شكّلت عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، صفعة مدوية، ونهاية حقبة استخدمت فيها الجزائر وحُلفاؤها المؤيدون للانفصال الاتحاد القاري لخدمة أجندتهم الوطنية على حساب المصلحة العليا لإفريقيا.
وأوضح ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون، متحدثا بعد قمة الاتحاد الأفريقي -التي استمرت يومين- أنّ الاتحاد الأفريقي لم يذكر قضية الصحراء في أي من تقاريره تماشيا مع القرار 693 الذي ينص على الطابع الحصري لعملية الأمم المتحدة لحل النزاع الإقليمي.
وفي هذا الإطار، قال موقع “نورث أفريكا بوست” في مقال تحليلي، يومه (الاثنين)، إنّ ورغم غياب قضية الصحراء عن قمة الاتحاد الإفريقي، إلا أنه كانت هناك مناورات من قبل الدول الأعضاء المعادية لوحدة أراضي المغرب لخرق هذا القرار ولكن دون جدوى.
وأضاف الموقع ذاته، أن “الترويكا” التي تجمع الرؤساء الحاليين والمنتهية ولايتها والقادمة للاتحاد الأفريقي هي الهيئة الوحيدة المخولة بدراسة قضية الصحراء بطريقة تدعم جهود الأمم المتحدة، وذلك ما عبر عنه بوريطة بالقول إنّ الدعوات لعقد “الترويكا” لبحث قضية الصحراء تبددت لأن رئيس الاتحاد الإفريقي المنتهية ولايته: جنوب إفريقيا لم يكن طرفا مُحايدا.
وأعرب المسؤول المغربي عن أمله في أن تؤدي الرئاسة الجديدة لجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى تصحيح بعض إرث التحيز الذي خلفته جنوب إفريقيا، مُؤكدا أن “الترويكا” القادمة ستكون أكثر توازناً، حيث ستتألف الترويكا القادمة من جمهورية الكونغو الديمقراطية والسنغال وجزر القمر.
وأوضح المصدر ذاته، أنّ بوريطة، رحب بانتخاب مفوضين جدد من الاتحاد الأفريقي، لا سيما في مجلس السلم والأمن مع رحيل الجزائري إسماعيل شرقي الذي ترك وراءه سجلاً من التحيز في دعمه المتضائل لظل البوليساريو إلى جانب عدم الكفاءة في الضغط من أجل دور نشط للحزب الاتحاد الأفريقي في حل موجة الصراعات المسلحة في أفريقيا.
وأكد موقع “نورث أفريكا بوست”، نقلا عن تصريح بوريطة، أن “كل أولئك الذين يريدون إشراك الاتحاد الأفريقي في قضية الصحراء سيجدون دائما الدبلوماسية المغربية بمثابة حصن منيع”.
نحو تجميد عضوية البوليساريو في الاتحاد الأفريقي
وتم تقديم البوليساريو كعضو كامل العضوية إلى سلف الاتحاد الأفريقي في عام 1984 في سياق الحرب العالمية باستخدام أموال النفط. وترك المغرب المنظمة كرد فعل مع التركيز على تعزيز العلاقات الثنائية مع مختلف الدول الأفريقية الصديقة.
وأشار الموقع ذاته، إلى أنه قبل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، قدمت 28 دولة اقتراحا يطالب بتجميد عضوية البوليساريو، لافتة إلى أن انسحاب البوليساريو، يتطلب قرارا بأغلبية ثلثي الأصوات، والآن يبدو أن هذا التصويت في متناول اليد بالنسبة للمغرب الذي عزز العلاقات مع البلدان من جميع أنحاء إفريقيا.
إنّ عضوية البوليساريو في الاتحاد الإفريقي تقف بمثابة انحراف حكم مسبقا على نتيجة المفاوضات في تجاهل تام لعملية الأمم المتحدة ولحقوق المغرب التاريخية كبلد قسمته قوتان استعماريتان، يردف المصدر ذاته.
محمد شقير، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، أورد أنّ سياسة الكرسي الفارغ التي انتهجتها الدبلوماسية المغربية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي ردا على قبول جبهة “البوليساريو” ضمن أعضاء منظمة الوحدة الافريقية، ترك الساحة فارغة للدبلوماسية الجزائرية لتنشر مختلف المغالطات السياسية بشأن قضية الصحراء.
وأضاف شقير في تصريح لـ”بناصا”، أنه بعد تغيير المغرب لسياسته بهذا الشأن، بقيام الملك محمد السادس بعدة زيارات رسمية حتى للدول الافريقية التي تعترف بجمهورية البوليساريو، وقبول المغرب بالانضمام للاتحاد الإفريقي، نجح المغرب في شغل كرسيه داخل هذا المنتظم، وفي نفس الوقت مواجهة الأطروحات والمواقف الجزائرية بشأن قضيته الوطنية.
وأوضح، أن هذا الوضع الجديد، أثمر عن تراجع دول إفريقية عن اعترافها بجمهورية البوليساريو وإسماع موقفه الرسمي داخل دواليب ومؤسسات الاتحاد على الرغم من مناورات الخصوم ومسانديهم خاصة دولة جنوب افريقيا، التي استغلت رئاستها لهذه المنظمة لمحاولة تمرير مواقف معادية.
وأكد الباحث في العلاقات الدولية، أنه، ومع ذلك لم تنجح، جنوب إفريقيا في تجاوز قرار 693 الذي اتخذ بمؤتمر نواكشوط والذي يعطي الالوية لحل هذا النزاع للمنتظم الأممي.
المقاربة الاستباقية في الدبلوماسية المغربية
وعلى صعيد آخر، يضيف شقير، أنّ المغرب استبق رئاسة الكونغو للاتحاد، باستقبال مستشار الرئيس الكونغولي لوضعه في الصورة، كما لاننسى أن المغرب له علاقات سياسية وعسكرية، بل وشخصية مع قيادة الدولة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، كما سبق أن عانت هذه الأخيرة من عملية انفصال كانت ستهدد وحدتها السياسية.
وبالمقابل، يؤكد المتحدث ذاته، أنّ هذا لا يمنع الدبلوماسية المغربية، التي ينبغي أن تعتمد على نفسها وتجدد من آلياتها وتحركاتها من أجل اقناع الدول التي ما زالت متأرجحة أو واقعة تحت تاثير دولة جنوب افريقيا بوجاهة الطروحات المغربية.
وشدّد شقير، على ضرورة استباق تحركات الدبلوماسية الجزائرية، خاصة في سياقات دولية جديدة، لإحباط محاولاتها، سواء في المناورة أو اجتذاب أطراف ألى طروحاتها وطروحات ما سمي بتقرير المصير مستغلة بذلك اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء لترجيح الموقف الوطني والرسمي بشأن هذا النزاع الذي طال أكثر من اللازم.
وأشار الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، إلى ضرورة استغلال فتح مجموعة من الدول الافريقية والعربية لقنصلياتها بالأراضي الصحراوية، حيث يشكل ذلك ورقة سياسية ينبغي توظيفها بذكاء في المواجهة الدبلوماسية المستعرة مع النظام الجزائري.
تعليقات الزوار ( 0 )