Share
  • Link copied

هل يقطعُ المغربُ الطّريق على الخطّ البحريّ بين مليلية والجزائر بفتحِ المعبرِ التجاريّ؟

بعد أسابيع من التصعيد الإسباني ضد المغرب، الذي تلا اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المملكة على الصحراء، بدأت إسبانيا في تليين تصريحاتها بخصوص جارها الجنوبيّ، وهو ما اتضح جلياً في الإستراتيجية الجديدة للعمل الخارجي للفترة ما بين 2021 و2024، والتي دعت صراحةً إلى تعزيز ودعم الحوار والتعاون مع الشركاء، وضمنهم الرباط.

وبالرغم من سعي إسبانيا إلى تغيير لهجة تصريحاتها تجاه المملكة، خصوصاً أن الأخيرة لم ترد على ما كررته الجارة الشمالية، وظلت تشتغل على أرض الواقع، عبر البحث عن تعزيز التعاون مع مجموعة من الدول، من بينها روسيا، التي باتت تربطها بالمغرب علاقات مهمة، ما جعل مدريد تعيد النظر في طريقة تفاعلها مع الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائها قبل فوات الأوان.

وسبق لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن أعلن صراحةً أن المملكة لم تعد تقبل بالحياد والمواقف الفضفاضة في قضية الصحراء، لأنها لا تساهم في تقريب النزاع المفتعل من الحلّ، وهو ما اعتبر رسالةً مبطنة للجارة الشمالية، التي أعربت عن إدانتها لقرار ترامب، ووعدت بمحاولة إقناع بايدن بالتراجع، غير أن هذا الموقع، عرف تغيراً خلال الأيام الأخيرة، بعدما ليّنت مدريد تصريحاتها بخصوص الرباط.

ولم تُغير المواقف الأخيرة لإسبانيا، من خطوات المغرب، الذي لا يبدو أنه سيغير موقفه، الذي اتخذه قبل أزيد من سنتين، والقاضي بإغلاق المعبر التجاري مع مليلية، ما يُعتبر ضربةً قوية لاقتصاد الثغر المحتل، المبني أساساً على ما يتم إدخاله من منتوجات للمدن المغربية، وهو ما عبّرت عنه صراحةً السلطات المحلية بالمدينة، حين اعتبرت بأن خطوة الرباط “عمل عدائي”.

وبغيةَ الضغط على الرباط، عاد الحديث في الأوساط الإسبانية من جديدٍ على مشروع الربط البحري بين ميناء الغزوات بالجزائر، ومدينة مليلية المحتلة من قبل إسبانيا في شمال المغرب، من أجل دفع الأخير، إلى التّراجع عن قراره منع التصدير والاستيراد التجاري، والسماح بإعادة هذا النشاط غير الذي يدرّ على حكومة مدريد ملايين الدولارات سنوياً.

وقال إنريكي آلكوبا، رئيس اتحاد رجال الأعمال بمليلية، في حوار مع جريدة “ليزيكو” الاقتصادية الفرنسية، إن فكرة مشروع المعبر البرحي مع ميناء الغزوات بالجزائر، يمكن التخلي عنه في حال وافق المغرب على إعادة فتح المعبر الجمركي البري والبحري مع المدينة، مضيفاً بأن ربط ميناء الأخيرة، بميناء بني النصار، سيكون مربحاً لكلا الجانبين.

وأعرب آلكوبا، عن أمله في أن تخرج القمة الثنائية رفيعة المستوى، بين الرباط ومدريد، بحلول مرضية للطرفية، تساهم في حلّ دائم لهذا المشكل، متمثل في فتح ميناء بني النصار ومليلية، الذي لا تتجاوز المدة بينهما 15 دقيقةً، للتبادل التجاري، والاشتغال على خلق اقتصاد من شأنه الرفع من المستوى المعيشي لكلّ سكان المنطقة.

وشدّد المتحدث ذاته على أن إسبانيا يهمّها المغرب بدرجة أولى، وفي حال قرّر الأخير إعادة فتح المعبر الجمركي بينه وبين مليلية، فإن فكرة مشروع الخط البحري مع الجزائر، سيتم إلغائها، بالرغم من أن المفاوضات بشأنها مع السلطات الجزائرية، تسير في الاتجاه الصحيح، مبدياً عدم تفهّمه لخلفيات قرار الرباط منع التبادل التجاري.

وأنكر آلكوبا أن تكون تصريحاته من أجل ابتزاز السلطات المغربية، معتبراً “نحن رواد الأعمال برغماتيون ولسنا سياسيين، ما نريده هو خلق الثروة وفرص الشغل للجميع”، معترفا في الوقت نفسه، بحق المغرب في “محاربة الاقتصاد غير المهيكل والتهرب الضريبي، وتشجيع الاقتصاد بشمال المملكة، وخلق فرص العمل”، مردفاً: “من مصلحة الفاعليين الاقتصاديين في مليلية، أن يكون المغرب قوياً ومزدهراً”.

وسبق للعديد من المحللين أن اعتبروا بأن المغرب يسعى لإجبار إسبانيا على التفاوض بشأن السيادة على المدينتين المحتلتين، وهو ما دفعه لإغلاق المعابر الحدودية، ومنع التبادل التجاري، ومنع التهريب المعيشي، بالرغم من أن المدن المتاخمة للثغرين كانت تستفيد هي الأخرى من الأمر، إلا لأن الطرف الإسباني، كان يجني من هذه الأنشطة عشرات الملايين من الدولارات سنوياً.

ويستبعد مراقبون بأن يتراجع المغرب عن قرار منع التبادل التجاري مع مليلية ومنع التهرب المعيشي في الثغرين، في حال لم تسفر القمة الثنائية رفيعة المستوى، التي من المنتظر أن تجرى في الأسابييع المقبلة، عن مكاسب مهمّة للرباط، وعلى رأسها الموقف من قضية الصحراء المغربية، إلى جانب ملفّ سبتة ومليلية الذي تفرض إسبانيا التفاوض بشأنه.

يشار إلى أن المغرب، قرر في غشت من سنة 2018، منع استيراد السلع عبر مدينة مليلية المحتلة، بشكل نهائيّ، إلى جانب منع التهريب المعيشي، وهو ما اعتبرته الحكومة المحلية عملاً عدائياً وخرقا لـ”رسالة وروح اتفاقيات التعاون المختلفة الموقعة بين مملكتي إسبانيا والمغرب، ويتعارض مع معاهدة الصداقة والجوار”، وذلك بسبب الخسائر الجسيمة التي تلقاها اقتصاد الثغر المحتل.

Share
  • Link copied
المقال التالي