Share
  • Link copied

هل يقوم الرميد بالتنسيق في فتح حوار بين الدولة وجماعة العدل والإحسان؟

ذكرت جريدة الأسبوع الصحفي، وفق مصادرها الخاصة، أن الوزير المصطفى الرميد “يهندس لأول لقاء بين جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية“، ويأتي هذا التنسيق بين التنظيمين السياسيين بالمغرب ذوَيْ المرجعية الإسلامية، في سياق “المواقف المرنة التي أبدتها جماعة “العدل والإحسان” بخصوص قرارات رئيس الحكومة المنتمي لحزب العدالة والتنمية بشأن حالة الطوارئ الصحية وتغليب الحوار”.

والمقصود بالمواقف المرنة، كما جاء في الخبر المسرب، هو البيان الذي أصدره قطاع الصحة التابع للجماعة، والذي نوه بالتدابير  الصحية المتخذة من قبل الدولة المغربية في مواجهة فيروس كورونا، وهو ما “فاجأ” الكثير من المتابعين للأداء السياسي للجماعة، إذ ذهب البعض إلى أن الجماعة ومن خلال أطرها الصحية كانت في مستوى تطلعات الدولة والمجتمع على حد سواء، وإن ظهر اختلاف بخصوص قانون الطوارئ، وهو خلاف دستوري سياسي اثار نقاشا بين الباحثين في العلوم السياسية والقانون الدستوري، وانبرى باحثان في القانون محسوبان على الجماعة في نقد قانون الطوارئ من وجهة نظر قانونية، ويتعلق الأمر بكل من خالد العسري وعمر إحرشان.

وهو ما عبر عنه مقال جريدة الأسبوع الصحفي، إذ يقول بالحرف “وللجماعة قناعة “أن تكون إلى جانب إخوتها” في مواجهة “التحديات المحلية بإطارات محلية”، وهو ما خلق انطباعا جيدا لدى الأجهزة الأمنية”.

الجماعة تنفي علمها بأي تنسيق يتولاه الرميد

وفي اتصال هاتفي لجريدة بناصا مع مصدر موثوق من داخل الجماعة، وهو قيادي رفض ذكر اسمه، نفي أي اتصال أو تنسيق بين الجماعة والوزير المصطفى الرميد، سواء مع حزب العدالة والتنمية أو مع أي جهة أنى كانت، وقال: “ليس في علمنا شيء في هذا الموضوع”.

وبالرغم من أن المقال الصحفي الذي أورد الخبر لم يفصل في الموضوع، فإن مضمونه يوحي بأن الرميد لا ينسق بين حزب العدالة والتنمية باعتباره مكونا سياسيا وحسب، بل ينسق مع حزب العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي، بين رئيس الحكومة والجماعة، أي بين الدولة، الممثلة في رئيس الحكومة المغربية، وجماعة العدل والإحسان.

 والدليل في ذلك أن التنسيق بين الجماعة مع حزب العدالة والتنمية أو ذراعه الدعوية، حركة التوحيد والإصلاح، هو قائم لاسيما على مستوى الجبهة الهوياتية، أما على الجانب السياسي فهناك اختلاف في التقدير السياسي من المشاركة السياسية ذات الطابع الرسمي.

والسؤال الذي يمكن أن يطرح في هذا السياق، هل الوزير المصطفى الرميد ينسق لفتح حوار مع الدولة وجماعة العدل والإحسان، أم أن الخبر يبقى مجرد تسريب سيجني ثماره المصطفى الرميد عاجلا غير آجل لاسيما بعد معاناته من الحملة الإعلامية التي استهدفته مؤخرا بخصوص المرحومة جميلة بشر، التي ظلت تشتغل بمكتبه لمدة تزيد عن عشرين سنة بدون تغطية صحية، وهو ما أثار عليه انتقادات واسعة لم تتوقف إلى حدود اللحظة؟

دواعي استحضار الرميد في عملية التنسيق

اختيار المصطفى الرميد في عملية التنسيق بين الدولة والجماعة ليس اعتباطا، حسب مضمون مقال الأسبوع الصحفي، لأن الرجل يحظى بثقة كل من الدولة والجماعة، من جانب الدولة يمكن أن نتذكر علاقته مع وزارة الداخلية الأسبق الراحل إدريس البصري زمن الحسن الثاني رحمه الله.

وفي هذا الصدد يذكر المصطفى الرميد، في حوار مع الباحث الأكاديمي عبد السلام طويل، أن وزير الداخلية إدريس البصري طلب من الوزير الحالي المصطفى الرميد أن يمده بتقرير جامع مانع عن الجماعات الإسلامية بالمغرب، فاتصل الرميد بقيادات في التنظيمات الإسلامية كي يمدوه بتعريف عن تنظيماتهم، وقال الرميد في ذات الحوار أنه اتصل بالأستاذ محمد البشيري عن الجماعة (توفي سنة 1999)، كما اتصل بتنظيمات أخرى، وبعد ذلك تم نشر هذه التقارير في جريدة الصحوة التابعة للرميد نفسه.

كما أن المصطفى الرميد يحظى بثقة من لدن الجماعة، فهو الذي كان يعبر عن مواقفها في منتديات خارج الوطن، كما تطوع للدفاع عن أعضائها أكثر من مرة أمام المحاكم، وله فضل كبير في تكوين بعض أطرها الشابة في المحاماة، وكانت له علاقة خاصة بمرشد الجماعة ومؤسسها.

ولذلك يُلاحظ أن المصطفى الرميد هو شخص أقرب لعقل الدولة، كما هو أقرب أيضا من الجماعة، ويفهم جيدا التنشئة والتاريخ بالنظر إلى الأواصر المشتركة لا سيما على مستوى المرجعية “الإيديولوجية”، على عكس من نسقوا الحوار مع الدولة والجماعة في وقت سابق والذين كانوا ينقلون رسائل أكثر ما يدخلون في عملية حوار يقرب بين وجهات النظر، والتصريحات الصحافية تبين ذلك بوضوح أكثر.

صحيح أن الحوار بين الدولة والجماعة توقف منذ ما يزيد عن عشرين سنة، أي بعد تولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم، بيد أن الحوار يمكن أن يستأنف هذه المرة بالنظر إلى التحولات الكثيرة التي طبعت الساحة الوطنية والدولية، وأن الدولة في شخص الملك محمد السادس قاومت الضغوطات و”الإغراءات” كما حكى عبد الإله بنكيران في أكثر من مرة، في التصدي للإسلاميين كما حدث في أكثر من بلد بالمشرق العربي، وبقيت العلاقة بين الدولة وإسلامييها يتحكم فيها ما هو محلي غير متأثرة بسياسة بلدان عربية أخرى جعلت من الإسلام السياسي العدو رقم واحد.

توقيت ترويج عملية التنسيق من لدن وزير من العدالة والتنمية

لكن في مقابل ذلك، وبالنظر إلى نفي الجماعة علمها بأي تنسيق يتولاه الوزير المصطفى الرميد، فمن المستفيد من هذا الخبر؟ وماهي هذه الجهة التي سربت هذا الخبر، لاسيما إذا استحضرنا أن الحوارات السابقة بين الجماعة والدولة ظلت طي الكتمان ولم يفرج عن أهم تفاصيلها إلا بعد مرور سنوات؟

في الجواب عن السؤال، يقول عبد الرحيم المنار اسليمي، في اتصال مع جريدة بناصا: “إذا كانت جماعة العدل والإحسان تنفي هذا النوع من اللقاءات التنسيقية فإن الجهة التي أعلنت عن هذا الخبر هي حزب العدالة والتنمية التي يبدو أن له مصلحة سياسية في تسريب هذا النوع من الاخبار غير الصحيحة”.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية بأنه طيلة السنوات الماضية دأب حزب العدالة والتنمية كلما اقتربت الانتخابات التشريعية إلى ترويج هذا النوع من الأخبار، حيث يظهر أنه يشرع في عزل نفسه عن شركائه في العودة وترويج أخبار التنسيق والتقارب مع جماعة العدل والإحسان، فهو بذلك يبحث عن تقارب بعيد عن المكونات الحزبية العادية ويصبح أقرب الى اسلوب جماعة إسلامية ويعول كثيرا في هذا التقارب على جناحه الدعوي التوحيد والإصلاح.

أما عن توقيت ترويج هذا الخبر، يجيب المنار اسليمي بالقول : “يجب قراءته من داخل الغموض والقلق الذي يعيشه حزب العدالة والتنمية وهو يشعر أن تجربته باتت مهددة، ولا يجب قراءته من زاوية العدل والاحسان لأن الجماعة واضحة في مواقفها وفي تشخيصها لطبيعة التجربة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية”.

ويبدو أن الترويج، يضيف المنار اسليمي، بأن “مصطفى الرميد يتولى قيادة التنسيق له دلالات مرتبطة بإعادة منح الرميد دورا قويا داخل المشهد السياسي نظرا للهجومات التي تعرض لها في الأسابيع الماضية، لهذا فاللجوء الى ترويج أخبار التنسيق مع الجماعة يخدم فكرة إعادة بناء شرعية قيادات في العدالة والتنمية، وفي نفس الوقت مصالح سياسية للعدالة والتنمية السياسية والانتخابية والبحث عن المركز التفاوضي في المشهد السياسي القادم بالمغرب”.

Share
  • Link copied
المقال التالي