في مقال بمجلة “لوبوان” الأسبوعية الفرنسية تحت عنوان: “الصحراء الغربية.. ماكرون في الفخ المغربي”، قال الكاتب المغربي-الفرنسي الطاهر بن جلون إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يجد نفسه بين الضغط عليه للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، والحذر، في الوقت نفسه، من الجزائر التي العلاقات معها سيئة.
بن جلون، أشار إلى الرسالة المؤرخة 17 يوليو 2023، الموجهة إلى العاهل المغربي محمد السادس والتي يعترف فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسيادة المغربية على الصحراء.. واعتبر أن قضية الصحراء تعد قضية وطنية مقدسة في المغرب، وهي مبدأ السلامة الإقليمية، مضيفاً أن الصراع حولها استمر منذ عام 1975 في تعفين العلاقات بين البلدين الجارين المغرب والجزائر.
وقال الطاهر بن جلون إن الجزائر تسعى إلى أن يكون منفذ لها على المحيط الأطلسي، وإنها تطعن في استعادة المغرب للصحراء.. نشبت حرب باردة بين البلدين وصلت إلى حد إغلاق الحدود وقطع العلاقات الدبلوماسية وحظر الجزائر تحليق الطيران المغربي في مجالها الجوي، وكل ذلك مصحوب بمضايقات إعلامية دائمة، على حد قول الكاتب.
وتابع بن جلون القول إن العاهل المغربي محمد السادس ألقى خطابين على الأقل مد فيهما يده إلى الجار الجزائري. ودعا إلى فتح الحدود وقبول التعاون السياسي والثقافي لما فيه خير الشعبين. وكان الرد الرسمي الجزائري رفضًا قاطعًا واستعدادًا لحرب محتملة.
وأضاف الكاتب المغربي-الفرنسي أنه بعد الولايات المتحدة واعترافها بمغربية الصحراء مقابل تطبيع المغرب لعلاقته الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية مع دولة إسرائيل في إطار اتفاقات أبراهام، ها هي إسرائيل تعترف اليوم رسمياً بأن الصحراء مغربية، وهو ما يعد انتصاراً للدبلوماسية المغربية التي استطاعت أن تحظى بدعم العديد من الدول الأوروبية والأفريقية والعربية، واتخذ هذا الدعم شكل افتتاح 28 قنصلية في مدينة الداخلة، يقول الطاهر بن جلون، مشيراً أيضاً إلى أن إسرائيل قررت هي الأخرى أن تكون لها قنصلية في هذه المدينة.
ومضى الطاهر بن جلون إلى القول إن ظل الجزائر يخيم على فرنسا، مشيرا إلى خطوة إسبانيا “باعتبار المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي المبادرة الجيدة والأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل الخلاف حول الصحراء”، وهو موقف تم تبنيه من قبل ألمانيا وهولندا والنمسا وسويسرا، بينما تحجم فرنسا عن أن تحذو حذو هذه الدول بسبب علاقاتها المعقدة مع الجزائر التي تمتلك أكبر جالية مهاجرة على الأراضي الفرنسية.
وقال الكاتب إنه على الرغم من أن اليمين الجمهوري الفرنسي هنأ المغرب على هذا النجاح ودعا إيمانويل ماكرون إلى “الاعتراف بمغربية الصحراء”، لكن ماكرون يعتقد أنه سينجح في تنظيف العلاقات مع الجزائر.
وأشار بن جلون إلى أن العلاقات بين باريس والجزائر سيئة في الوقت الحالي على خلفية إعادة الجزائر لمقطع مناهض لفرنسا كان قد تم حذفه من نشيدها الوطني. كما ألغى الرئيس الجزائري زيارته لفرنسا وفضل التوجه لصديقه بوتين الذي يشتري منه كمية كبيرة من الأسلحة، على حد تعبير الكاتب المغربي-الفرنسي.
واعتبر بن جلون أنه، في الواقع، فإن كل شيء جاهز لفرنسا لإعادة النظر في موقفها في المنطقة المغاربية والتوقف عن الاعتقاد بأن الجزائر ستمحو الخلافات من الذاكرة المشتركة التي شوهتها الحرب، قائلا إن “المغرب لا يضحي بمصالحه من أجل مبادئه ولا بمبادئه من أجل مصالحه”.
وأشار الطاهر بن جلون إلى أن إيطاليا التي لها مصالح مهمة مع الجزائر بسبب الغاز والنفط، أشادت عبر وزير خارجيتها يوم السادس من يوليو الجاري، بـ “الجهود الجادة والمصداقية” التي يبذلها المغرب في ملف الصحراء، وفق ما أكده قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2654.
وفي نهاية مقاله هذا بمجلة “لوبوان”، اعتبر الطاهر بن جلون أن حقيقة أن المغرب قد استأنف علاقاته الشاملة مع إسرائيل لا تعني أنه ضحى بدعمه للقضية الفلسطينية، من أجل دولتين تعيشان في ظروف جيدة، مشيرا إلى تصريح وزير الخارجية المغربي بأن “المغرب لا يضحّي بمصالحه من أجل مبادئه ولا بمبادئه من أجل مصالحه”.
(القدس العربي)
تعليقات الزوار ( 0 )