قالت وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية سابقا آنا بالاسيو، “إنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن يرغب في استئناف المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو من أجل حل نزاع الصّحراء الذي طال أمده”.
وأضافت بالاسيو، وهي محاضرة زائرة في جامعة جورج تاون الأمريكية، في مقال لها على البوابة الإلكترونية لمنظمة “بروجيكت سنديكيت” الدولية، أنه ونظرا لعلاقات أوروبا العميقة مع الإقليم، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يلعب دوراً رائداً في هذه المبادرة.
وأشارت، إلى أنّ جبهة البوليساريو احتفلت في الـ27 من فبراير بالذكرى السنوية الخامسة والأربعين لتأسيس الجمهورية، والتي أعلنتها عام 1976 الحكومة الشرعية لإقليم “الصحراء الغربية”، وفق تعبيرها.
وذهبت الوزيرة السابقة بالقول، إنه خلال الاحتفال الذي أقيم في مخيمات اللاجئين في تندوف، شجبت جبهة البوليساريو استمرار المأزق السياسي حول الإقليم، وطالبت الاتحاد الأوروبي بتقديم يد المساعدة.
واعتبرت المتحدثة ذاتها، أنّ صلات الاتحاد الأوروبي بـ”الصحراء الغربية” واسعة النطاق، فإضافة إلى جانب القرب الجغرافي، فإنّ “الصّحراء الغربية” هي مستعمرة إسبانية سابقة لها علاقات عميقة الجذور وشخصية في كثير من الأحيان مع إسبانيا.
وقالت آنا بالاسيو، إنه النسبة لآلاف الإسبان الذين تقاسموا منازلهم مع الشباب الصحراوي صيفًا بعد صيف فإن قضية “الصحراء الغربية” هي قضية عائلية مفجعة.
وتابعت، أنّ الصحراويون يشهدون نزوحًا جماعيًا، ويعاني الكثير منهم الآن في مخيمات صحراوية، مع خيارات قليلة غير الاعتماد على المساعدات الإنسانية. والآن، قد يكونون على وشك أن يصبحوا أكثر عرضة للخطر.
وزادت بالاسيو ضمن ذات المقال، أنه وعلى الرغم من أن “الصحراء الغربية” كانت في حالة من النسيان منذ عقود، فإن سلسلة من التطورات الأخيرة تثير شبح موجة جديدة من العنف، والتي يمكن أن تضر بالصحراويين قبل كل شيء.
وفي نونبر الماضي، أعلنت جبهة البوليساريو أنها ألغت اتفاق وقف إطلاق النار مع المغرب الذي تدعمه الأمم المتحدة منذ عام 1991 والذي أنهى تمردا استمر 16 عامًا، تاركا الجمهورية تسيطر على حوالي 20٪ من الأراضي والمغرب يحتفظ بالبقية.
وقالت الوزيرة السابقة، إنّ المغرب يقول إنه يواصل دعم وقف إطلاق النار، لكنه أعلن أيضا أنه سيستأنف العمليات العسكرية في المنطقة العازلة.
وبعد أسابيع قليلة، عزز الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب موقف المغرب، عندما أعلن في تغريدة أن الولايات المتحدة ستعترف بسيادة المغرب على كافة أقاليمه الجنوبية، مقابل استئناف المغرب للعلاقات مع إسرائيل.
وأضاف المصدر ذاته، أن الولايات المتحدة ليست وحدها الداعم للمغرب في نزاع الصحراء، وفي نهاية عام 2020، فتحت أزيد من 18 دولة من دول جنوب الصحراء والخليج، أو أعربت عن نيتها في فتح قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، مما يعني ضمنيًا الاعتراف بالسيادة المغربية.
في المقابل، تضيف الوزيرة السابقة، فإن جبهة البوليساريو تؤيدها ألمانيا، التي انتقدت تصرف ترامب، إلى جانب قرارها في وقت سابق من العام الماضي بعدم دعوة المغرب إلى مؤتمر كان قد نظمه بهدف معالجة النزاع الليبي،مما دفع المغرب بتعليق جميع الاتصالات مع السفارة الألمانية في الرباط.
وأوضحت وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية سابقا آنا بالاسيو، أن المغرب ظل يتشبت بالحكم الذاتي وهي نهاية القصة بالنسبة له، بينما تسعى جبهة البوليساريو إلى العمل على تشكيل الرأي العام الدولي لصالحها.
وأضافت أن نهج المغرب الحازم بهدوء ترك المجال لجبهة البوليساريو لاتباع سياسة قضائية، وذلك باستخدام المحاكم والآليات القانونية لتشكيل إجابات للأسئلة الشائكة الأخلاقية والمتعلقة بالسياسة العامة.
وعلى سبيل المثال، طعنت جبهة البوليساريو مؤخرا (دون جدوى) في شرعية اتفاقيات الصادرات الزراعية والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي أمام محكمة العدل الأوروبية، بحجة أن المغرب ينهب موارد إقليم لا ينتمي إليه.
وأوضحت، أن مثل هذه الجهود لممارسة الضغط الاقتصادي على المغرب تلحق الضرر بشكل كبير بالصحراويين، الذين تزعم جبهة البوليساريو أنها تحميهم، وهي في الواقع، تأسرهم كرهائن من أجل الحفاظ على الرواية القائلة بأن المغرب “محتل”، معتبرة أن هذا السرد لا يؤيده القانون الدولي.
وشدّدت، على أنه من بين 47 قرارا للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الصحراء تم تبنيها منذ عام 1975، ورد ذكر “الاحتلال” في اثنين فقط وذلك في 1979 و1980، وكلاهما مثير للجدل إلى حد كبير، بينما لا يشير أي من قرارات مجلس الأمن الـ69 الخاصة بالصحراء إلى كلمة “الاحتلال”.
ولفتت المتحدثة ذاتها إلى أن ما تفعله تلك القرارات هو حث الأطراف -في ظل عبارات متكررة ومخدرة- على التفاوض بشأن تسوية سياسية، سواء في شكل استفتاء مباشر على الاستقلال، كما تطالب البوليساريو، أو مبادرة الحكم ذاتي، كما اقترح المغرب.
وتدّعي جبهة البوليساريو أنّ الأمم المتحدة لم تفعل ما يكفي لإجراء الاستفتاء، بينما تم تعليق المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة بين المغرب وجبهة البوليساريو مع الجزائر وموريتانيا كمراقبين، وذلك منذ أوائل عام 2019.
وخلصت الوزيرة السابقة، إلى أن الوضع الراهن في الصحراء والمغرب العربي بشكل عام غير مستدام، وإذا عادت الحرب، فمن شأنها أن تغذي عدم الاستقرار السياسي في جميع أنحاء المنطقة.
ولحسن الحظ، يضيف المصدر ذاته، ألزم الرئيس الأمريكي جو بايدن إدارته علانية بإعادة إطلاق المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو. (لا يبدو أنه من المحتمل أن ينقض اعتراف ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء، كما كانت تأمل أوروبا).
وشدّدت بالاسيو، على أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يلعب دورا رائدا في هذه المبادرة، وأن روابط أوروبا بـ”الصحراء الغربية” والقيم الأساسية للاتحاد الأوروبين، لا تتطلب أقل من ذلك.
ويشار إلى أن “بروجيكت سنديكيت” هي منظمة صحفية دولية غير هادفة للربح وتُعد رابطة للصحف، كما توزع التعليقات والتحليلات “مقالات الرأي” من قبل الخبراء والناشطين.
وهي فضاء للحائزين على جائزة نوبل، والساسة والاقتصاديين والمفكرين السياسيين وكبار رجال الأعمال والأكاديميين ولمنشورات الأعضاء فيها، ويشجع على التواصل بين أعضائها.
تعليقات الزوار ( 0 )