شارك المقال
  • تم النسخ

وسط ضجة غير مسبوقة.. إلى متى يستمرّ استخفاف وهبي والأنصاري بعقول المغاربة؟

تتواصل فضائح امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، في الانكشاف تباعاً، فبعد ورود أسماء أبناء وأقارب مسؤولين بوزارة العدل، ونقباء المحامين، وعدد من “الوجهاء”، اتضح لاحقا أن هذه الشبهة، التي قلّل منها البعض، بذريعة أنهم “مواطنون أيضا”، ليست الوحيدة، فقد الأمر لنجاح العديد من الأشخاص، الذين لم يكونوا ضمن لائحة المدعويين للاختبار، وهو ما يؤكد، على الأقل، واقعية الشكوك وأحقية المطالبة بفتح تحقيق.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد أيضا، حيث كشفت جريدة “بناصا”، أن رقم البطاقة الوطنية الخاص بالشخص المدعو مراد لشقار، الذي يفترض أنه كان ضمن لائحة المدعويين لاجتياز الامتحان، قبل أن يتغير اسمه لمبارك احموت، مع بقاء رقم استدعائه، _ رقم بطاقته الوطنية المزعوم _ يعود لفتاة سبق لها الترشح لمباراة بوزارة الصحة سنة 2021.

وهبي وجمعية هيئات المحامين يدافعان

وعلى الرغم من هول هذه الفضائح، خرج وزير العدل عبد اللطيف وهبي، ليقول: “لي نجحوا راه نجحوا” في إشارة إلى طي صفحة الامتحان، بغض النظر عما يقال، مقلّلاً من أهمية ما يقوله الأشخاص “الجالسون في المقاهي”، في “فيسبوك”، كما برّر مرور ابنه في الامتحان، بأن “لديه إجازتين، وأبوه غني دفع المال لتدريسه في كندا”.

جمعية هيئات المحامين، بدورها قررت، أمس الجمعة، الاصطفاف إلى جانب وهبي، ببلاغ تستنكر فيه ما أسمته بـ”الحملة الممنهجة” لاستهداف مهنة المحاماة، مدينةً “استغلال محطة امتحان الأهلية لاستئناف حملة الاستهداف الممنهج لمهنة المحاماة وكيل الاتهامات المجانية للمؤسسات المهنية والطعن في مصداقيتها”.

وشجبت الجمعية، ما أسمته بـ “الدوافع والأهداف والجمهات التي تقف وراء استغلال كل المناسبات لضرب مهنة المحاماة، ومحاولة النيل من نبل وسمو رسالتها”، حسب تعبيرها، مدافعة بشدّة عن الامتحان، ووزارة العدل، ومستنكرة “ردود الأفعال غير المبررة التي تجاوزت حدود الحق الشروع في الاحتجاج، وانحرفت عن المسارات القانونية والإدارية الممكنة، إلى المس والإساءة والتشهير بالمعلن عن نجاحهم وأسرهم وكذا بالمؤسسات المعنية والمشرفة على الامتحان”.

“عشاء النادي البحري”.. من هنا بدأت الحكاية

خرجة وهبي، ثم جمعية هيئات المحامين، لاستنكار الضجة التي أثارتها الفضائح التي لا تقبل التشكيك، في امتحان مزاولة مهنة المحاماة، بسبب كثرتها (الأسماء غير المدعوة التي نجحت على سبيل المثال)، أكدت صدق المعطيات التي كشفتها جريدة “بناصا”، في تقرير سابق لها، بخصوص اجتماع “النادي البحري”، الذي تم فيه “التوافق والتراضي بشأن الاختبار”.

قبل هذا اللقاء الذي دعا له وزير العدل، كانت جمعية هيئات المحامين، قد احتجت بشدة دفاعاً عن “شرف مهنة المحاماة”، وضد الضريبة التي فرضتها الحكومة، غير أن هذه المطالب سرعان ما بدأت في التلاشي، مع اقتراب موعد اجتماع النادي البحري، الذي سبقه بعدة أيام، إعلان هيئة المحامين بالدار البيضاء، انسحابها من “جمعية الأنصاري”.

بعد هذه المناسبة، خرج الطرفان ببيان مشترك، أعلنا فيه اتفاقهما بشأن عدد من النقاط التي كانت سببا في الأزمة التي مرت بها العلاقة بينهما، وما نتج عن ذلك من احتقان وتوتر انعكس سلبا على السير العادي لمرفق العدالة، ومنها “استحضار ومراعاة هواجس مكتب الجمعية في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة”.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر جيدة الاطلاع، لجريدة “بناصا”، أن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، طلب من المحامين خلال اللقاء الذي احتضنه النادي البحري بمدينة سلا، العمل على إنجاح الامتحان عن طريق التراضي بين الأطراف التي حضرت العشاء (…)، مضيفةً أن تصريح الوزير بأن لائحة الناجحين كانت تتضمن في البداية 800 شخصا فقط، قبل أن يتم رفعها إلى أكثر من 2000، فيه اعتراف ضمني بمحاولة إرضاء كل الأطراف.

باستثناء وزارة العدل و”جمعية الهيئات”.. إجماع وطني على بشاعة الفضيحة

باستثناء وزارة العدل، التي نظمت الامتحان، وجمعية هيئات المحامين، التي كانت ضمن لجنته، واستفادت “عشاء النادي البحري” الذي “أرضى كل الأطراف”، فإن هناك ما يشبه الإجماع على المستوى الوطني فيما يخص بشاعة الفضيحة التي عرفها الاختبار، الذي وصل صداها إلى الإعلام الدولي، وأعطى صورة سيئة جداً عن المغرب.

وفي هذا الصدد، أطلق مجموعة من الأساتذة، والإعلاميين والنشطاء، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت هاشتاغ: “هيئات متقيش ولدي” ضد ما أسموه المحسوبية والزبونية، التي فضحها امتحان الأهلية لولوج مهنة المحاماة، والتي ذهب ضحيتها مجموعة من أبناء الشعب من خريجي الجامعات المغربية.

وقال عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي: “أنا أستاذ بسيط تنقري القانون لوليدات المغاربة الفقراء في الجامعة المغربية، ومن واجبي ندافع عنهم اتجاه تسونامي الزبونية والعائلة والتفاوض المسبق، لأن معركة مباراة المحاماة ليست بضعة مناصب لولوج المهنة ، إنها معركة ضد اللامسؤولية ومعركة لصالح الشفافية وتكافؤ الفرص”.

وشدد الشرقاوي في تدوينة نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “إما احنا مغاربة بحال بحال، وإما أن هناك مغاربة من الدرجة الأولى تحجز لأبنائهم المناصب، ومغاربة من الدرجة الثانية يرمى بهم في مستنقع المجهول”.

من جانبه كتب المحامي نوفل البعمري، إن هناك إصرارا للأسف على “جعل مهنة المحاماة ورسالتها في خدمة أجندات غير مهنية لا علاقة لها بتاريخ جمعية هيأت المحامين بالمغرب ولا بمواقفها التاريخية”، و”جعل المحاماة ومؤسساتها في خدمة جزء من التحالف الحكومي، ولأجندات سياسوية ضيقة لا علاقة لها بالمهنة”.

وأضاف البعمري في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، أن هناك “إصرارا على قتل صورة جمعية هيأت المحامين بالمغرب واغتيال رمزيتها التاريخية في أفق التمهيد لقبرها من أجل ميلاد مجلس وطني للموعودين به”، متابعاً أن هناك أيضا “إصرارا على تحويل المهنة في تقابل ومواجهة مباشرة مع المجتمع وعلى هامش التفاعل الذي يحدث داخله في مختلف القضايا التي تثار في كل قضية”.

بدوره قال الإعلامي عبد الصمد دنيدن، إن “المسؤولين بكل أنانية يشعلون في نار على مهل”، متسائلاً: “واش واعين آش راكم تاديرو ولا والو ؟ راكم قللتو من احترامكم لصبر وذكاء المغاربة… يهديكم الله راه مطالب هذا الشعب بسيطة جدا”.

وأردف في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”: “سي بايتاس نتا بالضبط (…) ديك الحقيبة كبيرة عليك بزااااف ويلا كان شي حد غايجيب التمام لهاذ الحكومة لي خارجة من الخيمة مايلة هو نتا… نصيحتي لك يلا عندك شي نية حسنة تجاه هاذ الحكومة وعندك رغبة باش تنجح عطي حقيبتك لشي حد يقد بها”.

وواصل: “أما سي وهبي على قول عادل إمام: أي قول يقال بعد الذي قيل (نتا مابقات معك نصيحة نتا عندك الآن غير الاختيار بين الشجاعة وإطفاء النار أو الجبن)”، مختتما تدوينته بالقول: “حما الله هذا البلد خاصة من الجبناء والمتعالين والسنابل الفارفة”.

أما الإعلامي مصطفى الفن، فقد قال إن جمعية هيئات المحامين، كان بإمكانها إصدار “بلاغ متوازن ورزين، بأفق واحد هو الانتصار للقانون وللحق وللعقل وللمهنة..”، متابعاً: “أما هذا البلاغ الذي أصدرته جمعية الأنصاري أمس فإنه لم ينتصر حتى للحد الأدنى من الأخلاقيات البسيطة المتعارف عليها بين أصحاب البذلة السوداء..”.

واستطرد في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”: “أقول هذا ولو أن الحقيقة المؤكدة في هذا البلاغ هي أن ديناصورات هذه الجمعية انتصروا لأبنائهم ولبناتهم ولمصالحهم الضيقة وبطريقة فجة ورعناء..”، مضيفاً: “بل إن هذا البلاغ كان في منتهى الاستفزاز وقد يكون له ما بعده في مجرى الأحداث..”.

واسترسل: “كم وددت لو أن أصحاب هذا البلاغ التزموا الصمت لأن الصمت هو أحسن بكثير من هذا “العار” الذي سيظل يلاحقهم إلى يوم الدين..”، مواصلاً: “لكن ماذا يمكن أن ننتظر من نقباء ومحامين هم أصلا أصحاب مسارات “ملتبسة” و”ثروات” غامضة؟”.

واستدرك الفن: “طبعا أتحدث عن “البعض” وليس الكل..”، ليختتم تدوينته بالقول: “فعلا فبعض النقباء النافذين في هذه الجمعية عليهم أن يبرئوا أنفسهم من تهم ثقيلة تطاردهم عوض أن يعطوا الدروس للبسطاء من أبناء الشعب..”.

وهبي يستخف بالمغاربة ويواصل سكوته عن “الفضيحة

اعتبر نشطاء، أن على وزير العدل عبد اللطيف وهبي، طلب إعفائه فورا من الحكومة، بسبب الفضيحة المدوية التي هزّت المغرب ووصلت إلى العالمية، مبرزين أن مثل هذه الكارثة لو حدثت في بلد أوروبي، لخرج أعضاء الحكومة بكاملهم، معلنين الاستقالة من مناصبهم.

ورغم كل الضجة المثارة حول الموضوع، ما يزال وهبي، الذي سبق لمصادر جريدة “بناصا”، أن كشفت أنه يتجه إلى طلب إعفائه من منصبه، _ ما يزال _ يعلن تشبثه بالوزارة واستمراره على رأسها، بل يدافع عن امتحان المحاماة، على الرغم من الحجم المهول للفضائح التي شابته.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي