شكلت أزمة كورونا فرصة مهمة لطلاب وباحثين مغاربة في المدرسة المغربية لعلوم المهندسين، لإبراز قدراتهم وكفاءاتهم، فقدّموا ثلاثة اختراعات علمية لمواجهة فيروس كوفيد 19.
وأبانت الجائحة عن كفاءات مغربية لا حصر لها، برهنت عن قدراتها وكفاءاتها في مواجهة الوباء، فهل سيمنح المغرب فرصاً لها ويشجعها على الابتكار بعد كورونا؟.
طاقات شابة في مواجهة كورونا
ابتكر باحثون مغاربة في المدرسة المغربية لعلوم المهندسين، طائرة من دون طيار، تساعد في كشف الحالات المصابة بـ “كورونا”، ومجهزة بالأجهزة اللازمة للقيام باختبار المسحة الأنفية، ويهدف المخترعون من خلال هذا الابتكار إلى توفير الحماية للأطر الطبية.
وقام طلبة مهندسون بذات المدرسة، بابتكار تطبيق إلكتروني يسمح للأطباء الاتصال بالمرضى، للتحقق من الأعراض التي يعانون منها وملء البيانات الشخصية التي يرسلونها إلى الطبيب، ليُقرر إذا كان هذا الشخص بحاجة إلى أخذ هذه العينة أم لا، و”الوصفة الطبية الإلكترونية”، وهي عبارة عن تطبيق على شكل منصة قابلة للمشاركة، تسمح للطبيب بإنشاء وصفات طبية والتحقق منها، حتى يتمكن المريض من استلام أدويته من الصيدلية.
وتهدف هذه العملية إلى رقمنة الوصفات الطبية، وإرسالها إلى أي صيدلية للحصول على الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المعالج.
وابتكر مهندسون تطوير أجهزة تنفس اصطناعية محلية الصنع مئة في المئة، موجهة أساسا إلى المصابين بوباء كورونا، وتم تصنيع هذه الأجهزة وفقا للمعايير الدولية، بدءاً من تصنيع المحرك، مرورا بالبطاقات الإلكترونية، والأجزاء الميكانيكية الأخرى، وصولا إلى عملية تجميع مختلف الأجزاء.
وحسب المصنعين المغاربة، فالنموذج الأول لجهاز التنفس سيعمل بشكل مسترسل لمدة تصل إلى 3000 ساعة، كما يمكن تشغيله بالمدن والقرى باستعمال التيار الكهربائي أو بطاريات عادية خاصة بالهواتف، أي ليس فقط لعلاج المصابين القابعين في المستشفيات.
وفي ذات السياق، قام فريق من خبراء مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، بتطوير معقم لليدين ولأدوات العمل، وذلك في إطار التدابير المتعلقة بحماية العاملين.
وإلى جانب المهندسين، شارك مقاولون مغاربة في صنع أقنعة واقية من الرذاذ خاصة بالأطباء وتوزيعها على المستشفيات بالمجان.
ويُشار إلى أنّ المغرب تقدم خلال عام2019 بـ 34 طلب براءة اختراع، لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.
غياب تقدير الطاقات المحلية
وكشف سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المغربي، أنّ أكثر من 600 مهندس يُغادرون المغرب سنوياً في إطار هجرة الأدمغة.
وأضاف أمزازي أنّ مغادرة الخبرات المغربية، تأتي في سياق التحولات التكنولوجية ومستويات المختبرات الدولية في هذا المجال، مؤكداً أنّ بلاده لا تقدم تحفيزات لاستقطاب الكفاءات المنتشرة في العالم.
إعادة الاعتبار للأطر المحلية
واعتبر الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، مراد الطهريوي، أنّ أزمة كورونا ستُغير من أولويات المجتمع المغربي، مشيراً إلى أنه من المرتقب أن تُقدم فرصاً أكثر للشباب المبدع.
وأضاف الطهريوي في تصريح له مع جريدة “بناصا”، أنه بإمكان أزمة كورونا أن تدفع بالفاعلين السياسيين إلى إعادة الاعتبار للأطر المحلية، وتابع يقول: “أعتقد أنّ أغلب المهندسين أو الأطباء الذين هاجروا، إذا توفرت لهم شروط الحياة التي يبحثون عنها، كانوا سيُفضلون البقاء في بلدهم”.
وبحرقة كبيرة كشف ذات المتحدث، أن غياب إرادة واضحة لدى الفاعلين السياسيين، إضافة إلى المحسوبية وافتقاد البلد لأبسط شروط الحياة الكريمة، من تمدرس وتطبيب وفرص عمل، كلها عوامل سلبية لا تشجع على النهوض بهذا البلد، مبرزاً أن أزمة كورونا أيقظت في الكل حماس تدبير هذه الجائحة التي يعرفها العالم بأسره، و إعادة الاعتبار إلى الكفاءات المغربية، وتشجيعها على الابتكار.
وأكد الطهريوي، أن المغرب يتوفر على موارد بشرية كفؤة ومؤهلة، يمكن أن تساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبفقدانها يفقد المغرب جزءً من رأسماله البشري، ومضى يقول: “تتصارع الدول وتتنافس على جذب أفضل الكفاءات، ولا يعقل أن تضيع الكفاءات التي ننتجها محلياً بسبب الهجرة.
المغرب يحرم من آلاف الكفاءات
ويُسجل المغرب ثاني أعلى معدل لهجرة الأدمغة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً لتقرير البنك الدولي.
ونقلت عدة صحف ملخصاً لدراسة أنجزها المجلس الوطني للأطباء في فرنسا، بيّنت أن عدد الأطباء المولودين في المغرب والمزاولين للمهنة في فرنسا يصل إلى 6150، جلّهم يعملون بشكل دائم، وتعد فرنسا من الوجهات المفضلة للأطر المغربية لأجل العمل، ويعود ذلك لأسباب متعددة منها تدريس التكوين العلمي العالي في المغرب بالفرنسية.
تعليقات الزوار ( 0 )