شارك المقال
  • تم النسخ

هل يدخل القضاء على خطّ فضيحتي “صفقات كورونا” ومديرية الأدوية بوزارة الصحة؟

في أقل من أسبوعين، نشر تقرير جديد غسيل وزارة الصحة التي يقودها خالد أيت الطالب، والمديريات التابعة لها، على رأسها مديرية الأدوية والصيدلة، بعد أن عرّت المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول صفقات كورونا، الاختلالات الكبيرة وشبهة تبديد المال العام التي شابت العملية، إلى جانب رفض المسؤولين مدّ النوّاب بالوثائق والبيانات الضرورية، الأمر الذي يزيد من احتمال وجود فضائح كبرى تحت الطاولة.

وبالرغم من كلّ المعيقات التي واجهت النوّاب قبل خوض غمار “التحقيق”، من قبل عدد من الجهات، على رأسها الأحزاب التي سبق لها أن تولت حقيبة الوزارة في وقت سابق، ورفض مدّها بعدة وثائق وبيانات، إلا أن المهمة الاستطلاعية تمكنت من إخراج تقريرها إلى الوجود، مبرزةً حجم الاختلالات الضخم الذي عرفته وزارة الصحة ومديرية الأدوية والصيدلة.

وسجلت المهمة وجود غموض كبير “في طريقة تعامل مديرية الأدوية مع طلبات التسجيل، في ظل ما يثار لدى الرأي العام من محاباة وتفضيل لبعض الشركات على حساب أخرى في معالجة شواهد تسحيل المنتجات”، معتبرةً “امتناع وزارة الصحة ومديرية الأدوية عن تزويد اللجنة بالوثائق والبيانات المطلوبة في هذا الإطار إثارة لهاته الشكوك”.

ووقفت المهمة، في تقريرها، على “الإشكالات التي يتسبب فيها توقف النظام المعلوماتي منذ شهر فبراير 2021، خاصة وأن هذا الأمر يتسبب في تجميد الآلاف من طلبات تسجيل المستلزمات الطبية والمستحضرات والتجهيزات الأخرى، في الوقت الذي تعاني فيه المملكة من ندرة بعض المستلزمات الضرورية لمواجهة آثار الجائحة أو الوقاية منها”.

ونبهت إلى أن وزارة الصحة، قامت بـ”إبرام عدد كبير من الصفقات التفاوضية مع شركات غير مسجلة قانونا لديها، وذلك لاقتناء مستلزمات أو مستحضرات طبية، وهو ما يخالف صريح المقتضيات القانونية والتنظيمية المؤطرة لهاته المجالات ذات المخاطر العالية والحساسية المطلقة، وذات التأثير المباشر على صحة وسلامة الأطقم الطبية والمرضى وأسرهم وعموم المواطنين”.

وكشفت المهمة، إن مديرية الأدوية والصيدلة، امتنعت أيضا، عن تزويد المهمة الاستطلاعية بالبانات والوثائق المطلوبة مها، وبشكل غير مبرر، معتبرةً أن هذا الأمر يثير “التساؤلات بخصوص الملاحظات الجوهرية المثارة حول ازدواجية تعامل الوزارة مع طلبات تسجيل التي تقدمها الشركات والتي تمكنها من المشاركة في الصفقات، ضربا واضحاً لقواعد المنافسة الحرة والنزيهة”.

وأكد التقرير أن إبرام الصفقات، شابته عدة خروقات قانونية واضحة، تتعلم بأن عدداً كبراً منها، وقع مع شركات غير مسجلة لدى الوزارة، وفق أحكام القانون المتعلق بالمستلزمات الطبية، معتبرا في السياق نفسه، أن “اقتناء مستلزمات أو مستحضرات طبية من شركات غير مرخص لها قانونا يعتبر مخالفة صريحة للنصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة للنفقات وللطلبيات العمومية”.

وأبرز المصدر أن هذا الأمر، “قد يمثل شبهة تبديد المال العام، ويحمل مخاطر عالية على صحة وسلامة وحياة الأطقم الطبية والمرضى وعموم المواطنين”، مشيرةً إلى أن وزارة الصحة، رفضت الإجابة عن سبب لجوئها لإبرام صفقات مع شركات غير مرخص لها قانونا، وهو ما يؤكد، وفق المهمة، “أن هاته الشركات لا تملك الشروط القانونية للولوج للطلبيات العمومية وتزويد الوزارة بمنتجات طبية”.

وذكر التقرير أنه إلى جانب أن “كون الامتناع عن تزويد اللجنة بالوثائق المطلوبة يعد استهتارا وسوء تعامل مع السلطة التشريعية، فإن تعاقد وإبرام الوزارة لصفقات تفاوضية مع هاته الشركات، غير المرخص لها وفق أحكام المادة 7 من القانون المذكور، يعتبر مخالفة صريحة للقانون، ويحتمل شبهة تبديد المال العام لعدم قانونية هاته الصفقات، وعدم صحة وسلامة المساطر القانونية الواجبة بهذا الخصوص”.

وإلى ذلك، اعتبرت المهمة، أن التعاقد مع شركات غير قانونية، يعتبر ذا مخاطر عالية على صحة وسلامة المرضى والأطر الصحية والطبية وعموم المواطنين، بالنظر لما يشكله اقتناء هاته المنتجات من شركات تشتغل بشكل غير قانوني، والتي لم تخضع لمساطر وإجراءات المراقبة القبلية من قبل وزارة الصحة لقدراتها التقنية والفنية لنوعية التجهيزات التي تتوفر عليها”.

وعدّدت المهمة مجموعة من الاختلالات والخروقالت القانونية، وشبه تبديد الأموال العمومية، الأمر الذي دفع العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بتدخل المجلس الأعلى للحسابات لإجراء تحقيق معمّق ودفع المسؤولين لكشف بقية الوثائق والبيانات المخبأة، قبل إحالة النتائج على النيابة العامة من أجل التحرك لمتابعة المتورطين.

وشدد نشطاء على أن التقرير يعدّ “أسوداً”، ويتوجب تحرك القضاء قبل حتى تولي المجلس الأعلى للحسابات الملف، باعتبار أن المهمة الاستطلاعية أماطت اللثام عد عدة خروقات تستوجب العقاب، وتتطلب تحرك النيابة العامة بشكل ذاتي، نظرا لأن المسألة تهم قطاعاً عموميا يهدّد صحة المواطنين وسلامتهم، إلى جانب أن الأمر يحيل إلى احتمال وجود شبهة تبديد المال العام أيضا.

يشار إلى أن تقريرا لمهمة استطلاعية أخرى، عرض قبل أكثر من أسبوع، كان قد نشر غسيل مديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة، وعدّد مجموعة من الاختلالات التي تعرفها، وأوصى بإحداث وكالة مستقلة تعنى بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية، بدل الاعتماد على مديرية تابعة للوزارة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي