شارك المقال
  • تم النسخ

وفاة الطفل ريان تنشر الأحزان في النفوس.. وتميط اللثام عن بحرِ المشاعر الجيّاشة

أيادٍ رفعت إلى السمّاء.. وقلوبٌ شدّة وأعينٌ بكت ومشاعر انكسرت.. بعد فرحٍ شديدٍ لم يدم سوى لدقائق، انقلب إلى حزن عامّ على وفاة الطفل ريان.. ألم على وصول الموت إلى صغير البئر قبل فرق الإنقاذ.

كان المقطع الذي ظهر فيه ريان، وهو يحاول النهوض من داخل البئر، ووجهه تملأه الكدمات والدماء، بالكاد يتحرك، _كان_ سبب انتشار قصته كالنّار في الهشيم.. وتحريك عواطف العالم، وجعل متابعي قصته سجناء بئر وهميّ مؤلم أكثر بكثير من ذلك الذي تواجد فيه ابن الخمس سنين.

رسائل مؤثرة وصلت عبر مختلف القنوات الدولية، وعلى رأسها الجزيرة مباشر، التي استقبلت مكالمات من بلدان مختلفة، أعرب فيها المتحدثون، ومنهم أطفال صغار، عن أملهم في أن يخرج ريان، على قيد الحياة، وقالت امرأة من الجزائر، إنه في حال نجحوا في إنقاذه، فإنها ستقيم صدقة كبيرة في منطقتها.. لقد حركت قصته القاصي والداني.. وجعلت كلّ الآباء والأمهات يغرقون في آبار الحزن منذ الثلاثاء.

اصطدمت الآمال بالقدر.. وكان قضاء الله سباقا إلى ريان.. تقبّل الناس على مضض ما حصل، ولكنهم أجمعوا على أن قصة طفل البئر فريدة، وحدت شعوباً تختلف دياناتها وثقافاتها ولغاتها، وجعلت الجميع يرفعون أكفّ الدعاء والصلاة لابن دوار إغران، فكُتب لاسمه أن يخلد في التاريخ بحروف من ذهب، وهو الذي كان قيد حياته يطالب أمه وأبناء دواره بمناداته بـ”سي ريان”.

سادت حالة من الصدمة بعد إذاعة خبر وفاته، بكاء في جميع البيوت، وكأن ريان ابن، ليس للمغاربة، بل للإنسانية، وانتشرت التعازي من كلّ بقاع الأرض، ومن مختلف أصناف الناس، من الملوك، والرؤساء والوزراء، والأندية الرياضية واللاعبين… المشترك بين الجميع، تلك الأماني بأن يعيش الطفل، التي تحولت فجأة إلى أحزان بموته.

أماط رواد مواقع التواصل الاجتماعي، اللثام عن بحر المشاعر الجياشة التي هزّ أمواجها موت ريان، حيث كتب الإعلامي إبراهيم شخمان: “صحيح أن ريان مات.. إلا أنه في الحقيقة لم يمت ! أنفاسه الزكية الأخيرة لم يلفظها، لقد كان ينفخها في جثاميننا نحن الموتى، وحرك فينا معان كنا قد دفناها مع دفائن عبد الكريم غلاب حينما دفن هو ماضيه..”.

وأضاف شخمان في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي: “ريان بعث فينا الإنسانية من جديد، بعد أن بتنا جحافل بشرية متبلدة الاحساس.. ريان ذكر الانسان بإنسانيته، والمسلم بأمته والمغربي بمغربيته، هب عمي علي من الجنوب للشمال وهوت القلوب في المنازل والمعامل والمساجد والمقاهي والحانات… ومن كل قصر مشيد، نحو تلك البئر المعطلة..”.

واختتم: “ليتنا نعيش بأنفاس ريان ..ويظل ما أحياه فينا، حيا ما حيينا .. لله حكم كثيرة جدا فيما حصل طيلة الأيام الاخيرة.. قد نعلم بعضها، لكننا نجهل جلها.. عزاؤنا واحد. إنا لله وإنا إليه راجعون”.

من جانبه، كتب كريم حضري: “حزني وألمي بخبر موت ريّان لا يعادلهما إلاّ حزني و ألمي بخبر مرض ابني أحمد كريم بالسرطان.. نفس الحرقة، نفس الخنقة، ونفس الوجع. وفي نهاية المطاف لا نقول إلاّ ما يرضي ربّنا أن الحمد لله وأنّا لله و إنّا إليه راجعون”، متابعاً: “كانت ليلة بدون نوم.. بحزن عميق و ألم شديد.. لقد كان ريان و هو في قعر البئر كما لو أّنه ابن الجميع”.

واسترسل في تدوينة نشرها على حسابه بـ”فيسبوك”: “غير أن مشاهد وصور أمّه وأبيه وحرنهما عليه وهما محتسبين صابرين لا تفارق البال. نعم يبدوان هادئين، صامتين وصابرين، لكن وربّي أعلم أنّه كما أو يكون الزلزال يضرب فؤاديهما من الداخل. أعرف ذلك الوضع جيدًا، هدوء وصمت في الظاهر، وبركان وعواصف في الداخل”.

وواصل حضري: “اللهم أنزل رحمتك.. أرجوكم دعواتنا جميعاً لوالديه بالصبر والقوة، فغير الله لا مؤنس لهما ولا عزاء لهما وبدون رحمته لن ننجح جميعا في أن نواسيهم. فلندعو لهم…”، مسترسلاً: “أمّا ريّان فهو إلى جانب ربّ رحمان رحيم رفع روحه إليه لتسكن جنّات النعيم ويكون في الآخرة شفيعاً لوالديه وربّما للملايين من أهله في كلّ العالم”.

وجاء في ختام تدوينته: “لقد أحببنا ريان ورقّت قلوبنا رحمة، فكما لو أنّ الله يقول لنا جميعًا لستم أحنّ ولا أرحم من الرحمان الرحيم، فأخذه إليه.. ألم ترتفع أصوات الحشود عالية: ريان حبيب الله، فهل للحبيب أن يترك حبيبه وهو الصادق الحكيم الحليم. اللهم رحمتك”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي