يشهد المغرب تحولًا استراتيجيًا في قطاع الطاقات المتجددة، حيث يراهن على أن يصبح أحد اللاعبين الرئيسيين في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو ما يعزز مكانته كوجهة استثمارية واعدة في مجال الطاقة النظيفة.
فمع اقتراب عام 2026، يستعد المشروع الطموح “Power to Hydrogen (PtX)” لدخول الخدمة، وهو ما قد يجعل المغرب في طليعة الدول المنتجة لهذا النوع من الطاقة المستدامة.
يقود هذا المشروع الطاقي الكبير الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (Masen)، بدعم من البنك الألماني KfW، الذي خصص تمويلًا قدره 300 مليون يورو على شكل قروض ومنح.
وقد تم تحديد جهة كلميم واد نون كموقع لإنشاء المنشآت التي ستنتج حوالي 10,000 طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر، وذلك عبر إلكتروليزر بقدرة لا تقل عن 100 ميغاواط، يعمل بطاقة محطة هجينة شمسية وريحية بقوة 200 ميغاواط.
وسيتم ربط منشآت الإنتاج بمحطة لتحلية مياه البحر سيتم إنشاؤها في طانطان، مما يعزز التكامل بين الموارد المائية والطاقة الخضراء لضمان استدامة المشروع.
ويعتبر الهيدروجين الأخضر أحد أهم الحلول لمستقبل الطاقة، حيث يتم إنتاجه من خلال الإلكتروليز، الذي يستخدم الكهرباء الناتجة عن مصادر متجددة لفصل الهيدروجين عن الأوكسجين في الماء، دون أي انبعاثات كربونية.
هذا النوع من الهيدروجين لا يقتصر فقط على كونه مصدر طاقة نظيفًا، بل يتميز بإمكانية تخزينه ونقله، مما يجعله خيارًا استراتيجيًا لإزالة الكربون من القطاعات الصناعية الثقيلة والنقل.
ويسعى المغرب إلى أن يكون وجهة مفضلة للاستثمارات الدولية في الهيدروجين الأخضر، وهو ما يتجسد في إطلاق برنامج “عرض المغرب” (Offre Maroc)، الذي يهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي واستقطاب كبار المستثمرين العالميين.
ومن أبرز هذه الاستثمارات، الاتفاقيات المبرمة مع شركات “أكسيونا” و”موفي” و”سيبسا”، التي ستنفذ مشاريع بقيمة 30.8 مليار يورو، خاصة في المناطق الجنوبية للمملكة.
ويضع المغرب أهدافًا طموحة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وتقليص انبعاثات الكربون بنسبة 45% بحلول عام 2030، وفقًا لما أكدته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD).
ورغم استمرار استثماراته في التنقيب عن الغاز والنفط لضمان أمنه الطاقي، فإن المملكة تراهن بقوة على أن تصبح مركزًا عالميًا للطاقة الخضراء، مما يعزز مكانتها في التحول الطاقي العالمي.
ومع اقتراب موعد تشغيل مشروع “PtX”، تتجه أنظار العالم إلى المغرب، الذي بات يمثل نموذجًا ناجحًا للتحول الطاقي في القارة الإفريقية، فهل ينجح في تحقيق رؤيته ليصبح رائدًا عالميًا في مجال الهيدروجين الأخضر؟
تعليقات الزوار ( 0 )