يبدو أن الوزير وهبي فقد بوصلته ولم يعد يعرف إلى أين هو ذاهب وماذا يريد بالضبط كوزير سياسي في حكومة يقودها رجل أعمال مغربي كبير إسمه عزيز أخنوش الذي تصنفه مجلة الفوربيس الامريكية ضمن قائمة كبار الأثرياء في القارة الأفريقية وعلى المستوى العربي!
أينما حل وارتحل هذا الوزير إلا ورافقت تصريحاته السياسية ردود فعل غاضبة تارة من طرف الصحفيين الذين جرهم أمام المحاكم بناء على شكايات تتعلق بنشر اخبار ووقائع يدعي أنها كاذبة ويردون عليه بما يفيد أنها صحيحة ولا غبار عليها، وتارة من طرف خصومه السياسيين في المعارضة بشأن مواضيع لها علاقة بإصلاح مدونة الأسرة، وفي مستوى آخر تجده وجها لوجه أمام جمعيات حقوقية تتهمه بمحاولة مصادرة حقها الدستور في ممارسة ادوارها ذات الصلة بمحاربة جرائم الفساد وتبديد المال العام!
في تاريخ الحكومات المتعاقبة ما كان للمغرب وزيرا للعدل بمواصفات الوزير وهبي الذي يلعب دور الوزير السوبيرمان في حكومة عزيز أخنوش ورغم الصراعات والمشاكل الكثيرة التي كانت بين وزارة العدل وباقي الفرقاء في القطاع لم تصل الخصومات إلى الحد التي شهدتها مرحلة الوزير وهبي مع الصحفيين ومع الممتحنين لولوج سلك المحاماة ومع المحاماة أنفسهم!
اليوم طالعت بلاغا شديد اللهجة صادر عن نادي قضاة المغرب ضد تصريحات الوزير وهبي وبين سطور هذا البلاغ تبين لي أن الوزير عبد اللطيف وهبي أغضب هذه المرة السادة القضاة ودفعهم إلى تذكيره بأن السلطة القضائية مستقلة وأن القضاة يطبقون القانون ولا ينفذونه وفق التصريح المنسوب إليه!
بكل صدق ما جاء في بلاغ نادي قضاة المغرب سليم جدا من حيث فحواه وأفكاره الأساسية ومن حق السادة القضاة الدفاع عن كرامتهم وعن استقلاليتهم كلما شعروا أو أحسوا بأن هناك من يريد أن يسلب منهم هذه الاستقلالية التي ناضلوا من أجلها بشراسة مند سنة 2011 في إطار ما سمي بالحراك القضائي في المملكة!
هناك حدود فاصلة بين السلط ودستور 2011 كرس هذه الاستقلالية بشكل واضح وعندما سحبت رئاسة النيابة العامة من وزير العدل كانت الغاية من ذلك هي فصل القضائي عن التنفيذي حتى تشتغل كل سلطة بمعزل عن باقي السلط مع الابقاء على شعرة معاوية قائمة بكل تأكيد في إطار تعزيز المقاربة التشاركية كمبدأ دستوري!
من المؤلم والمؤسف أن يشتكي السادة القضاة من خلال بعض جمعياتهم المهنية ان وزارة العدل لا تفعل المقاربة التشاركية معهم في اعدادها لمشاريع القوانين التي ترتبط بمجال عملهم كقضاة ينتمون إلى السلطة القضائية التي بوأها دستور 2011 مكانة محترمة!
الخلاف مع الصحفيين، والخلاف مع المحامين، والخلاف مع الجمعيات الحقوقية عندما ينضاف إليهم الخلاف مع السادة القضاة، نصبح أمام وزير مشاكس وعنيد وصدامي!
الخلاف مع ابن كيران في السياسة يمكن تفهمه وهو شكل من أشكال التدافع السياسي الذي ألفناه في المغرب مند سنوات رغم التحفظ على القاموس السياسي الذي أصبح متداول في السنوات الاربع الأخيرة، ولكن التدافع بين وزير للعدل والسادة القضاة ينبغي ألا يخرج عن الاعراف والتقاليد المرعية، حفاظا على الحد الأدنى من الاحترام الواجب بين الطرفين!
أن تكون وزيرا سياسيا نشيطا في عمله الحكومي شيء رائع وجميل ولكن أن تتحول إلى وزير منزعج من الجميع فهذا يطرح اكثر من علامة استفهام حول معقولية ذلك؟
يمكن للوزير أن يكون مصيبا في رأي ما ويمكن أن يكون وازعه السياسي والقانوني حول موضوع ما معقول إلى حد ما ولكن أن يتصرف الوزير بمنطق هو الوحيد الذي يشع منه نور الحداثة والقانون والسياسة والحقيقة والباقي ظلام في ظلام فهذا ما يدعونا إلى مطالبة السيد الوزير من باب محبتنا الشخصية له بالمحافظة بعض الشيء على هدوءه لأن المحارب الذي يقاتل في أكثر من جبهة وبأسحلة متنوعة لن يحقق النصر بكل تأكيد وستكون الهزيمة هي مصيره وقد سمعنا كيف أن الوزير بدأ يلمح إلى أن المعركة حول مدونة الأسرة لم تحسم بعد!
تعليقات الزوار ( 0 )