Share
  • Link copied

هل نحن بحاجة إلى سياسة شمولية أم إلى سياسة إستهدافية على مستوى التنمية الترابية؟

إن نقاش التنمية الترابية بصفة عامة ليس نقاشا سهلا أو نقاش العام يمكن للكل الخوض فيه، بل نقاش الخاصة إن لم نقل خاصة الخاصة، فالتنمية الترابية مسألة معقدة جدا وليست مركبة أو بسيطة، وما أدراك اليوم ونحن على مشارف الثورة الصناعية الرابعة أصبحت التنمية الترابية هاجسا وغولا في ظل هذا التحول السريع والمتسارع والمعقد والذي زاد من تعقيدها هو الأنترنيت السريع والتقدم التكنولوجي خاصة تكنولوجيات القطيعة.
ان التنمية الترابية ماهي إلا تنزيل للتصور التنموي او النموذج التنموي الذي تسعى الدولة الوصول إليه وتحقيقه على أرض الواقع مراعية في ذلك العوامل والخصائص الجغرافية والطبيعية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والإثنية والعديد من الخصائص الأخرى التي تدخل في تنمية التراب.
فالسؤال المطروح هل نحن بحاجة إلى سياسة شمولية أم إلى سياسة إستهدافية على مستوى التنمية الترابية؟ هو سؤال استنكاري، لأن الأصل لا يمكن الاستغناء عنهما معا، فنحن في حاجة إلى سياسة تنموية شمولية للمجال والتراب من أجل تحقيق الرؤية المرغوب فيها، وفي نفس الوقت نحتاج إلى سياسات تنموية استهدافية وليس سياسة واحدة من أجل النهوض الفئات المعنية بهاته السياسات. فالمقصود بسياسة تنموية شمولية و سياسات تنموية استهدافية؟ وهل يمكن العمل بواحدة في ظل غياب أخرى؟ وماهي التحديات التي تواجه كل منهما على مستوى التنمية الترابية ؟ وأخيرا كيف يمكن الربط والدمج بين سياسة تنموية شمولية وسياسات تنموية إستهدافية على مستوى التنمية الترابية؟.
تعتبر السياسة التنموية الشمولية نهج في التنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي يهدف إلى تحقيق التنمية والتقدم لجميع شرائح المجتمع دون استثناء، عن طريق توجيه الجهود والموارد نحو تلبية احتياجات جميع الفئات الاجتماعية وتمكينها من المشاركة بشكل فعال في العملية التنموية.
تشمل مبادئ السياسة التنموية الشمولية:
أولا : المساواة والعدالة الاجتماعية : حيث تسعى إلى تقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين الأفراد والمجتمعات.
ثانيا : المشاركة والشراكة : حيث تشجع على مشاركة جميع الفئات وفق المقاربة التشاركية في صنع القرارات المتعلقة بالتنمية وتعزيز التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
ثالثا : توجيه الموارد بشكل فعال : من خلال الدفع إلى استخدام الموارد بشكل فعال وفعالية لتحقيق أقصى قدر من النتائج الإيجابية للمجتمع.
رابعا : التنمية المستدامة : حيث تسعى إلى تحقيق التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحالي دون المساس بقدرة الأجيال المستقبلية على تلبية احتياجاتها.
خامسا : التوجيه الاستراتيجي : حيث يتم الاعتماد على تطوير استراتيجيات مدروسة ومتكاملة لتحقيق الأهداف التنموية بشكل شامل ومستدام.
بشكل عام، تهدف السياسة التنموية الشمولية إلى خلق بيئة تنموية تسمح للجميع بالمشاركة بشكل كامل والاستفادة من فرص التنمية بغض النظر عن انتمائهم الاجتماعي أو الاقتصادي، في حين تعتبر السياسات التنموية الاستهدافية هي السياسات التي تركز على فئة معينة من السكان أو منطقة محددة والتي تكون في حاجة ماسة إلى الدعم والتدخل لتحقيق التنمية وتحسين الظروف المعيشية، هذه السياسات تستهدف بشكل خاص حل مشكلة محددة أو تحقيق هدف معين بشكل أكثر فعالية عن طريق التركيز على الفئة المستهدفة.
وتشمل السياسات التنموية الاستهدافية ما يلي:
برامج الإغاثة الاقتصادية : مثل تقديم المساعدات المالية المباشرة أو توفير السلع الأساسية للأسر المحتاجة.
برامج التعليم والتدريب : التي تستهدف تحسين فرص التعليم والتدريب للفئات ذات الدخل المنخفض، مما يساعدهم على تحسين مهاراتهم وزيادة فرص العمل.
برامج التشغيل والتوظيف : من خلال العمل على توفير فرص العمل والتشغيل للشباب والفئات الضعيفة في السوق.
برامج الصحة والرعاية الصحية : من خلال توفير الخدمات الصحية الأساسية للفئات المحرومة منها.
برامج التنمية المجتمعية : من خلال إنجاز مشاريع البنية التحتية وتطوير المجتمعات المحليةمن أجل تحسين الظروف المعيشية وتعزيز الاستقرار للفئات المعنية.
باختصار، السياسات التنموية الاستهدافية تركز على حل مشكلة أو تلبية احتياج معين لفئة محددة من السكان أو المناطق بشكل مستهدف وفعال.
إن العمل بالسياسات التنموية الاستهدافية والسياسات التنموية الشمولية ليس تنافسيًا بل متكاملا ومترابطا. ففي الواقع، غالبًا ما يتم دمج النهجين معًا لتحقيق أقصى قدر من الفاعلية في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
على مستوى التكامل : يمكن للسياسات التنموية الاستهدافية أن تكون جزءًا من الاستراتيجية الشمولية، حيث يتم توجيه الموارد والجهود نحو الفئات أو المناطق التي تحتاج إلى دعم إضافي، بينما تعمل السياسات الشمولية على تحسين الظروف العامة للجميع.
أما على مستوى الترابط : يمكن أن تساهم السياسات التنموية الاستهدافية في دعم أهداف السياسات التنموية الشمولية من خلال توجيه الدعم الإضافي إلى الفئات المحتاجة وتوفير فرص محددة للتحسين.
وبالتالي وبشكل عام، يتم استخدام السياسات التنموية الاستهدافية والشمولية بشكل مترابط ومتكامل لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة لجميع أفراد المجتمع.

خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية

Share
  • Link copied
المقال التالي