صدرت مؤخرا، للصحافي بجريدة “بناصا” الإلكترونية عزيز سدري، رواية جديدة بعنوان “ولد الكاريان“، وتمثل هذه الرواية “باكورة” أعمال الكاتب الواعدة في مجال الرواية العربية الحديثة.
رواية “ولد الكاريان” الصادرة عن دار البشير للثقافة والعلوم المصرية، هي عبارة عن سيرة تخيلية، تمزج بين الواقع والخيال، وأحداثها حُبلى بالمواضيع الاجتماعية الصادمة.
وسيكتشف القارئ المغربي والعربي من خلالها عوالم أحياء الصفيح، وبالأخص الحي الصفيحي (دوار السكويلة) بالدار البيضاء، كما عاشه بطل الرواية.
وتطرق الكاتب، من خلالها، إلى عدد من المواضيع و”الطابوهات” بجرأة كبيرة عبر تسمية الأمور بمسمياتها.. وتخص هذه المواضيع إلى جانب العالم الديستوبي للأحياء الصفيحية، تيمات الهجرة والدعارة والجريمة والتنشئة الاجتماعية.. وكذلك النبل الإنساني وسط هذا الشتات من المتناقضات.
وتحمل الرواية التي تعّمد الكاتب ألا يذكر فيها إسم البطل إلى أن تنتهي الرواية المكونة من 184 صفحة، في جعبتها العديد من الأحداث والمفاجآت التي قد يكتشفها القاريء المغربي والعربي لأول مرة.
وتتحدث الرواية في مُجملها عن مرحلتين: الأولى مرحلة اللاوعي، وتتمثل في مرحلة الطفولة وما عاشه بطل الرواية من أحداث صادمة ومُخلخلة في الحي الصفيحي الآنف ذكره، والثانية هي مرحلة الوعي التي قرّر فيها البطل السفر نحو المجهول وكان لديه اختياران: إما السفر نحو لهيب العراق أو صقيع كندا.
وهذا مقطع حصري من رواية “ولد الكاريان” لجريدة “بناصا”، لكاتبها عزيز سدري.
واحد وعشرون ربيعاً يا إله الكون، وأنا أدور مع الأرض حول الشمس، لم أتذوق فيها طعم الأسى والابتئَاس والأسف، إلا في تلك اللحظة التي لمحت فيها بريق دمع حارق، ينسكب بخجل على خد والدي وهو يودعني وداع بَيْن، مُمسكاً بحقائب سفري بمأساة وحسرة..
كانت تلك أول مرة أرى فيها والدي يذرف الدمع، وكانت تلك أول مرة أهاجر فيها إلى مكان أبعد من البعد. أما والدتي التي كانت أقرب إليَّ من حبل الوريد، فلم أجرأ أن يكون الفراق في لحظة يتلاقى فيها بصري وبصرها، لقد غضيت بصري لأتقي شر البكاء في حضرة جلالتها.
غادرت المغرب زوالا، عبر بوابة مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، بحقائب خفيفة وأحزان ثقيلة، وفي جوفي برْقة، وخوف، ودهشة، وألم؛ وإن ألم الفراق يا الله لكان أشد على فؤادي من رهبة الموت وفزعه.
وبعد رحلة طويلة في السماء، دامت لأزيد من واحد وعشرين ساعة وصلت إلى كندا، عبر مطار إدمنتون الدولي، حيث كان بانتظاري مسؤول من إدارة العمل، تكلف بنقلي فيما بعد إلى بيتي الجديد بغرب مدينة إدمنتون..
هناك حيث ركنت حقائبي، ورميت بجسدي فوق أقرب أريكة وأغمضت عينيّ. بيد أن الشوق اشتد بي لحظتها غير راغب في مفارقتي، ولم أجد ما أؤنس به روحي، غير هاته الأبيات الشعرية حفظتها من قصيدة لا أتذكر حتى قائلها:
ولا أُغمضت عيناي بعد فراقكم ولا لّذ لي بعد الرحيل سكون يخيل لي في النوم أني أراكم فيا ليت أحلام المنام يقين وإني لأهوى النوم من غير حاجة لعل لقاكمْ في المنام يكون
دمت متألقا صديقي، و أتمنى أن أرى روايات أخرى و كتابات أخرى، بالتوفيق إن شاء الله