تسود حالة من التّرقب في أوساط مزارعي القنب الهندي في شمال المغرب، بعد دورية رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، التي دعا فيها الوكلاء العامين ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية والاستنافية، إلى ترشيد اللجوء لإصدار برقيات بحث وتفعيل تدبير الحراسة النظرية، إلى جانب إلغاء جميع برقيات البحث المتعلقة بأفعال جرمية طالها التقادم القانوني، مع مراعاة اختلافها والأسباب القانوني التي تقطع التقادم.
وكانت دورية الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورئيس النيابة العامة، قد دعت إلى “المبادرة إلى إصدار تعليمات ترمي إلى إلغاء جميع برقيات البحث المتعلقة بأفعال جرمية طالها التقادم القانوني، مع مراعاة اختلاف هذه المدة بحسب الطبيعة القانونية للجريمة (جناية أم جنحة)، وبطبيعة الحال مراعاة الأسباب القانونية لقطع التقادم”.
وشددت الدورية نفسها، التي دعت أيضا إلى ترشيد اللجوء إلى إصدار برقيات بحث وتفعيل مسطرة الحراسة النظرية، على ضرورة “الحرص على إلغاء برقيات البحث المحررة في حق المشتبه فيهم المقدمين أمامكم، أو عند إحالة قضايا الأشخاص المبحوث عنهم على جهات التحقيق أو الحكم”، وفق ما جاء فيها.
وطالبت رئاسة النيابة العامة، أيضا، بالتعامل بإيجابية مع “الطلبات والملتمسات التي تقدم إليكم من أجل إلغاء برقيات البحث، والعمل على إصدار تعليماتكم بإلغائها متى ثبت لكم وجود مبررات قانونية توجب ذلك، وموافاتها بتفصيل بالتدابير والإجراءات المتخذة من طرفكم تنفيذاً لهذه الدورية، والنتائج التي توصلتم لها في هذا الصدد، بحسب الجدول رفقته”.
وعقب هذه الدورية، استبشرت مجموعة من الفعاليات المدنية، بأن تكون بداية انفراج ملف زراعة القنب الهندي بشكل كاملٍ، بعدما جرت المصادقة على تقنينه من قبل الحكومة، في انتظار أن يمرّ من غرفتي البرلمان، مشيرين إلى أن الأمر الوحيد الذي سيبقى لكي يتم طي صفحة “الكيف”، على الأقل في شقها الأولي، هو الإفراج عن المسجونين على خلفية زراعته.
ويأمل المزارعون في أن تفتح الدورية التي أصدرها الرئيس الجديد للنيابة العامة، التي تأتي في سياق عامّ أظهرت فيه الدولة مجسدةً في الحكومة، رغبةً في إيجاد حلول لهذا الملف، المجال لإلغاء كافة برقيات البحث الصادرة في حقّ الفلاحين الصغار الذين ظلّوا متابعين لسنوات، وباتت حياتهم اليومية أشبه بـ”الجحيم”، حسب وصف بعضهم، بسبب حالة الفرار الدائم التي يعيشونها منذ فترة طويلة.
وعن هذا الأمر، يقول شريف أدرداك، رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف، وأحد مؤسسي تنسيقية أبناء بلاد الكيف، إن الدورية التي بعثها رئيس النيابة العامة إلى وكلاء الملك والوكلاء العامون بمحاكم البلاد، “تبعث بارقة أمل فيما يخص مشكل المتابعات التي تطال مزارعي الكيف، والتي تثقل كاهل هؤلاء البسطاء الذين يعيشون في حالة سراح مؤقت”.
وأضاف أدرداك في تصريح أدلى به لجريدة “بناصا”، أن هذه الدورية “تنضاف الى مقترح قانون الذي تقدم به فريق التجمع الدستوري، والقاضي بتتميم احكام المواد 21، 40 و 49 من القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 102.255 بتاريخ 3 اكتوبر 2002″، حسبه.
وإلى ذلك، سبق لمجموعة من السياسيين أن دعوا إلى تدعيم مشروع قانون تقنين زراعة القنب الهندي، الذي يُنتظر أن يناقش في البرلمان، بإصدار عفوٍ شاملٍ عن المسجونين على خلفية الملف، وإسقاط المتابعات عن الفلاحين، حيث أوضحت إبتسام عزاوي، النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، أنه لابد من إرفاق مشروع التقنين بـ”عفو شامل على المزارعين الصغار والمتابعين في حالة فرار”.
ومن جهته، طالب نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، في تصريحات سابقة له، بإلغاء المتابعات القضائية، والعفو عن المتابعين، في ملفّ “الكيف”، معتبراً بأن هذا الأمر “المدخل لتنزيل مشروع قانون تقنين القنب الهندي، هو إقرار مصالحة حقيقية مع المزارعين”، موضحاً أن “جميع المزارعين يعتبرون أنفسهم في سراح مؤقت”.
يشار إلى أن محمد أوجار وزير العدل السابق، كان قد أكد للبرلمانيين، بأن عدد المتابعين على خلفية زراعة القنب الهندي، يتجاوز الـ 30 ألف شخص، وفق ما كشف عنه نور الدين مضيان، علماً أن عدد المتابعين على خلفية الأنشطة الفلاحية المرتبطة بنبتة “الكيف” في الوقت الحالي، قد يكون أكبر بكثير.
تعليقات الزوار ( 0 )