في ظل الارتفاع المهول في عداد إصابات كورونا بالمغرب، والتي وصلت في الأيام الأخيرة لأرقام غير مسبوقة منذ دخول الوباء إلى البلاد بداية شهر مارس الماضي، بمعدل متوسط تجاوز الـ 1000 حالة، واضطرار وزارة الصحة لاعتماد العلاج المنزلي، بكل إكراهاته، من أجل تخفيف الضغط على المستشفيات، زادت الحاجة لفتح مراكز صحية جديدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة للحالات الحرجة.
وطالب مجموعة من المواطنين في مختلف أرجاء التراب الوطني، بفتح المستشفيات الجديدة التي تم انتهت أشغال البناء بها، ضمنها مستشفى القرب بمدينة زايو، الواقعة بإقليم الناظور، الذي بات جاهزا، غير أن الافتتاح لم يتم لحدود الآن، إلى جانب مستشفى الدريوش، الذي وصل لمراحله النهائية هو الآخر، بالإضافة إلى دعوة عدد من فعاليات المجتمع المدني، بترميم مستشفى ابن صميم، الذي بناه الاحتلال الفرنسي، قبل أن يغلق أبوابه رسميا سنة 1973.
مستشفى ابن صميم بمنطقة غابوية تابعة ترابيا لإقليم إفران، تتميز بنقاء هوائها وعذوبة ماء عيونها، الأمر الذي، حسب الرواية التاريخية، كان السبب الرئيسي، لطلب ثري فرنسي يدعى “موريس بونجان”، من سلطات بلاده بناء مستشفى ابن صميم، بعد أن شفي من داء السل، عقب إقامته في المنطقة لفترة، وشرب مائها وتنفس هوائها، وانتظار وفاته، التي قال الأطباء إنها قريبة، بعد أن أكدوا له استحالة شفائه من مرضه، ليكون المستشفى بعد ذلك قبلة لمرضى السل من جميع أنحاء المغرب والعالم.
جائحة فيروس كورونا المستجد، فرضت على السلطات الصحية والأمنية والمحلية إنشاء مستشفيات ميدانية لاستيعاب الكم الكبير للمصابين، منذ بداية الوباء في البلاد شهر مارس الماضي، والبحث عن بدائل، وصولا إلى اعتماد العلاج المنزلي بعد أن تجاوز عداد المصابين اليوميين الـ 1000 حالة مؤكدة جديدة.
واستغرب نشطاء من عدم لجوء السلطات المغربية لإعادة إصلاح مستشفى ابن صميم وافتتاحه، خاصة أن جهة فاس مكناس تعتبر من أكثر مناطق المملكة التي تعرف تفشيا كبيرا للفيروس التاجي، ما تسبب في اكتظاظ المستشفيات المتواجدة بها، واضطرار السلطات لاعتماد العلاج المنزلي لتخفيف الضغط.
وسجلت جهة فاس مكناس، منذ دخول الوباء للمغرب بداية مارس الماضي، 5471 إصابة مؤكدة، حيث عرفت الجهة في آخر 24 ساعة، تسجيل 114 حالة جديدة، ما جعل العديد من فعاليات المجتمع المدني، تبدي تعجبها من عدم لجوء السلطات لمستشفى ابن صميم، الذي لا يحتاج سوى لترميم بسيط مع جلب المعدات والأطر الطبية، قبل العودة للعمل، حسب قولهم.
ويهدد العلاج المنزلي بمفاقمة الوضع، حيث يرى مجموعة من المراقبين بأن السلطات الصحية بالمغرب، لجأت لتنزيل العلاج المنزلي دون وضع خصوصية البلاد في الحسبان، نظرا لأن المنازل بالمملكة، تتميز بصغر المساحة، وكثرة الأفراد، ما يضاعف من احتمال تفشي الفيروس بينهم، ومضاعفة أعداد المصابين، وبدل إنهاء الاكتظاظ، قد تجد الجهات الوصية على القطاع الصحي نفسها أمام ارتفاع كبير لأعداد الحالات الحرجة المصابة بـ”كورونا”.
يشار إلى أن مطالب إعادة ترميم مستشفى ابن صميم لم تظهر مع الجائحة، فقد سبق لعدد من الفعاليات والنشطاء بإفران، قبل سنوات أن طالبوا بإصلاح هذا المرفق وافتتاحه من جديد، بهدف إنهاء معاناة سكان الإقليم، الذين يضطرون في كثير من الأحيان للانتقال إلى مستشفيات فاس أو مكناس للعلاج.
تعليقات الزوار ( 0 )