شارك المقال
  • تم النسخ

وسط مخاوف من توسع النفوذ الروسي .. الجيش الأمريكي يدافع عن استراتيجية واشنطن في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي

يواجه الجيش الأمريكي انتقادات متزايدة حول فعالية استراتيجيته لمكافحة الإرهاب في أفريقيا، في الوقت الذي تتجه فيه دول المنطقة نحو روسيا للحصول على المساعدة الأمنية.

ودافع الجنرال مايكل لانجلي، قائد الجيش الأمريكي في إفريقيا، بقوة عن استراتيجية بلاده، وتعهد بمواصلة العمل بها على الرغم من موجة السخط المتصاعدة.

وألقى لانجلي اللوم على موجة من المعلومات المضللة الروسية في تأجيج المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في المناطق المضطربة، وأكد على حاجة الجيش الأمريكي إلى إعادة تأكيد قدرة استراتيجيته طويلة الأمد على تعزيز الاستقرار في منطقة الساحل، وهي المنطقة شبه القاحلة جنوب الصحراء الكبرى.

ويواجه الـ 6000 عسكري أمريكي المتمركزون في إفريقيا انتكاسات جديدة مع تحول حكومتي تشاد والنيجر – وهما حليفان إقليميان رئيسيان – نحو روسيا، حيث تسعيان إلى استبدال القوات الأمريكية بقوات ومقاولين أمنيين روس.

وقال لانجلي في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” خلال مناورات الأسد الأفريقي في المغرب: “خلال العامين الماضيين، ظهرت مشاعر سلبية تجاه أحد أهم حلفائنا – فرنسا – وذلك على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة. وكان الكثير من هذه المشاعر السلبية نتيجة للمعلومات المضللة التي تنشرها روسيا”. وأضاف: “نحن بحاجة إلى إيصال رسالتنا إلى العالم”.

ووفقًا لتحليل أجراه مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، فقد ارتبط أكثر من 11000 حالة وفاة العام الماضي في منطقة الساحل بالعنف الإسلامي المتشدد، وهو استمرار لاتجاه تصاعدي بدأ منذ عام 2021.

ومنذ عام 2020، أطاحت الانقلابات العسكرية بحكومات منتخبة ديمقراطيا في جميع أنحاء المنطقة، وذلك بسبب إحباط الضباط العسكريين من سجل حكوماتهم في وقف العنف، وفي أعقاب ذلك، بدأت دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر في النأي بأنفسها عن القوى الغربية وتعميق الشراكات مع روسيا.

وفي شمال مالي في نوفمبر الماضي، استعاد جنود برفقة مرتزقة من شركة فاغنر الروسية أراضٍ سيطر عليها المتمردون طوال العقد الماضي. وأطاحت المجلس العسكري الحاكمة في بوركينا فاسو بالقوات الفرنسية العام الماضي، وتوجهت إلى روسيا وشركة فاغنر للحصول على الدعم الأمني.

وبالمثل في النيجر، وصل مدربون عسكريون روس بعد أسابيع قليلة من قيام المجلس العسكري الذي تولى السلطة العام الماضي بطرد القوات الأمريكية من البلاد.

ورفض لانجلي إجراء مراجعة جذرية لاستراتيجية مكافحة الإرهاب، وقال إن الولايات المتحدة تخطط لـ “تعزيز العلاقات وإعادة الانخراط مع هذه الدول”، مشيرًا إلى عملها غير القتالي الذي يعالج تغير المناخ وفشل المحاصيل وإدارة الصراع القبلي والنزوح.

وأكد لانجلي أن الولايات المتحدة ستلتزم بنهجها الحكومي الشامل الذي يركز على الحكم الرشيد وبناء المؤسسات إلى جانب القوة العسكرية، وأصر على أن الجيش يدعم الدول الأفريقية بالطرق التي تراها مناسبة بدلاً من فرض أفكاره، لكنه جادل بأن المجالس العسكرية لن تقضي على الإرهاب أو تضمن الاستقرار على المدى الطويل.

وقال لانجلي: “لا أريد تسمية أي من هذه الدول، لكنها أنظمة عسكرية”. وهذا الخط الفاصل يميز الولايات المتحدة عن القوى العظمى الأخرى التي تزيد من تورطها في إفريقيا.

ولا تضع روسيا شروطًا تذكر على الدول التي تقدم لها المساعدة الأمنية بغض النظر عن كونها تحكمها مجالس عسكرية أم قادة منتخبون ديمقراطيا، وبالمثل، تشدد الصين على عدم التدخل في القيام باستثمارات أو تقديم قروض لتمويل المناجم والموانئ والطرق السريعة والسكك الحديدية.

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن سحب قواتها العسكرية بشكل تدريجي من كل من النيجر وتشاد، حيث يُتوقع مغادرة حوالي 1000 جندي من النيجر و100 آخرين من تشاد.

وتُعد كلتا الدولتين شريكين رئيسيين للولايات المتحدة في جهودها لمكافحة المنظمات الإرهابية المتطرفة عبر منطقة الساحل الأفريقي، ولاسيما النيجر التي تحتضن أكبر قاعدة مسيّرات مراقبة في القارة.

وصرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، بأن عملية الانسحاب من النيجر تتم بشكل آمن ومنظم، وأن الولايات المتحدة ستعمل لاحقًا على تحديد طبيعة شراكاتها الأمنية المستقبلية في المنطقة.

وأوضح كيربي بأن وضع القوات الأمريكية في تشاد سيتم مناقشته لاحقًا أيضًا، وذلك بعد استقرار الحكومة الجديدة التي تشكلت عقب إجراء انتخابات في وقت سابق من هذا الشهر.

ورفض كيربي الكشف عما إذا كانت الولايات المتحدة تخطط لنقل قواعدها العسكرية إلى مواقع أخرى في إفريقيا، ولكنه أشار إلى أن استراتيجيتها الأمنية ستعتمد إلى حد كبير على توجيهات دول غرب إفريقيا بشأن التهديدات الأمنية التي تواجهها.

وأضاف بأن مسؤولين في دول تقع على طول الساحل الأطلسي أعربوا عن قلق متزايد بشأن التطرف العنيف، وأكدوا على رغبتهم في تعزيز عمليات المراقبة على الحدود الخطرة.

واختتم كيربي تصريحاته بالقول: “ما تريده الولايات المتحدة هو ما تطلبه الدول [الشريكة]. نحن لا نفرض شيئًا.”

ويُعد هذا الانسحاب الجزئي مؤشرا على إعادة رسم خريطة التعاون الأمني بين الولايات المتحدة ودول غرب إفريقيا، ولم يُعرف بعد ما إذا كانت دول أخرى ستتخذ خطوات مماثلة، وما هي الرؤية الأمريكية الجديدة لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي