Share
  • Link copied

هل شبكات التواصل الاجتماعي تؤرق الدولة؟

  • في خضم عاصفة وباء فيروس كورونا ، فحص مجلس الحكومة ، يوم الخميس 19 مارس ، مشروع القانون 22.20 المتعلق باستخدام الشبكات الاجتماعية وشبكات البث والشبكات المماثلة.

وتأتي مسودة مشروع القانون التي قدمها وزير العدل في إطار الإجراءات القانونية والمؤسسية التي اتخذتها المملكة بهدف مكافحة الاتجاهات الجديدة في الجرائم الإلكترونية وتعزيز آليات الدفاع دون  التعدي على حرية الاتصال الرقمي ، وهو شكل من أشكال حرية التعبير يكفله الدستور.

ثم ما فتئ أن أجل  النظر في مسودة المشروع حتى تستوفي نصوصه كل مقتضيات الدستور من ضمان للحريات بعد أن شغل هذا الموضوع فئات عريضة من المجتمع المغربي من باحثين وحقوقيين وصحافيين…

هل شبكات التواصل الاجتماعي تؤرق فعلا الدولة؟

و هل تساهم هذه الشبكات حقا في رقمنة حقيقية لمطالب وشكايات المواطنين وتعزيز الديمقراطية ؟…

يحاول هذا المقال أن يبرهن بعض الشيء عن  إمكانية التكنولوجيا القيام  بدور أساسي  في تعزيز الديمقراطية من خلال الاستخدام الجيد للشبكات الاجتماعية ورقمنة معالجة المطالب المواطنة  (الحكومة الإلكترونية، الخدمات الإلكترونية، الإدارة الإلكترونية، الخ.) واستقرار السلم الاجتماعي في العالم العربي بصفة عامة وفي المغرب على وجه الخصوص، وذلك بعد التغيرات السياسية والاجتماعية التي طبعت هذه السنوات الأخيرة.

ويهدف هذا البحث أيضا إلى توضيح كيف يمكن للدول العربية بفضل التكنولوجيا وآليات الرقمنة (ECM، BPM، ويب 2.0 * … الخ.)، احتواء وتوجيه وعقلنة تطلعات المواطنين وقياسها وتأهيلها وتحليلها ومتابعتها وأن تجعل منها وسيلة لمراقبة ورصد تنفيذ البرامج الحكومية على مستوى الجماعة و الإقليم والدولة ككل. ويهدف هذا المقال   أيضا  الى دراسة استخدام الويب 2.0 من قبل الشباب في المغرب  وذلك لاستكشاف إمكانيات الحكامة.

لنرجع قليلا الى الوراء

إن تحليل السياق الاجتماعي والسياسي للعالم العربي أثناء وبعد “الربيع العربي”،و التطورات السياسية الأخيرة في المنطقة, يطرح بعض الأسئلة الأساسية والآنية التالية:

-هل هناك  “علاقة زبونية” بين الدولة والمواطن في العالم العربي؟

-هل تدخل توجهات الدولة في إطار منهجية”إدارة العلاقات بين العملاء”؟

-ألا يعتبر المراقبون السياسيون والاجتماعيون العلاقة بين المواطن والدولة والخدمات العامة علاقة صراع دائم مع خلل في موازين القوى؟

-ماهي الطريقة التي  يمكن بها للمواطن  تقييم “أداء” الحكومة من داخل جماعته ومنطقة عيشه الضيقة؟ وهل توجد هناك قاعدة من المطالب متحكم فيها  ومتاحة لجميع المواطنين؟

– هل قامت الدول العربية بتطوير “وسائل” لسبر ومعالجة آراء المواطنين؟

لقد استعمل  “محتجوا الربيع العربي  الشبكات الاجتماعية والمواقع الالكترونية مثل الفيسبوك  و تويتر  ويوتوب كوسيط رئيسي للدعوة إلى التظاهر والتعبير عن مطالبهم”.

وحسب Arab Advisors Group , المكتب الاستشاري المتخصص في الاتصالات السلكية واللاسلكية المتمركز في الأردن “فإن استعمال الأنترنت في العالم العربي عرف قفزة نوعية إذ تم جرد  55 مليون مستخدم ، و سجل فيسبوك نسبة ارتفاع تفوق %40. كما أن محاولات السلطات ، في بعض البلدان ،تعطيل هذه الشبكات لمنع تواصل المحتجين باءت بالفشل، ذلك لأن استعمال الأنترنت والهواتف المحمولة ساهمت في كسر جدار الخوف وتنمية مفهوم الصحفي المواطن لدى المتظاهرين.” Al-hayat

وكما يعرف الجميع فقد أثرت الثورات العربية على العديد من البلدان، من المغرب الى البحرين، وبالفعل كانت تونس نقطة الانطلاق، اذ امتدت الاحتجاجات الى ليبيا ومصر وسوريا والمغرب والجزائر واليمن وكذلك العربية السعودية . إلا أن هذه الاحتجاجات لم يكن لها نفس الصدى في كل هذه البلدان.

 الشبكات الاجتماعية و الربيع العربي : أي تأثير ؟

في  غياب قنوات للتعبير عن المطالب وغياب التفاعل مع الخدمات العمومية  بجميع أنواعها، استغل الشباب العربي مختلف  وسائل الإعلام   مثل الويب 2.0 و الفيسبوك أساسا للانتظام في  مطالب جماعية .وقد استمر تأثير الشبكات الاجتماعية في العالم العربي على امتداد  العامين 2011 و 2012 .

خلال هذه الفترة من الاضطرابات الاجتماعية الكبيرة ، ارتفع الدخول الى  الشبكات الاجتماعية بشكل صاروخي ، وتجنيد المزيد والمزيد من الشباب في الوقت الذي  ظلت دوائر الدولة غائبة عن  هذا المجال ، وبالتالي خلق  فراغ سرعان ما استغله الشباب  للتعبير عن ظاهرة من المطالب  الضخمة  فاجأت  مهنيي وسائل الإعلام وأجهزة الدولة بل  و حتى الأحزاب السياسية .

حالة المغرب : الربيع العربي … أو الربيع الرقمي؟

أما في المغرب ، فلم تستثن  هذه الظاهرة  الشباب في ذلك الوقت ، بمعدل دخول الى الشبكة وصل الى    13.4 ٪ ، و الغياب شبه التام  للدولة مع حضور خجول للأحزاب السياسية ، كما تم تسجيل تزايد مطرد في عدد المطالب الاجتماعية  منذ بداية اضطرابات  الربيع العربي .

 ولقد قللت السلطة في البداية من شأن ” حركة ” 20 فبراير ” في عام 2011 ، إذ لم يظهر  أعضاؤها أي انتماء سياسي أو نقابي أو حتى جمعوي،  و اعتبرت الحركة آنذاك منتمية الى جماعة الشيخ عبد السلام ياسين.

لكن أمام استقواء الحركة بمطالب واضحة ، آخذة بعين الاعتبار الحركات الاحتجاجية في مصر وليبيا ،لم تجد السلطات في المغرب بدا من تغيير موقفها بسرعة (محسن-فينان 2011)، حيث انطلق إصلاح دستوري بمبادرة من الملك محمد السادس، خضع بعد ذلك لاستفتاء شعبي  تلته انتخابات تشريعية نهاية نوفمبر 2011، كانت نتائجها لصالح حزب العدالة والتنمية، وتم بعدها احداث 3406 منصب شغل و 25000 منصب كان سيعلن عنها في أفق سنة 2012 .

هذا  “الربيع العربي ” ، أو ما اتفق بعض المفكرين على تسميته بالثورات  2.0 ( Huyghe ، 2011) أو ”  الثورة  الفيسبوكية” (  EL OIFI ، 2011) ،  سلط  الضوء على الدور الذي قامت به الشبكات الاجتماعية سواء على مستوى تبادل المعلومات أو من حيث تنسيق العمليات  المشتركة .

وبالفعل فقد برز في المشهد  العربي   فاعلون  رقميون جددا استهدفوا عددا لايستهان به من الأنظمة.

هذه الاضطرابات السياسية والاجتماعية الجديدة الجارية  في العالم العربي بما في ذلك المغرب ، تعتبر التكنولوجيات الرقمية أحد محركاتها الرئيسية، ومن طبيعتها زعزعة التصور الذي نمتلكه تجاه  الدور الذي تقوم به التكنولوجيات الجديدة  للمعلومات  والاتصالات (ICTN) في عملية التغيير والتعبئة الاجتماعية والسياسية .

وفي  خضم هذه الأجواء ، واضافة الى  الفجوة الرقمية  بين الشرق والغرب ، بلغت   نسبة الدخول الى الشبكة ذات الصبيب العالي  24% في تونس مقابل%  12 %   في المغرب و7.4% فقط في  مصر،  وكذلك بين المجال الحضري والقروي إذ أن 3036 جماعة  “بيضاء” أي معزولة وغير موصولة بأي نوع من خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية في  المنطقة الوحيدة لسوس ماسة درعة بالمغرب كما أن تويتر سجل ارتفاعا  نوعيا لنسبة ولوج الشبكة  انطلاقا من بلدان الشمال الأفريقي (Anthem 2011 ) .

 وعلى الصعيد الدولي   وفقط منذ بداية عام 2011  نلاحظ :

– التأثير المتسارع  للشبكات الاجتماعية ، الفيسبوك  نموذجا، حيث يتصدر القمة  في إذكاء  الثورات الديمقراطية في العالم العربي.

-الأهمية التي أولتها الدبلوماسية الأمريكية  لقنوات الاتصال  مثل تويتر، مكنت من مخاطبة  المواطنين  من جميع دول العالم مباشرة ودون المرور عبر مرشحة وسائل الإعلام.

– اعلان باراك أوباما من خلال شريط فيديو في موقعه بشبكة الانترنت ، عن ترشحه للانتخابات الرئاسية مذكرا بالدور الرئيسي  الذي تقوم به الانترنت والشبكات الاجتماعية  .

ردود أفعال الأحزاب السياسية والدولة تجاه  الثورة 2.0

وأمام هذا التغيير الجذري في السلوك الجماعي للساكنة ، لم تثبت الدولة  وجودها  على الشبكات الاجتماعية لتلبية  مطالب المواطنين  الشباب  وتطلعاتهم واحتوائها و معالجتها، وتعطشهم للحصول على إجابات مقنعة . كما أن ”  النتائج المحددة  من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي (CESE) ، في تقرير المشروع القبلي  حول “حوكمة الخدمات العامة ” كانت مقلقة  للغاية”

هذه النتائج كانت متطابقة مع  الجمود الذي تعرفه  الإدارة بالرغم من الغلاف المالي  الثقيل الذي  استهلكه برنامج  المغرب الرقمي في إطار مبادرة الحكومة الرقمية(E-GOV) .

ولقد اعتمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (CESE)  في تشخيصه على  دراسة وطنية مؤطرة  أنجزتها أحدى مكاتب الدراسات . ونظمت تحقيقات  ميدانية  و مجموعات حوارية .  أظهرت الكثير من المظالم المقلقة. جعلت  عمل المجلس يأخذ بعين الاعتبار مناخ  عدم الثقة الذي يسود العلاقة مع  المواطن ، في الوقت الذي  ينبغي فيه أن يحدث العكس.ويشير التقرير الى أن  ” المستخدم لا يثق في الوكيل  الذي يعتبره أصلا  كسولا  وغير كفء وذي تفكير فاسد … كما أن  الوكيل  بدوره لايثق في  المستخدم ويراه ضمنيا على أنه الجاني …”.

وعلاوة على ذلك ، فإن الأحزاب السياسية من جهتها  استجابت لهذا التوجه الرقمي إذ لاحظنا   اكتساح  حزب العدالة والتنمية  لهذا المجال منذ 2011.

أما في المغرب ، فما تزال  هذه الوسائل  سيئة الاستعمال . رغم أنها ، قد  تساهم في تقريب الادارة من المواطنين  وتحسين العلاقة بين الحاكم و المحكوم،  وتعزيز نقاط الالتقاء والصلات التي بينهما وكذلك  العوامل التي تفصل بينهما من أجل الوصول الى حكامة جيدة.

 أدوات الويب 2.0 : هل هي مشوشة ؟

تبقى أدوات الويب 2.0 وحدها غير كافية  في غياب منهجية شاملة  قادرة على استغلال نتائج برنامج المغرب الرقمي وعلى انتشار الشبكات الاجتماعية .

و على الرغم من أن استخدام الشبكات الاجتماعية يشكل فرصة  للدول العربية  لترسيخ الديمقراطية من خلال آليات التبادل، تبقى  المعلومات القيمة  المحصل عليها عبر هذه الوسائل  محاطة بكثير من المشوشات ، مما يجعل من الصعب تقييم انشغالات  الساكنة  بموضوع معين.

وبالإضافة إلى ذلك ، فإن” الصفة الافتراضية  لمستخدمي الإنترنت تنطوي  على  عدة مخاطر لدرجة أن كل عضو لديه القدرة على إنشاء العديد من العناوين الالكترونية والحسابات من   خلال عناوين IP متعددة وآليات استنساخ ذكية للبيانات  “.

تشكل التكنولوجيا دعامة قوية لقياس وسبر العلاقة بين الدولة والمواطن، باتباع  منهجية  السببية،وانتقالا من “العام “الى “الخاص” مع  تفصيل خطة عمل الحكومة  على  مستويات متدنية جدا قد تصل إلى  أول مهمة  يطلب من جماعة محلية معينة تنفيذها.

إلا أن ضمان نجاح هذا التصور الاجتماعي السياسي، يفرض إعادة النظر في هذه العلاقة برمتها، وذلك بجعل المواطن في صلب اهتمام  الدولة،واستخدام  التكنولوجيات الجديدة للمعلومات و “الاتصالات الموجهة” كدعامة اولية  لذلك.

هل أصبحت الدولة متجاوزة ؟

 أمام انتشار المطالب الجماهيرية وتكثيف آليات التعبئة من خلال الشبكات الاجتماعية ، فإننا نشهد فشلا عمليا واضحا  للدولة في:

  • مواجهة  تدفق  المطالب المطروحة.
  • تحديد وتصنيف وتنظيم وترتيب و تشخيص هوية المحتجين .
  • تنظيم  تدفق المطالب ، وتحليل أنواع وفئات الشكاوى المطروحة،
  • إنشاء هويات رقمية إلكترونية رسمية للتفاعل مع الشباب .

 ما العمل؟

أمام هذه الحالة من الارتباك ،  سيكون من الحكمة بالنسبة للدولة اعادة النظر في  علاقتها مع المواطنين  ب 360 °  ، وخلق  هوية رقمية ورفع مستوى المؤسسات الإدارية برمتها ” بمختلف أقسامها .

إن تصورنا  يدور حول عدة إجراءات مرتبطة منطقيا و التي ينبغي الحرص على تواليها  من أجل تحقيق مستويات من الفعالية على المدى القصير. وتحفز هذا التصور سلسلة من التحقيقات والمساءلات للشباب المغربي حول آليات اشتغال “الصحفي المواطن” لكي توفر للساكنة إجابات دقيقة وبالأرقام.

وعندما تطرح هذه الأسئلة تبقى دون جواب فإنها  تخلق إحباطا  جماعيا  يتحول بفضل التبادلات التكنولوجيا الجديدة ،الى احتجاجات جماهيرية عارمة, وأمام هذا الوضع فإننا نتسائل:

  • كم عدد مصالح  الدولة  المتوفرة على أنظمة معالجة شكاوى المواطنين؟
  • كم عدد الإدارات المتوفرة على  موقع تفاعلي على الإنترنت؟
  • المستشفيات؟
  • خدمات الطوارئ ؟
  • أقسام الشرطة؟
  • البلديات والجماعات ؟
  • المدارس الابتدائية والثانويات والجامعات ؟
  • هل هناك  تدبير الكتروني لمصلحة الاستقبال في المستشفيات للتعامل مع طوابير الانتظار ؟
  • في مصالح المستعجلات ؟
  • في مفوضيات الشرطة ؟
  • في البلديات ؟
  • ما هي ضمانات  مهنة استقبال الزبناء  في إدارات الدولة؟
  • ما هي ضمانات مهنة المكلف بالاتصالات على مستوى البلديات والجماعات ؟
  • ما هي ضمانات  مدراء  المواقع الالكترونية التفاعلية في  التواصل مع الناخبين والمواطنين حول  تقدم  إنجاز مشاريع الدولة حسب خطة منطقية   وتوطيدها وتثبيتها ومتزامنة بشكل مستمر مع برنامج الحكومة بحيث يمكن للمواطن أن يلمس علاقة بلديته أو جماعته ووزنها ومدى مشاركتها في أنشطة الدولة ?.

ولكي يتم الاتصال التلقائي مع التكنولوجيات الجديدة،يجب أن تتحول جميع نظم المعلومات في الدولة إلى أنظمة للتواصل ، ووضع ” المواطن” في قلب الحدث.

 فمنذ الربيع العربي ،  يبدو أن السياسة وشبكة الأنترنت دخلت  في حقبة جديدة . بعد أن بقيت فترة طويلة بعيدة عن التطورات المجتمعية والثقافية و التواصلية  التي خلفها الإنترنت، ولم يعد ممكنا  للحركات السياسية  تجاهل مساهمتها  في الكيفية التي ينبغي أن تتفاعل بها مع المواطنين ” .

 الإشراك الاجتماعي للنظم المعلوماتية للدولة

  ستوفر الدولة  في نسختها 2.0  استخدامات جديدة للاتصال والتعاون ، ووضع المستخدم في الواجهة  ، أو بالأحرى ، على مستوى عقد شبكات الويب ، التي من خلالها يتم  تدفق المعلومات . وبالتالي فإن تحول النظم المعلوماتية  للدولة أمر  لا مفر منه   لنجعل من هذا  مشروعا وطنيا منتجا .

 البيانات المفتوحة : شكل جديد للعلاقة مع المواطن:

في السنوات القليلة الماضية ، أصبحت  العلاقة بين المواطنين و الادارة  معززة بفضل العديد من الجهود التي بذلها المغرب ليجعل عروض الخدمات دائما  أقرب إلى احتياجاتهم ( تطوير خدمات الحكومة الإلكترونية ، العرض المتنقل ، النمو المطرد للإنترنت … ).

ويرغب العديد من المواطنين الذين يتزايد عددهم باستمرار ، الانخراط في الأنشطة اليومية لمنطقتهم  والنضال من أجل  تحرير البيانات والمعطيات العمومية  المحتكرة الى حد الآن من قبل السلطة … و لا يتردد هؤلاء في رغبة الاطلاع على هذه المعلومات : والدليل على ذلك هو العدد المتزايد من ” التظاهرات المواطنة ” التي تطالب  بالوصول إلى هذه البيانات ” لأنها شأن الجميع . “

والهدف من ذلك هو إعادة استعمال كل هذه  البيانات الخاصة  بأشكال مختلفة (معطيات مصورة data visualisation ،معطيات صحفية journalisme data ، وتطوير التطبيقات ، وتقديم خدمات جديدة للسكان ، الخ . ) .

إن تحرير المعطيات “من خزائن السلطة ” ، هو في رأينا ، جعل بياناتها رقمية و قابلة للاستخدام من قبل الجميع  ، وبالتالي تشجيع :

  • تمكين المواطن من المشاركة في تحديث الخدمات العمومية،
  • توفير الفرص لتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة ،
  • تمكين المواطنين من خدمات جديدة ديناميكية عبر الإنترنت ذات بعد اجتماعي.
  • إظهار نية الشفافية الديمقراطية ،
  • تزويد الصحفيين  والباحثين و علماء الاجتماع بالوسائل والأدوات الضرورية  للعمل ،
  • إعطاء صورة عن الوطن كدولة مبتكرة وعصرية.

وقبل كل شيء  فبادارة الكترونية  تركز أساسا على إمكانية الولوج الى خدمات  خاصة أكثر فأكثر ومتوفرة  24h/24h ، سننتقل  حاليا إلى إدارة النسخة  2.0 ، التي تضع المستخدم في صلب العملية،كما هو الحال في دائرة القطاع الخاص. ” من خلال تمكين  المجتمع المدني من  المعرفة والحصول على  البيانات العمومية التي يساهم في تمويلها ، كما تعمل  الجماعات على  تكثيف علاقتها مع المستخدمين و المواطنين ، و الانتقال من العلاقة العمودية  من مزودي هذه الخدمات الى علاقة  أكثر أفقية وادماج  مفاهيم الحوار والتشاور ، والتعاون أو التصميم التشاركي والرقي بالخدمة العمومية”.

يتم توفير المعلومات في هذا النوع من البنيات من خلال القضايا الكبرى التي  تتم معالجتها من طرف الإدارة. مما ينشئ  لائحة لمختلف مجالات عمل الجماعة،  أو المصلحة  ، والمشاريع المنجزة بواسطة  الموارد  المخصصة لذلك ، بل و أحيانا يقوم بالمهمة بعض المنتخبين أنفسهم . وتصبح لدى زوار المصلحة  رؤية أفضل ومعرفة مجالات عملها والإمكانيات المتوفرة عليها.

 تدبير الشكايات و التفاعل مع المواطنين

ويتطلب هذا المستوى الثاني ، المكون  الأساسي من عناصر CIRM ، نشر عناوين مفيدة كخطوة أولى نحو الخدمة عبر الإنترنت للمستخدمين.

وبالفعل  ، فإن ذلك  يساعد على توجيه المواطن قبل اتصاله مع الجماعة المحلية في جهودها لربح الوقت و العثور على الشخص المناسب الذي توجه  إليه الاستفسارات لمعالجتها.

 إلا أن هذا النظام لا يمكنه أن يكتمل إلا بمواكبته بتنظيم مادي للإدارة  قادر على إحياء هذا النظام والحفاظ على العلاقة الإنسانية فيه. وسيتكون هذا الشرط التنظيمي من العناصر التالية :

  • مركز نداء هاتفي دائم ودون انقطاع (على الدولة أن تتواجد عند  كل مكالمة  من أي مواطن)
  • مصلحة استقبال  حديثة مع وجود آلية لتدبير وتسيير طوابير  الانتظار والمراقبة وتنظيم الزيارات.                                                  

ويبقى الإنترنت  اليوم  قناة  مفضلة عند الشباب و متميزة  بنشر وتقديم  الخدمات. ” على أقل تقدير ، الاخبارعن الخدمات القائمة ، لتسهيل وصول أفضل إليها لإعداد الطرائق الادارية  المطلوب إنجازها عند الشبابيك المختلفة و توفير إمكانية الولوج إلى الخدمات الرقمية ”.

إن تطوير هذا النوع من  الخدمات ،سيجعلها بالنسبة للمغرب  رافعة أساسية  لتحسين الخدمات المقدمة و لفعالية  الإدارة المغربية ، و سيمثل هذا المجال فرصة تاريخية لترسيخ الديمقراطية في البلاد.

   التواجد مع المواطنين حيث هم لتبادل وتقاسم المعلومات

وكما هو الشأن لدى  الشركات الخاصة، فان الشباب و الحركات السياسية تسيطر  على الشبكات الاجتماعية  لتطوير أشكال تنظيمية جديدة تعتمد  على عدد أكبر من المشاركين وبشكل أفقي . فهذه الأنماط من التنظيم الشبكي تهدف إلى خلق مزيد من الالتزام من جانب المؤيدين و بالتالي أكثر فعالية في مواقفهم النضالية.

ولهذا السبب ، فإن هذه الشبكات خرجت عن نطاق وسائل الاتصال التقليدية وأصبحت الآن  تمكن الحركات السياسية من تطوير ممارسات سياسية جديدة  لايمكن  للدولة  تجاهلها و خاصة بعد اضطرابات  الربيع العربي .

وعلاوة على ذلك ، فإن المواطنين الذين يواجهون هذه التقنيات  الجديدة هم  أيضا بحاجة الى الشعور بالثقة عند  استعمالها ، ويتم طرح العديد من الأسئلة حول ما هو مسموح به وما هو ممنوع ، وما ذا سيفعل  بالمعلومات الخاصة بهم ، وعواقب مشاركتهم ومدى  الثقة التي يمكن منحها  لما يجدونه. فمن الضروري تحديد قواعد اللعبة وتثبيت الثقة في النظام ، وطريقة اشتغاله وتحكمه في الأمور.

 وأخيرا : نحو مكتب دولة لتدبير المشاريع معمم لمفهوم الصحفي المواطن

باعتبارها مسؤولة عن المشروع ، يجب على الدولة تلبية متطلبات زبنائها و مشاريعها . وعندما يحين وقت اختيار المشاريع  وتصاريح إنجازها، يجب  تحديد الموارد المالية ، ثم تتبع النتائج المتوصل إليها  و انجاز تقارير على جميع المستويات ، من  المستوى الاستراتيجي إلى المستوى الجماعاتي.

ففي هذا السياق الذي  ينبغي فيه على الدولة أن تطور  تدبير المشاريع الى موارد معلوماتية على نطاق جميع  المؤسسات العمومية  المغربية لإنتاج معلومة ” المشروع ” والتي قد  تجيب على تساؤلات  المواطنين وهذا ما لا يستطيع نظام التسيير البيروقراطي الكلاسيكي أن يقوم به.

* دكتور في علوم المعلومات والتواصل وخبير في رقمنة الإدارة

Share
  • Link copied
المقال التالي