هل تخدم الهيئة السياسية التي أسستها الانفصالية أميناتو حيدر البوليساريو ومن ورائها الجزائر؟ وما هي أهداف هذه الهيئة وخليفات تأسيسها في هذا الظرف بالضبط؟ وكيف يرى مبادرة صحراويون من أجل السلام ؟ وكذا الانتفاضات التي تشهدها المخيمات ضد البوليساريو وآثارها على مستقبل البوليساريو؟
هذه أسئلة وأخرى يجيب عنها المصطفى ولد سلمة ولد سيدي مولود، القيادي السابق في البوليساريو في حوار خاص مع جريدة بناصا.
باعتبارك قياديا سابقا في البوليساريو وعشت في المخيمات سنوات، كيف تابعت مبادرة أميناتو حيدر من التحول من الحقوقي الى ما هو سياسي؟
في الجواب عن السؤال، كشف المصطفى ولد سيدي مولود، القيادي السابق في البوليساريو أنه تفاجأ من المبادرة التي أعلنتها الانفصالية أميناتو حيدر في جنوب الأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث نزعت جبة حقوق الإنسان، والتي كانت تفضحها، بحيث إنها لم تكن تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في المخيمات وعن آهات وآلام مجموعة من الأصوات المعارضة من داخل المخيمات، ومنها القيادي السابق في البوليساريو المصطفى ولد سيدي مولود الذي يعيش مبعدا عن بنيه وأهله منذ سنوات خلت، واستبدلت جبة حقوق الإنسان بالعمل السياسي فيما يسمى بـ“الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”.
وقال ولد سيدي مولود في اتصال مع جريدة بناصا: “مثل العديد من المتابعين لنزاع الصحراء، تفاجأت من الإعلان عن تيار سياسي صحراوي في المغرب مكون من نشطاء معروفين بتبنيهم لافكار البوليساريو و دفاعهم عنها”.
واعتبر القيادي السابق في البوليساريو، أن “البوليساريو تستمد قوتها من كونها المخاطب الوحيد دوليا الممثل للصحراويين. ولا يخدمها أن تتنظم أي مجموعة صحراوية سياسيا خارج إطارها حتى ولو كان بنفس أفكارها”.
وأردف ولد سيدي مولود بالقول: “فمجرد اعتراف الجبهة بوجود كيان سياسي صحراوي آخر غير البوليساريو معناه انتهاء البوليساريو، ومعناه خرق دستور الجبهة الذي يمنع تأسيس الجمعيات والاحزاب السياسية قبل الاستقلال”، وأضاف: “هذا يحيلنا إلى عدة قراءات لمبررات و دواعي إعلان منتو حيدار عن تأسيس تيار صحراوي مناهض للمغرب في مدينة العيون”.
القراءة الاولى، حسب المصطفى ولد سيدي مولود، متعلقة بمشروع منتو حيدار الحقوقي، فقد تراجع النشاط الحقوقي في الأقاليم الصحراوية، و شهد الجسم الحقوقي عدة صراعات، ووصل به الحال إلى ما وصلت إليه البوليساريو الأم من جمود.
وما السبب في ذلك؟
يجيب ولد سيدي مولود: “القادة راكموا من المكاسب ما يغنيهم عن المخاطرة بأنفسهم، و القواعد بقيت على حرمانها ولم يتحقق لها أي شيء. لذلك كان لابد لمنتو حفاظا على مكاسبها أن تؤسس مشروعها الخاص بحلة جديدة بعيدا عن مزاحمة الرفاق وضغط القواعد”.
وبهذا المعنى تكون مبادرة الانفصالية أميناتو حيدر قد دقت المسمار الأخير في نعش البوليساريو.
وعن علاقة البوليساريو بأميناتو حيدر، أوضح ولد سلمة أنه حسب التسريبات لم تكن العلاقة جيدة تماما بين منتو و قيادة الجبهة في السنوات الأخيرة بسبب تدخلات قيادة الجبهة في إدارة النشاط الحقوقي في الأقاليم وتفريخ الجمعيات الحقوقية، حتى صار بعضها منافسا لحيدار أو قُرئ أنه محاولة لتحجيمها.
وهل للجزائر دور في تأسيس هيئة أميناتو حيدر؟
يقول المتحدث: “الجزائر في عهد الرئيس الجديد تبون، وبالرغم من تصريحات مسؤوليها المؤيدة لتقرير المصير واستبعاد تخليها عن مشروع البوليساريو، إلا أنها لم تستقبل إبراهيم غالي إلى حد الساعة، ما يوحي أن تنشيط ملف الصحراء ليس من ضمن أولوياتها في الظرف الراهن، لذلك يستبعد أن يكون للجزائر دور كبير في تأسيس تيار منتو السياسي الجديد”.
وذهب المصطفى ولد سيدي مولود، في اتصال مع جريدة بناصا، إلى أن تيار أميناتو هو من ارتدادات الصراع داخل الجبهة. كما هو تيار الحاج أحمد”.
واستدرك المتحدث قائلا: قد يكون رأي حق أريد به باطل، كأن تكون الأجنحة التي لديها حسابات مع منتو قد زينت لها فكرة تأسيس كيان سياسي كردة فعل على التجمعات التأسيسية التي قامت بها حركة الحاج أحمد في الأقاليم الجنوبية، والغاية منها إحراج الدولة المغربية أو أي جهة دولية تريد التعاطي مع حركة الحاج أحمد، وفي نفس الوقت وضع منتو في تصادم مع السلطات المغربية قد تكسب منه الجبهة إعلاميا، في نفس الآن تحجيم شعبية منتو من خلال الدفع بها إلى أتون النشاط السياسي الذي يعتمد على قوة الحشد والتأطير في بيئة ممنوع بها هكذا أنشطة سياسية”.
وأوضح ولد سيدي مولود أن “مشروع منتو وإن كان يبدو في الوقت الراهن يخدم الجبهة على المستوى التكتيكي. فانه لا يخدمها ألبتة على المستوى الاستراتيجي. فأمنتو حيدار خارج الحدود الجزائرية ولا يمكن أن تجازف الجزائر بالسماح للبوليساريو بإعطاء أي شرعية سياسية ليست تحت عباءة الجبهة لأحد خارج حدودها، وإنما يُراد بمشروع منتو زيادة الاستقطاب في الأقاليم وعدم ترك مساحة لرأي وسط بين الوحدة والاستقلال لحين الانتهاء من حركة الحاج أحمد وبعدها سيتخلص من تيار منتو نفسه”.
هل للمغرب يد في هذه المبادرات؟
يجيب المصطفى ولد سلمة ولد سيدي مولود: “لا أعتقد أن للمغرب يدا لا في مبادرة حركة السلام ولا في مبادرة منتو، لأن المغرب راكم تجربة كبيرة في معركة التمثيل، ووجد أن أنسبها و أكثرها ضمانا هو المنتخبون الذين يسيرون الأقاليم الجنوبية وأعيان القبائل الصحراوية الذين يتواجد أغلبهم بالاقاليم الجنوبية”.
كما استدرك قائلا: “وقد تحصل تقاطعات للمغرب مع أي تيار مناهض للبوليساريو بحكم المصلحة المشتركة، لكنه لن يعدو كونه عملا ظرفيا مؤقتا وعلى مستويات محدودة”.
واعتبر المتحدث أن كل المبادرات الحالية “ما زالت ناشئة و تعمل في محيط صعب و ليس لها حركية حركة بحكم تعارضها مع مصالح هذا الطرف أو ذاك”.
وأضاف في نفس السياق أن “هذه المبادرات ما زالت في المهد مع غياب الديمقراطية وعدم تعود الصحراويين الذين يحكمهم نظام الحزب الواحد منذ عقود، فإن هذه المبادرات لحد الساعة ما زالت تعتمد على الصداقات أو البعد المناطقي والقبلي. وليست مبادرات شاملة وجامعة لكل الصحراويين. و ليست مستقلة في مشاريعها السياسية عن البوليساريو، فهي بين المؤيدة المتماهية مع مشروع الجبهة، و بين المعارضة لنهج قيادة الجبهة في إدارة الشأن العام وتدبير النزاع. أي انه ليس لأي من المبادرات الحالية مشروع و رؤية مستقلة. و لو كان من السابق لأوانه الحكم على التنظيمات في مرحلة المهد”.
وخلص المصطفى ولد سيدي مولود، في اتصاله مع جريدة بناصا، إلى أن “المبادرات المنظمة ومن الحراك الشعبي الرافض لبقاء الوضع على حاله هو أننا نشهد نهاية مشروع البوليساريو كحركة جامعة لكل الصحراويين. وأن الفكر الصحراوي يتجه نحو التأسيس لمرحلة جديدة في تعاطيه مع النزاع يميل الى التعايش والبحث عن حل ولكنه مثل أي مخاض لن يكون يسيرا”.
الحل هو الإسراع بتطبيق الحكم الذاتي في الصحراء المغربية .