فرضت الحكومة المغربية مجموعة من الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، الذي سُجلت أول إصابة به في البلاد، في الثاني من شهر مارس الماضي، على رأسها ارتداء الكمامة، والتباعد الاجتماعي وتطبيق شروط النظافة، من أجل تفادي انتشار العدوى.
وعانت العديد من البلدان، ومن بينها المغرب، من صعوبة الالتزام ببعض الإجراءات، خاصة التباعد الاجتماعي، الذي سبق للحكومة أن حثت عليه حتى داخل المنازل، من أجل تفادي تفشي الفيروس وتكون بؤر عائلية، نظراً لخصوصيات السكن في المملكة، والمتسم أغلبه بضيق المسافة وكثرة الأفراد.
وعرى فترة تفشي الفيروس التاجي، مشاكل قطاع الإسكان في المغرب، وخاصة بعد لجوء الوزارة إلى اعتماد العلاج المنزلي لمن لا تظهر عليهم أعراض الفيروس، وتتوفر فيهم شروط خاصة، من بينها إمكانية تطبيق التباعد الاجتماعي في الشقة، وعدم وجود احتمال لانتقال العدوى لباق الأفراد، وهو ما لم يتوفر في عدد مهم من الحالات.
ولاقى اعتماد الوزارة للعلاج المنزلي، في وقت لم تستطع العديد من البلدان التي تعتبر بنفس إمكانيات المغرب، تنفيذه، مخافة تفاقم الوضع، انتقادات لاذعة من طرف مجموعة من النشطاء، الذين توقعوا أن يزيد هذا الأمر من الأمر سوءاً بدل تجنيب المستشفيات الضغط، في ظل أن السكن في المملكة، لا يسمح بتطبيق العزل المنزلي.
وسبق لعبد الواحد فكرت، الخبير في التنمية المستدامة، أن أكد، خلال ندوة نظمت مؤخرا، حول موضوع “السكن للجميع.. من أجل مستقبل حضري أفضل”، بأن كورونا، سلط الأضواء على الأزمة العالمية المتعلقة بالسكن، حيث اعتبر بأنه من دون سكن لائق وملائم، “يستحيل احترام بعض الإجراءات الاحترازية المعمول بها للتصدي لجائحة فيروس كورونا، على رأسها التباعد الجسدي وتدابير النظافة”.
الندوة المذكورة، عرفت حضور وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، نزهة بوشارب، التي قالت خلال مداخلتها إن الأزمة الصحية التي يمر بها العالم، سيدفع البلدان لإعادة النظر في تصوراتها بخصوص قطاع الإسكان، مضيفةً بأن جائحة كورونا حملت الكثير من العبر، وأبانت على أهمية موضوع السكن.
وذكّرت بوشارب خلال ندوة حول موضوع “السكن للجميع.. من أجل مستقبل حضري أفضل”، بالتعليمات السامية للملك محمج السادس بخصوص وضع مقاربة استباقية وتضامنية تضع الحفاظ على حياة الإنسان، من أولوياتها، إلى جانب مواكبة الاستئناف التدريجي لحركة العجلة الاقتصادية، مع ضرورة الحفاظ على مناصب الشغل، وتعجيل إصلاح الإدارة.
وأوضحت الوزيرة، بأن تداعيات وباء كوورنا، مهدت الطريق أمام الحكومة لإعادة ترتيب أولوياتها، منوهةً بالتوجيهات الملكية التي استبقت التحديات المطروحة وشجعت على اتخاذ عدد من الإجراءات لتمكين القطاعات من الصمود أمام الوضع الراهن، إلى جانب تطرقها لوضع نموذج تنموي جديد من شأنه تعزيز الاندماج الاجتماعي والحد من الفوارق والتفاوتات الاجتماعية، مع تنزيل إصلاحات مجالية مرتكزة على الجهوية المتقدمة.
وشددت على أن “لكل مواطن الحق في السكن الذي يوفر له جميع الشروط المطلوبة من الراحة والنظافة والشروط الصحية”، مهبةً إلى أن هناك حاجة ملحة لوضع سكن في متناول الجميع ويضمن ظروف معيشية مناسبة للأسر، مشيرةً إلى الالتزامات الدولية للمغرب، بخصوص تحقيق تنمية حضرية مستدامة لتحسين الظروف المعيشية والحد من الفوارق الاجتماعية.
وعقب تصريحات الوزيرة، أعرب مجموعة من النشطاء، عن أملهم في أن يكون كلامها صادراً عن قناعات مؤسساتية بالجهة التي تمثلها، لا عن شخصها كونها خبيرة في البيئة والتنمية المجالية، وأن يتجسد الأمر على أرض الواقع في الفترة المقبلة، خاصىة أن الظرفية الاستثنائية التي يمر بها المغرب، أكدت، كما سبق واعترفت بوشارب، بأن قطاع الإسكان، واحد من أهم الأمور التي تتطلب التركيز عليها.
تعليقات الزوار ( 0 )