Share
  • Link copied

هل تعكس الإطاحة بـ”خلية وجدة الإرهابية” تنامي ظاهرة التطرف في المغرب؟

باتَ المغرب، وفقا لعدد من المراقبين المحليين والدوليين، يمتلك استراتيجية متكاملة لمحاربة الإرهاب بعد تفجيرات الدار البيضاء سنة 2003، مما مكّن المملكة من تحقيق نجاح لافت في التصدي للإرهاب واستباق مكامن ظهوره، وآخرها الإطاحة صبيحة يومه (الخميس) بخلية وجدة الإرهابية.

وصنف المؤشر العالمي للإرهاب ( GTI)  في نسخته الثامنة لسنة 2020، المغرب  في المرتبة 102 عالميا من حيث أقل الدول تعرضا لمخاطر إرهابية من أصل 135 دولة في العالم، ووضع المغرب في خانة درجة صفر من الخطر بمؤشر نقاط 0.565 من عشرة.

كما يولي المغرب اهتماما كبيرا بمنطقة الساحل الأفريقي بسبب توالي الأزمات التي شهدتها المنطقة، نظير أزمة مالي، علاوة على تنامي نشاط الجماعات الإرهابية، وخطر الجريمة المنظمة العابرة للحدود، التي تأخذ عدة أشكال، أبرزها الاتجار بالأسلحة والبشر والاختطاف وتهريب المخدرات.

وفي هذا الصدد قال الشرقاوي الروداني، الخبير في الدراسات الجيواستراتيجية والأمنية، تعليقا على تفكيك الخلية الإرهابية التي تتألف من أربعة متشددين ينشطون بمدينة وجدة ويرتبطون بتنظيم داعش، إن هناك عمل كبير تقوم به المصالح الأمنية المختصة خاصة بعد الضربات الإرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء سنة 2003.

وأوضح الشرقاوي في تصريح لـ”بناصا” أن تطور العمليات الإرهابية في بؤر التوتر على المستوى الدولي أصبح يؤثر على كل دول العالم، خاصة أن نشاط تنظيم داعش أصبح يعرف تزايدا ملحوظا في ليبيا، لاسيما في دول الساحل الأفريقي وجنوب الصحراء، وكذلك في العراق وسوريا في منطقة البادية، دير الزور، وكذلك الرقة.

ويرى المصدر ذاته، أن المملكة المغربية هي من بين الدول المستهدفة، نظرا لعدة اعتبارات إستراتيجية بالنسبة للتنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة التي ترى في ضرب المغرب إصابة دولة محورية في محاربة شبكات الاتجار بالمخدرات العابرة للحدود والتنظيمات الإرهابية.

وأشار الخبير في الدراسات الجيواستراتيجية والأمنية، إلى أن هذه العملية التي جاءت بفضل التنسيق الوثيق بين مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وأجهزة الاستخبارات الأمريكية، يظهر أن هذه الخلية المفككة هي عابرة للحدود، وأنها كانت على اتصال بمنظومة إرهابية رئيسية خارج الحدود المغربية.

واستبعد الشرقاوي الروداني، تنامي ظاهرة التطرف في المغرب، نظرا للجهود القائمة التي تبذلها المملكة في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، وذلك بإشاعة الدين الوسطي المعتدل، وانتهاج سياسة أمنية استثنائية، تعتمد على الاستباق والتحصين والتعاون.

وبمعلومات استخباراتية، أنقذت أمريكا المغرب، وذلك بتفكيك خلية إرهابية تتألف من أربعة متشددين تتراوح أعمارهم ما بين 24 و28 سنة، ينشطون بمدينة وجدة ويرتبطون بما يسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وفي هذا الإطار، ذكر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن العملية تأتي في إطار مواصلة الجهود المبذولة لتحييد مخاطر التهديد الإرهابي وتفكيك التنظيمات المتطرفة التي تهدف للمس الخطير بالنظام العام وتحدق بأمن واستقرار المملكة.

وأكد المكتب أن تفكيك هذه الخلية الإرهابية وإجهاض مخططاتها المتطرفة الوشيكة، يظهر مرة أخرى أهمية التعاون الدولي لمكافحة التهديدات الإرهابية، ويبرهن على نجاعة الشراكات المتميزة التي تلعب دورا رئيسيا في ضمان نجاح عمليات مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.

وجرى توقيف أعضاء هذه الخلية الإرهابية في عمليات أمنية متزامنة في أربعة أحياء سكنية مختلفة بمدينة وجدة، اضطر خلالها عناصر القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لاطلاق عبوات صوتية لتحييد الخطر الصادر عن المشتبه فيه الرئيسي، كما تمت ملاحقة المشتبه فيه الثاني وتوقيفه في أسطح المنازل المجاورة خلال محاولته الفرار في ظروف من شأنها تعريض نفسه وسلامة الغير للخطر.

ومكنت عمليات التفتيش المنجزة بمنزل المشتبه فيه الرئيسي ضمن هذه الخلية الإرهابية، من حجز مبلغ مالي مهم بالعملة الأوروبية، وأربع جوازات سفر خاصة بجميع أعضاء الخلية كان يحتفظ بها في مكان آمن بمنزله، وأسلحة بيضاء، فضلا عن ضبط أجهزة معلوماتية سيتم إخضاعها للخبرات التقنية اللازمة.

وأوضح بلاغ المكتب، أن الأبحاث والتحريات الأولية المنجزة أظهرت أن أعضاء هذه الخلية الإرهابية أعلنوا ولاءهم للأمير المزعوم لتنظيم “داعش”، وخططوا للالتحاق بمعسكرات هذا التنظيم الإرهابي بمنطقة الساحل لتنفيذ عمليات قتالية، وذلك قبل أن تتم تعبئتهم وتكليفهم من طرف أحد قياديي “داعش” بمهمة تنفيذ مخططات إرهابية داخل المملكة، تستهدف منشآت وطنية حيوية ومقرات أمنية وثكنات عسكرية.

كما تشير إجراءات البحث الأولي، إلى أن المشتبه فيهم الموقوفين قاموا بتنفيذ عدة عمليات استطلاعية لرصد وتحديد الأهداف والمنشآت الحساسة المزمع استهدافها، كما كانوا يسعون لاكتساب خبرات في صناعة المتفجرات والعبوات الناسفة، فضلا عن تنسيقهم مع القيادي السالف الذكر في تنظيم “داعش” لتوفير الموارد والدعم اللوجيستيكي اللازم لتمويل مشاريعهم التخريبية.

ورغم الجهود المبذولة، فإن تفكيك هذه الخلية الإرهابية، يؤكد استمرار تنامي التهديدات التي تتربص بأمن المملكة وبسلامة المواطنين، وإصرار المتشبعين بالفكر المتطرف الموالي لتنظيم “داعش” على تنفيذ مشاريع إرهابية تستهدف المس الخطير بسلامة الأشخاص والممتلكات والنظام العام.

ويشار إلى أن الإستراتيجية المغربية الناجحة والاستباقية في مكافحة الإرهاب، مكنت من تفكيك أزيد من 200 خلية إرهابية منذ عام 2003، وذلك بمعدل خلية شهريا.

كما قدمت مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مع بداية السنة الجارية، مساهمة قيمة للوكالات الأمريكية للأمن لتحييد خطر جندي أمريكي متطرف خطط لتنفيذ هجوم إرهابي دموي.

وبفضل هذا التعاون القيم، تم إلقاء القبض على الجندي “كول بريدجز” بينما كان يخطط لهجوم إرهابي يستهدف النصب التذكاري لـ 11 شتنبر في مانهاتن ، بنيويورك.

وكان الظنين أيضا يقوم بتسريب معلومات حساسة عن القوات الأمريكية في الشرق الأوسط إلى عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”

Share
  • Link copied
المقال التالي