Share
  • Link copied

وزارة الداخلية تتجه لتقييد حق التصويت

التصويت حق شخصي وواجب وطني بمنطوق الفقرة الثانية من الفصل 30 من الدستور المغربي، غير أن الترسانة القانونية المنظمة للانتخابات لاتشير لا من قريب ولا من بعيد لإلزامية ممارسة هذا الحق أي حق التصويت ،لكن و بالنظر إلى الاجراءات العملية لسير عملية التصويت المتعلقة بانتخابات الثامن من شتنبر من هذه السنة فإننا نجد خرقا واضحا لهذا الحق الدستوري و الكوني، كيف ذلك؟

إن تزامن الانتخابات التشريعية مع الانتخابات الجماعية و الجهوية دفع وزارة الداخلية إلى اقرار بعض الاجراءات و المساطر لتنظيم عملية تصويت الناخبين يوم الاقتراع، ومن بين أهم هذه الاجراءات أن رؤساء مكاتب التصويت سيلزمون الناخبين بأخذ ورقتين  إثنتين للتصويت ( ورقة التصويت للانتخابات البرلمانية وورقة التصويت للانتخابات الجماعية و الجهوية) واتمام العملية وفق المسطرة المعدة لهذا الغرض و التي تنظمها المادة 77 من القانون التنظيمي 27.11. لا تطرح هذه المسطرة أي إشكال على مستوى الانتخابات البرلمانية بحكم أن القاسم الانتخابي لا يتغير بعدد المصوتين، لكن الأمر على عكس ذلك تماما على مستوى الانتخابات الجماعية و الجهوية لأن إلزام الناخبين بالتصويت سيؤدي إلى رفع القاسم الانتخابي لارتباطه بعدد المصوتين.

للتوضيح أكثر الناخب الذي سيقصد مكاتب التصويت و الذي من حقه أن يختار إما أن يصوت في الانتخابات البرلمانية أو الجماعية أو هما معا – الفئة الأخيرة لا تطرح أي إشكال، وبعيدا عن التعميمات القائلة بأن من سيتوجه إلى مكاتب التصويت سيصوت على طريقة (الباك) لأننا هنا نعلق افتراضات ونشترط اشتراطات على حق دستوري غير مقيد- ،في حالة ما اختار أن يصوت فقط للانتخابات البرلمانية ،هنا بطبيعة الحال ستتدخل وزارة الداخلية عبر رؤساء مكاتب التصويت بطريقتين ؛إما إلزام الناخب بأخذ الورقتين معا ،أو منعه من أخذ ورقة واحدة ،وفي كلتا الحالتين فإنها ستقوم بخرق الدستور و القانون إما عبر إلزامية التصويت بدون أي أساس قانوني، أو من خلال سحب حق التصويت من الناخب وحرمانه من ممارسته بحجة امتناعه عن أخذ الورقتين معا.

يمكننا أن نتفهم أن تزامن الانتخابات التشريعية و الجماعية  وخصوصا في ظل الظروف الحالية يتطلب عددا من الاجراءات و التدابير من طرف المشرف على العملية، لكن لا يمكننا أن نتفهم تقييد حق التصويت من دون سند قانوني، ولعل الأرجح هو أنه كان على وزارة الداخلية أن تعمد إلى تعديل القوانين التنظيمية بما يتماشى مع رؤيتها، قد يقول قائل كذلك أن هذا التدخل سيؤدي إلى رفع نسب المشاركة ،ولا نختلف في ذلك إلا أنه سيرفع منها بطريقة غير قانونية و عبر تعسف صريح وواضح على نص الدستور .

*أستاذ جامعي بكلية الحقوق ـ تازة

Share
  • Link copied
المقال التالي