ما تزال أسباب تأخر اللقاء الرسمي رفيع المستوى، بين المغرب وإسبانيا، من أجل وضع النقاط على الحروف، وتجاوز مخلفات الأزمة غير المسبوقة التي اندلعت بينهما منذ دجنبر 2020، والتي بلغت أوجها بين شهري أبريل وغشت 2021، تثير العديد من التكهنات، بخصوص مدى جدية الجارين في بدء صفحة جديدة في العلاقات الثنائية.
وكشفت صحيفة “إيبي” الإسبانية، أن حكومة بيدرو سانشيز، تنتظر من الملك محمد السادس، خطوة جديدة من أجل استعادة العلاقات السياسية الكاملة، مبرزةً أن قصر مونكلوا ينتظر منذ شتنبر الماضي، تحديد موعد جديد للاجتماع رفيع المستوى “RAN” بين البلدين، الذي تم تعليقه منذ الـ 17 من شهر دجنبر من سنة 2020 من جانب الواحد، من قبل الرباط.
وأضافت أن منطق الدبلوماسية، ينص على ضرورة عقد لقاء بين ألباريس ونظيره المغربي بوريطة، وهو ما لم يحصل بعد، ومن ثم إعلان موعد الاجتماع رفيع المستوى، مسترسلةً أنه، على الرغم من استئناف الحوار بين مدريد والرباط بشكل كامل، وسعي إسبانيا إلى مساعدة المغرب بعد رفض الجزائر تجديد أنبوب الغاز المغاربي، إلا أن المملكة تواصل، حسبها، تأخير الإعلان عن موعد اللقاء.
وأردفت أنه يمكن تفسير هذا التأخير، بإجراء الانتخابات التشريعية في المغرب، شتنبر الماضي، وتشكيل السلطة التنفيذية، إلا أنه، ومع ذلك، فإن هناك حكومة جديدة بالفعل في المملكة منذ 8 أكتوبر الماضي، برئاسة عزيز أخنوش، المقرّب من الملك محمد السادس، ولا وجود لأي أخبار إلى الآن بخصوص الاجتماع.
وزادت الصحيفة أن إسبانيا تواصل العمل حتى يكون هناك احتماع للوزراء بين مدريد والرباط في أسرع وقت ممكن، لكن لا يمكن أن ننسى، تقول “إيبي”، أن العلاقة مع المغرب استثنائية ولا تشبه نظيرتها مع أي دولة مجاورة، لأن العديد من الملفات مثل محاربة الإرهاب، وتهريب المخدرات، والهجرة غير الشرعية، تعتمد على تعاون هذا البلد.
أما السبب الثاني الذي يجعل من العلاقات مع المغرب لا تشبه بقية دول الجوار، وفق الصحيفة ذاتها، هي أن المملكة، تشعر بأنها قوية ومؤثرة، وقد تعززت انسجامها مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، بالإضافة إلى أنها قوة تسلح، مسترسلةً: “كل هذه الظروف، إضافة لحقيقة أنها تطلب باستمرار إيماءات مجاملة، تعني أن على إسبانيا حساب قراراتها، وعدم التسرع فيها.
ونقلت الجريدة، في محاولة وصفها للمغرب بالنسبة لإسبانيا، كلمة لأحد المحللين الذي قال إن المملكة، “جار غير مريح”، مضيفةً: “غير مريح لدرجة أنه قام في مايو بالتوقف عن مراقبة حدوده مع سبتة لساعات”، ودخل “في صدام دبلوماسي مع إسبانيا انتهى بإبعاد لايا غونزاليس”، على حدّ تعبير المصدر نفسه.
وأكد الصحيفة أن إسبانيا، لا تملك أي خيار أمامها سوى انتظار المغرب، ليعلن عن موعد اللقاء الرسمي، علماً أن المرحلة الحالية لا تعد الوقت الأنسب بالنسبة للرباط، لأن قضية استقابل غالي ما تزال أمام القضاء، وهو ما يعني أن حوافز الجار الجنوبية لفتح صفحة جديدة أقل، لأنه، وفق المصدر، يمارس “ضغوطاً” على إسبانيا.
وفي السياق نفسه، ربطت مصادر، وصفتها الجريدة بـ”المطلعة للغاية بالسياسة المغربية”، هذا التأخر، في “غياب المزيد من الإيماءات من الجانب الإسباني”، وضربوا مثالاً على ذلك بعدم تهنئة حكومة مدريد، للمغرب، بنجاح انتخابات 8 شتنبر، صحيح أن إسبانيا هنأت المملكة على تشكيل الحكومة، لكنها لم تشد بنجاح الاستحقاقات الانتخابية، لما تمثله من تأكيد لـ”جذور الممارسة الديمقراطية ونضج الصرح السياسي المغربي”.
وأشارت الجريدة إلى أن حكومة مدريد، تريد أن تفتح مع المغرب، مرحلة جديدة من الجوار، تكون أكثر إخلاصا وأقل عدوانية، وتضمن عمليا حماية مدينتي سبتة ومليلية، رغم أن الرباط ستواصل المطالبة بهما، باعتبارهما جزءاً من أراضيها، كما أن إسبانيا ستفعل ذلك أيضا، على ألا يترجم هذا الأمر على أرض الواقع.
وأكد في الختام، أن مدريد في مقابل ضمانها حماية سبتة ومليلية، ستعمل على مساعدة المغرب في قضية الصحراء، ولو بطريقة سرية للغاية، مما سيسمح للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، بقيادة هذا الموقف على أرض الواقع، في حين ستدافع إسبانيا بالفعل، عن المصالح المغربية ضد الصحراويين داخل الاتحاد الأوروبي.
تعليقات الزوار ( 0 )