خرجت أزمة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى العلن، بعد شهور من محاولة احتوائها، وذلك عقب ما كشف عنه حسن نجمي، القيادي السابق في “الوردة”، والذي كان قد قدم استقالته من المكتب السياسي، بخصوص أن هناك فقدانا للثقة، بسبب المظاهر التي بات يشهدها الحزب، وعلى رأسها بيع التزكيات، إلى جانب المساومات المالية لثني بعض المناضلين عن الترشح مقابل فسح المجال لوجوه أخرى.
وقال نجمي خلال مشاركته في ندوة تفاعلية على مواقع التواصل الاجتماعي، إن الرفاق فقدوا الثقة داخل المؤسسة الحزبية، مشيراً إلى أن هناك مناطق تعرف بيعاً للتزكيات، قبل أن ينبه لواقعة شهدتها الانتخابات السابقة، تتعلق بأن “عددا من المناضلين جاءوا إلي يبكون، ليس لأنهم حرموا من التزكية، بل لأنه تمت مساومتهم مالياً، وهناك شهود”.
وأضاف نجمي أن هذا الأمر، يعد مخزياً، متسائلاً: “هل يعقل أن يعطي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التزكية لشخص دون العودة لمن معه في المكتب السياسي”، متابعاً بتحسّر: “حين تجد نفسك في أوضاع من هذا النّوع؟ في أي مكتب سياسي ستجلس فيه؟ وفي من ستثق، أو من سيق فيك؟”.
وتابع: “انتخبت عضواً في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي في سنة 2017، والآن نحن في السنة الرابعة والأخيرة في قيادة الحزب، لم يسبق أن طلب مني نهائياً، أو اقترح عليه ولو لمرة واحدة، أن أتحمل مسؤولية وفد أو تمنح لي الثقة لتمثيله في مؤتمر داخل أو خارج المغرب، أو أذهب مع الكاتب الأول في وفد يتجه لملاقاة مسؤول في الحكومة أو في مناسبة ما”.
وأوضح نجمي: “كأننا في مقاولة، نفس الأشخاص؛ من الغريب والطريف أنهم يشبهون الكاتب الأول في كل شيء، ويمثلونه في كلّ شيء، وشيء مخزي ومخجل أنه يختار من يشبهه فكراً وممارسة، حتى في النساء، هناك نساء يشبهن الكاتب الأول في لغته وكتابه وفي جسده، وهذا أمر مخجل، وأنا حزين لأني أتكلم بهذا الإحساس بالجرح، لأنه مؤلم”.
وعقب هذه التطورات التي أخرجها نجمي للعلن، بعد تقديم استقالته من المكتب السياسي لحزب “الوردة”، سادت حالة من الغضب والسخط في صفوف العديد من المنتمين لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث طالبوا بتصحيح الأوضاع الحالية لتجنب الهجرة الجماعية منه، ولتفادي مغادرة الكفاءات التي يملكها.
وفي سياق حالة الغضب، قرر مجموعة من المنتمين للحزب، تأسيس تنسيقية اختاروا لها اسم “تيار أولاد الشعب” بالاتحاد الاشتراكي، حيث اتهموا الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، صراحةً بالاتجار في البشر عبر منح التزكيات لمن يريد، واستغلال نفوذه السياسي، مطالبين بتحرك النيابة العامة من أجل التحقيق معه فيما نسب إليه.
وقال البيان التيار، إنه تبعاً “للمعطيات الخطيرة التي عبر عنه الفريق حسن نجمي العضو المستقيل من عضوية المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتي كشف من خلالها المستور من شبهات الاتجار بالبشر التي تحوم حول المدعو إدريس لشكر، حيث إن هذه المعطيات الصادمة لكل من كان له عمل أو ألقى السمع وهو شهيد، تفيد بأن الكاتب الأول، لحزب القوات الشعبية خارج على القانون.
وأضاف، أن لشكر يجند مستعملاً أساليب الاحتيال والاستغلال السياسوي القسري التي تحط من كرامة الإنسان، وذلك بغرض إسقاط النظام الأساسي للحزب، والذي يضبط شروط الحكامة الحزبية ومساطر منح التزكيات الانتخابية داخل التنظيم الحزبي الاتحادي”، مسترسلاً: “ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد تتعدد أشكال جريمة الاتجار بالبشر”.
وتابع: “لكن الجانب الثابت في هذه الواقعة الحزبية هو استغلال ضعف الضحايا المتأصل. حيث قام المدعو إدريس لشكر باستدراج العديد من الأسماء الحزبية وطغى باستغلال وضعيتها الهشة في أعمال السخرة السياسوية، سواء بالخداع أو الإكراه. إذ هكذا كان الاتجار بهم عبر استخدامهم القسري في مجاظر التسلط التنظيمي الداخلي”.
وزادت: “وكأننا أمام حالة ظالمة شبيهة بالرق جعلتهم كالمستعبدين المجبرين قسرا على القيام بحزمة من الأشغال السياسوية المجرمة، والموجهة من طرف المدعو إدريس لشكر بصفة خاصة ضد المعارضة الاتحادية داخل الحزب، وهذا الشكل السياسوي من الاتجار المجرم نجده حديث الانتشار داخل صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.
وأشارت: “ومن ثم؛ إن التنسيقية الوطنية لتيار ولاد الشعب، إذ تحث جميع المناضلات والمناضلين على التمسك بالقانون السليم والديمقراطية الحقة، كوسيلة وكغاية نبيلة”، فإنها تطالب “رئيس لجنة الأخلاقية والتحكيم الرفيق عبد الواحد الراضي، بفتح تحقيق حزبي مع المدعو إدريس لشكر. تحقيق يغسل العار، ويميط اللثام عن خبايا مافيا السطو الديكتاتوري على الاختصاصات القانونية”.
ونبه إلى أن هذا السطو، مسّ الاختصاصات التي أوكلها النظام الأساسي للحزب بشكل قطعي للأجهزة الحزبية المحلية والإقليمية والجهوية، وذلك في كل ما يتعلق بالتدبير الديمقراطي لمساطر منح التزكيات الانتخابية”، مطالباً “الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، بتفعيل المقتضيات القانونية وفتح بحث قضائي مع المدعو إدريس لشكر”.
وبرّر التيار المطالبة بفتح تحقيق ضد الكاتب الأول لحزب الوردة، بكونه مشتبها “في ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية من خلال الاتجار في البشر. وذلك عبر استغلال نفوذه السياسي الذي يحوزه بصفته كاتباً أولا لحزب الاتحاد الاشتراكي، أو من خلال استغلال حالة الضعف والحاجة والهشاشة التي يعاني منها بعض عضوات وأعضاء المكتب السياسي للحزب”، حسبه.
يشار إلى أن أغلب الأحزاب السياسية شهدت خلال الشهور الأخيرة، توترات داخلية ومحاولات لنيل التزكيات تارة أو الإطاحة بالأمناء العامين تارة أخرى، في ظاهرة ربطها العديد من المحللين السياسيين بالرغبة في الحصول على مقاعد خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
تعليقات الزوار ( 0 )