أعاد ما تعرض له مدرب جمعية سلا، السنغالي موسى نداو، من طرف أحد الأشخاص المنتمين إلى فريق الراسنغ البيضاوي، خلال المباراة التي جمعت بين الفريقين، على أرضية ملعب “الأب جيكو”، بالدار البيضاء، لحساب الجولة التاسعة من البطولة الاحترافية القسم الثاني، والتي انتهت بفوز أصحاب الأرض بثلاثة أهداف لواحد، موضوع العنصرية في المغرب إلى الواجهة.
وفي الدقيقة الـ 22 من عمر المباراة، تلقى نداو كلمات عنصرية من طرف أحد الحاضرين في المدرجات، وهو لاعب سابق في الراسنغ البيضاوي، ويعمل بملعب “الأب جيكو”، ما تسبب في انفعال المدرب السنغالي بشدة، الأمر الذي دفع الحكم حمزة الفارق، إلى توجيه البطاقة الحمراء للاعب الوداد الرياضي الأسبق.
وأطلق الجمهور المغربي، وعلى رأسها أنصار الوداد الرياضي، حملةً واسعةً تضامناً مع نداو، وللمطالبة بإنزال أشد أنواع العقوبات في حقّ الشخص الذي وجه الكلمات العنصرية للاعب، وتجنب تكرار سيناريو مجموعة من الوقائع المشابهة، والتي لم تتحرك الجامعة الملكية المغربية خلالها من أجل معاقبة المتورطين، ما فتح المجال لاستمرار الظاهرة في الملاعب الرياضية.
وكتب أحمد المدياني، أحد عشّاق الوداد، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “موسى واحد منا.. ويدخل في نطاق عاش نادي الوداد الرياضي، بكل التعصب الممكن وغير الممكن، يعني مغاديش تدوز هكا باردة.. خاصة تجاه الحكم لي قرر يطردو من المباراة عوض إنصافه !!”.
وعقب الواقعة، نشرت صفحة محبي الوداد الرياضي: “ملي شفت موسى ساخط وكا يدافع على راسو بجهدو كامل وحاس بالحگرة وزاد طردو الحكم … تفكرت لقطة فابريس أونداما فـ2016 مع المريني مدرب خربيگة آنذاك ملي توجه لفابريس بعبارات عنصرية و أوصاف حيوانية .. نفس الحركات، من فابريس حس بالحگرة وبغى يدافع على راسو بأي شكل وغا يتفرگع و زادو الحكم بإنذار… !!”.
وتابعت الصفحة: “المريني ما تعاقب ما والو بالرغم من الضرر النفسي الكبير لي سببو لفابريس، وحتى اليوم لا شفتي لقطات موسى غا تحس بيه، إحساس صعيب بزاف والأصعب أنه مايتنصفش..”، مردفةً: “حنا أولى بالدفاع عليه بالرغم من أنها قضية إنسانية ماشي ودادية”، مشددةً على ضرورة نشر القضية على أوسع نقاط من أجل معاقبة المتورط في الحادثة العنصرية.
وتفاعلت مجموعة من أندية البطولة الاحترافية مع ما تعرض له المدرب السنغالي، عبر نشر صورة وهاشتاغ لا للعنصرية، من بيها فريق الوداد الرياضي؛ الذي يعد نداو أفضل لاعب محترف مرّ في صفوفه عبر التاريخ، والفتح الرباطي، والمغرب الفاسي، كما لم يفت عدداً من لاعبي الوداد أن يعلنوا تضامنهم مع مدربه السابق، من بينهم الشيخ إبراهيم كومارا، وباباتوندي.
وفي السياق ذاته، استنكر المحلل الرياضي محمد المغودي، بشكل مطلق، لكل أشكال العنصرية، معلناً تضامنه اللامشروط مع موسى الذي وصفه بأنه “أحد أبنائنا البررة”، متابعاً: “إن أساس التفاضل في الإسلام أيها الأغبياء، هو التقوة وليس اللون ولا الجنس ولا المكانة الاجتماعية. إن الرياضة في فلسفتها هي التعايش مهما كان اللون أو الجنس”، مختتماً: “سلوك ديناصوري يعود إلى الجاهلية”، مطالبا لقجع بالتحرك بقوة.
من جانبه قال الناقد الرياضي منعم بلمقدم، إن الواقعة تحمل 3 رسائل لا غير، الأولى للجامعة ومن الكاميرون على لقجع فتح تحقيق وهو هناك بين أفارقة الشّان لبلوغ حقيقة الواقعة، والثانية لماندوزا الذي طالما كان فرداً من ناديه هو المتسبب فيها بمعاقبة الفاعل على الفور”، ثالثا لموسى نداو: ما حدث لا يمثلنا.. أنت بيننا منذ 3 عقود ولمست فينا ومنا كل الاحترام والتسامح وقيم الإنسانية”.
ومضى بلمقدم يقول في رسالته لنداو: “لقد عاملك الوداديون فرداً منهم.. أنت من جيل الوداد الرياضي الشامخ إفريقيا.. لذلك إنس ما حدث”، مختتما تدوينته: “واقعة مماثلة حدثت في لقاء باريس سان جيرمان الأوروبي، وقد كان الحكم يومها شجاعاً وتوقف اللقاء. اليوم أتساءل عن اجتهاد الحكم الذي قاده لطرد موسى بدل تبين ما حدث؟؟؟”.
أما الإعلامي محمد زمان، فقد قال إن تخليق الوسط الرياضي، ينطلق من تخليق الحياة العامّة، مشيراً إلى أن “كل من يخرج للشارع لابد أن يلاحظ في كثير من الأحيان خروقات في حركة السير والأسواق وأحياناً في المقاهي دون الحديث عن القضايا المعروضة على المحاكم، واقعنا اليومي موبوء ومعاملاتنا فيها الكثير من اللغط والخلافات”.
واسترسل: “يكفي النظر إلى الفيسبوك لنتعرف على حجم السب والشتم وتبادل الاتهامات والكلمات النابية. كلمات العهر والقوادة وعدم الرجولة وأحياناً التخوين والطعن في العقيدة، كلها أشياء متداولة بشكل كبير. سلوكات أصبحت عادية يمكنها تصنيفها في خانة أزمة منظومة أخلاق وتربية، وعدم احترام القوانين”.
وزاد زمان: “ما حصل مع موسى نداو يمكن تصنيفه في هذا الإطار وفي اعتقادي إدخاله في خانة العنصرية أمر فيه كثير من النقاش. كم من مواطن يشتم بسبب لونه وقامته ولباسه وشكله وفقره؟ الصورة أعمق ووصفها بالعنصرية غير دقيق. كلمات مثل اللوراني والطوبة ولقرع والعزي والشيخة والقرد والحولي والفيران، ترتبط بكرة القدم”، مردفاً: “تخليق الوسط الرياضي ينطلق من تخليق الحياة العامة. هذا لا يعنفي من أهان موسى نداو من المحاسبة”.
يشار إلى أن إدارة الراسنغ البيضاوي، قررت معاقبة لاعبها السابق، الذي تلفظ بالكلمات العنصرية في حق نداو، والذي يعمل حاليا بملعب الأب جيكو، عبر توقيفه عن العمل فوراً، مع تقديم النادي لاعتذار إلى نداو، على الحادث الذي “لا يتناسب مع القيم التي ميزت هذا الناذي العريق، والمبنية على الاحترام والتقدير للقيم الإنسانية”، على حدّ ما جاء في بيان تنديدي للنادي.
تعليقات الزوار ( 0 )