بالرغم من أنها كانت وما تزال مرشحةً لتصبح عاصمةً لإقليمٍ مستقلّ عن الحسيمة، إلا أن مدينة تارجيست التي تعدّ مركزاً لثلاث دوائر إدارية، بها العديد من الجماعات القروية، ما تزال تفتقد لمجموعة من المرافق العمومية المهمّة، من بينها دار الثقافة، التي وعد المسؤولون، منذ سنة 2016، بإحداثها، دون أن ترى النّور لحد الآن.
ويشتكي مجموعة من الفاعلين الثقافيين بتارجيست، من استمرار غياب هذا المرفق العموميّ عن المدينة، ما تسبب في ركودٍ كبيرٍ في هذا الميدان، وأجبر العديد من الشّباب الموهوبين على الهجرة منها والبحث عن مناطق أفضل للاستقرار وتفجير إبداعهم، كما أن الوضع الحاليّ أدخل اليأس إلى الجمعيات، وجعل بعضها تنقل أنشطتها إلى مدن أخرى مثل طنجة.
وفي السياق ذاته، قال شريف أدرداك، رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف، إن “غياب دار الثقافة بمدينة تارجيست، سبب العديد من المشاكل للجمعيات الثقافية التي تشتغل بالمنطقة، من بينها جمعتنا، التي اضطرت لتحويل أنشطتها وخصوصا مهرجان باشيخ للسنة الأمازيغية، إلى مدن أخرى مثل طنجة وتطوان”.
وأبرز المتحدث في تصريحٍ لجريدة “بناصا”، بأن مهرجان باشيخ، الذي يستضيف أساتذة جامعيين من داخل وخارج المغرب، وفنانة وفاعلين في المجال الثقافي والعلمي، لم يعد بإمكان مدينة تارجيست احتضانه، نظراً لغياب أبسط الشروط الموضوعية لاحتضان ولو نشاط ثقافي صغير جدّاً، فما بالك بالمهرجان”.
وشدد على أن “مطلب إنشاء وإحداث دار للثقافة بالمدينة، أصبح ضرورياً لأن تاجيست هي حاضرة لقبائل صنهاجة الريف، وتشكل القطب الحضري الوحيد الذي يجمع ثلاثة دوائر إدارية هي دائرة تارجيست، ودائرة كتامة، ودائرة بني بوفراح، وسبق لنا أن رفعنا مطالبتنا بإنشاء عمالة صنهاجة، تكون تارجيست عاصمةً لها، لأن هذه الخطوة ستجلب العديد من المشاريع”.
من جانبه قال عماد السعيدي، الناشط الكوميدي، إن “مهنتي هي المسرح، وأحب العمل على الفكاهة، وأرى أني قادر على إعطاء الكثير في الميدان، لكن هناك الكثير من المعيقات التي تصعب هذا الأمر على المواهب مثلي ومثل الكثير من أصدقائي ممن لديهم الستانداب أكثر من هواية، والمسرح يعتبر حياتهم”.
وأردف السعيدي في تصريحه لجريدة “بناصا”: “حاولنا أكثر من مرة تنظيم أنشطة في قاعة المكتبة البلدية التي تعتبر الفضاء الوحيد في الميدان، وهو لا يتوفر على الكثير من الأمور التي نحتاجها في المجال”، مستدركاً بأنه في كلّ مرة كنا نعاني من مشاكل عديدة لدرجة أننا نصل لمركز الشرطة، بسبب توافد أعداد كبيرة أكثر مما تستوعب المكتبة.
وأفاد المتكلم نفسه، بأن مدينة تارجيست لا تتوفر على فضاء يمكن استقبال الكثير من الأشخاص، وهو ما ترك “العديد من أصدقائي يسافرون لمدن أخرى للاستمرار في المجال، مثل تطوان وطنجة، لأن هناك دوراً للثقافة، عكس تارجيست التي لا تتوفر عليها ولا على أي شيء يساعد المواهب على إبراز ما تملكه في الميدان”.
وأوضح عدنان الهاني، رئيس جمعية أيور للمسرح، بأن هناك مجموعة “من الجوانب التي تعاني منها الجمعيات الثقافية والفنية، والتي تعتبر أهمها هي دار الثقافة تتوفر على قاعة عروض، وللأسف تارجيست لا تتوفر فيها غير قاعة المكتبة البلدية، لا وجود فيها لأي شروط لقاعة عروض أو قاعة ندوات، وتعتبر فقط مكتبة يذهب إليها الباحثون والطلبة”.
وذكر المتحدث ذاته، في تصريحه لجريدة “بناصا”، بأنه “إن سألنا أي جمعية في تارجيست، عن حاجتها لدار الثقافة، ستقول نعم بكلّ تأكيد، لأن مجموعة من الأنشطة لابد لها من دار للثقافة، وأول شيء تواجهه الجمعيات بسبب غياب دار الثقافة هو الجانب المادي”، منبهاً إلى أن تنظيم أبسط نشاط في المدينة يعني ميزانية تفوق الـ 1000 درهمٍ على أقلّ تقديرٍ.
وزاد الهاني بأن القيام بنشاط يحتاج إلى كراء التجهيزات من مموني الحفلات، وسبق لجمعية أيور أن دفعت ما يزيد عن المليون سنتيم، من أجل تظيم مسابقة في المسرح مدتها أسبوعٌ بالمكتبة البلدية، متابعاً بأن الأخيرة تحتاج لتهيئة بالكامل لجعلها متوفرةً على أدنى شروط العمل المسرحي قبل إقامة النشاط.
وواصل الشخص نفسه، بأن هناك مشكلاً آخر، تعاني منه الجمعيات المسرحية، ويتعلق بأن الجمعيات بتارجيست، التي تنظم عرضوها بالمكتبة البلدية، التي تعدّ حشبتها صغيرةً جدّاً، حين تتوجه إلى مدن أخرى، بقاعات ثقافية احترافية، تظهر السينوغرافيا المسرحية الخاصة بها، صغيرة جدّاً مقارنة بحجم الحشبة، ولا تراعي شروط العرض المسرحي.
ومن جهته كشف ياسين أمرزكيو، ابن تارجيست، والذي ينشط في العمل المسرحي، بأن عدداً من المسؤولين، أكدوا منذ سنة 2016، بأن دار الثقافة مبرمجة بالفعل، وسيتم إنشاؤها، غير أن الأمر لم يتم لحد الآن، مضيفاً بأن الأشخاص الذين ينشطون في المجال الثقافي، ومنهم من يقومون بالمسرح أو الستانداب، يعانون الأمرين خلال تنظيم أنشطتهم، التي لا يجدون مكاناً لها غير المكتبة البلدية.
وتابع أمرزكيو في تصريحه لجريدة “بناصا”، بأن المطالب التي رفها الفاعلون الثقافيون بالمدينة، لإنشاء هذا المرفق العموميّ، قوبلت بالتأكيد على أنه مبرمج بالفعل، لكن بالرغم من مرور 4 سنين لم نر أي شيء، منبهاً إلى أن المركز السوسيو ثقافي بالمدينة، ودار الشباب الجديدة، لا تتوفر نهائيا على قاعة عروض التي تعدّ المكون الأساسي لدار الثقافة.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الجمعية التي ينشط فيها، وهي “أيور للمسرح”، كانت تنظم مهرجاناً سنوياً منذ سنة 2016، غير أنها اضطرت لتوقيفه سنة 2018، بسبب هذا المشكل، لأن هناك العديد من الفرق المسرحية التي ترفض القدوم للمسابقة بسبب غياب قاعة احترافية، حيث نضطر لتشييد كلّ شيءّ في المكتبة يدوياً، لكي نتمكن من تقديم العروض.
شكر لبناصا، نتمنى من الجهات المسؤولة ان تلتفت و بشكل جدي تجاه هته الاصوات الغيورة على المدينة.حقا سئمنا القول بلا فعل