شارك المقال
  • تم النسخ

هل يتعدى “زلزال ريان” ردم الآبار إلى تنمية الحكومة للمناطق القروية بالمغرب؟

“لم يكن ليسقط ريان في البئر، لو كانت هناك شبكة للماء الصالح للشرب في دوار إغران”، يقول مواطن جاء من منطقة بعيدة لمواساة خالد أوَرَّامْ، وسمية خرشيش، في المأساة التي ألمّت بهما، وأبكت المغاربة والعالم معهما، _يقول ذلك_ والأسى على رحيل الطفل الصغير بادٍ على وجهه.

حفر خالد، والد ريان، البئر قبل حوالي سبع سنين، بحثا عن ماءٍ يروي به ظمأ أسرته وأهله، دون أن يفله في ذلك، بعدما وصل عمق الحفر لـ 60 متراً، دون أي قطرة ماء. توقفت الأعمال وظل البئر غير مستعمل، وضع الأب فوقه بعضا من الخشب وغطّاه لكي لا يسقط فيه ابنه.

بعد سنوات، عاد الأب ليفتح البئر مرة ثانية استعداداً لردمه بشكل نهائي، وهو ما حصل بالفعل لاحقا، غير أن ذلك حدث بعدما سقط الابن فيه دون رجعة.. كانت آخر مرة يراه خالدُ حيّاً، حين أعطاه قطعة حلوى وطلب منه الذهاب إلى أمه في البيت. غادر واختفى إلى الأبد.

مات الطفل ولكن واقعة وفاته لم تكن كغيرها من الحوادث المشابهة في العالم. يلقى الأطفال مصرعهم تحت القصف، في الآبار، البحار، وفي الأنهار، ويموتون في حوادث السير، غير أن ريان كان مسلسلاً حبس الأنفاس. دراماً فاقت كل التوقعات وجعلت العالم يتابع الأمر عن كثب.

بعد رحيل ريان، تحولت الحادثة إلى ما يشبه الزلزال، أدى إلى تحرك السلطات المحلية في مجموعة من المدن والقرى، من أجل طمر جميع الآبار غير المستعملة، للحيلولة دون وقوع كوارث مشابهة، علما أن طفلاً آخر في تيفلت، مات قبل يومين بعد سقوطه في بئر، به ماء.

وحتى في ظل هذا التحرك الذي أشاد به نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وطالبوا بتكثيف الحملات، خصوصاً في المناطق النائية، التي تتواجد بها العديد من الآبار، إلا أن العديد من المتابعين، أكدوا على ضرورة عمل السلطات المسؤولة عن تدبير وتسيير الشأن المحلي، على التركيز في برامج التنمية، على هذه الأماكن، لأنها أكثر حاجة للأمر من غيرها.

في جبال الأطلس، وسط الثلوج التي تعرفها في هذا الوقت من السنة، تابع العديد من الأطفال، إما عبر الهاتف، أو عن طريق الأخبار التي تصلهم من الإذاعة، واقعة الطفل ريان، وحبست أنفاسهم طوال فترة الإنقاذ، وبكت عيونهم، بشدّة، بعد إخراج جثته، ليس لأنه طفل، أو أن هناك نوعاً من الدراما في الحدث، كما وقع مع أغلب المتابعين المتأثرين، بل لأن الشبه كبير بينهم.

شبه ريان، ابن الشمال، بأطفال الأطلس، الجنوب الشرقي، والجنوب، ممن يقطنون في القرى النائة يتعدى كثيرا الفقر، ويصل إلى العطش، وتهديد الجفاف الذي يجعل من البحث عن الماء اليومي، قصة قائمة بذاتها، إلى جانب الكهرباء التي لا تتواجد في العديد من المناطق، وأيضا شبكة الهاتف، ما يجعل مجموعة من سكان الهامش بالمغرب، يعيشون واقعاً منقطعا بشكل شبه كامل عن العالم الخارجي.

العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أعربوا عن أملهم في أن تكون واقعة ريان، بداية حقيقية لتركيز الحكومة والبرامج التنموية الجهوية، على القرى النائية، لأنها الأحوج لها، ففي الوقت الذي يتطلع سكان المدن لمشاريع التشغيل والحدائق ومؤسسات الترفيه، لا يتعدى حلم مواطني الجبال، ماء ينسكب من صنبور، وضوءاً يسطع من مصباح.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي