثانية أو الثالثة ،ويوجد لدى السلطات العمومية قراءة ميدانية  للطريقة التي تفاعل بها المواطنون مع الإجراءات المتخذة وفي حالة ما اذا خلصت هذه القراءة الى وجود حالة عدم استشعار عدد كبير من المواطنين لخطورة الوضع وضرورة الحد الطوعي من حركتهم وتجمعهم، فإن الحل الوحيد لضمان “الابتعاد الاجتماعي” كمنفذ وحيد للوقاية لحد الآن، يكون من الضروري على الدولة الإعلان عن حالة الحصار بتطبيق الفصل 74 من الدستور، لا يوجد لدينا في الدستور ما يسمى بحالة الطوارىء ، وهما تسميتان دستوريتان مختلفتان، رغم أن البعض يخلق بينهما ،فحالة الحصار أكثر دقة وتتضمن اليات تتلاءم بشكل كبير مع اللحظة التي يهدد فيها وباء الأمن القومي للدولة، فلا يٌعقل أن تستمر “الهديات” والأعراس والخطوبة ومحاولة الدخول للمساجد رغم إغلاقها ومقاهي قد تغلق الأبواب وتفتح النوافذ لزبنائها والتجمعات في نهاية الاسبوع قرب الشواطئ، وكأن الوضع عادي، فالمواطن حر في الوضع العادي، ولكنه يجب أن يلتزم بالإجراءات في لحظات وجود خطر يهدد الأمن القومي، وقد لاحظنا الإجراءات التي تجري في أعرق الديمقراطيات العالمية ،ففي لحظات الأزمة لا يوجد شيء اسمه حرية المواطن في الحركة والتجول ،وإنما شيء اسمه حماية أمن المجتمع من طرف الدولة.

*محلل سياسي وأستاذ جامعي

Share
  • Link copied
المقال التالي