لفت مقترح دستوري جديد الانتباه في الجزائر يتعلق بالسماح للجيش بالقتال خارج الحدود الوطنية، سواء للمشاركة في عمليات حفظ السلام الأممية أو عمليات قتالية لإحلال السلام في دول مجاورة وفق ما جاءت به مسودة الدستور الجديد التي طرحتها رئاسة الجمهورية.
وكشفت وثيقة مقترح تعديل الدستور، الخطوة الجديدة التي تفكر السلطة الحالية بخصوص مشاركة قوات عسكرية مستقبلا في عمليات قتال خارج البلاد، بشرط موافقة البرلمان على ذلك وسط جدل واسع عن أبعاد ومغزى هذه الخطوة غير المسبوقة التي طرحتها رئاسة الجمهورية يوم الخميس الماضي.
وتنص المادة 29 من الدستور الحالي على أن “الجزائر تمتنع عن اللجوء إلى الحرب لعدم المساس بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى وحريتها، وتبذل جهدها لتسوية الخلافات الدولية بالوسائل السلمية”.
وتناول التعديل في المقترح إضافة الفقرة التالية “يمكن للجزائر في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها، أن تشترك في عمليات حفظ سلام في الخارج”.
واعتبر متابعون للشأن السياسي في الجزائر بأن مؤشرات تغيير جذري في العقيدة العسكرية للجيش الجزائري بدأت تظهر من أجل التكيف مع التطورات الراهنة في المنطقة المحيطة بالبلاد، ستسمح للرئيس بإرسال قوات عسكرية للقتال خارج الجزائر، ما يعد تغييرا ملحوظا بعد ستة عقود لم يكن مسموحا فيها للقوات الجزائرية بالقتال في الخارج.
وظلت الجزائر منذ استقلالها عام 1962، تسير على نهج عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ورفضت عدة محاولات دولية حثيثة لجرّها إلى إرسال جنودها للمشاركة في عمليات قتالية بأفريقيا والعالم العربي، ولا تزال حرب أكتوبر عام 1973 هي آخر حرب شاركت فيها وحدات من الجيش الجزائري على الجبهة المصرية، ليتم بعدها منع أية مشاركة للجيش في قتال خارج الحدود بعد تعديل دستور البلاد سنة 1976.
ويرى بعض المراقبين بأن التطورات التي شهددتها منطقة شمال أفريقيا ومنطقة الساحل خلال العقدين الأخيرين، والتي تسببت في ضرر للمصالح الاستراتيجية والعمق الأمني للجزائر، فرضت على الرئيس عبد المجيد تبون استغلال تعديل الدستور، لإدراج مواد تسمح بموجبها للجيش الجزائري وللمرة الأولى “بالمشاركة في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية”.
تعليقات الزوار ( 0 )