بالرغم من الضجة الكبيرة التي تسببت فيها الزيادة المفاجئة في أسعار الزيوت النباتية في المغرب، إلا أن الحكومة لم تخرج لإصدار أي توضيحات بشأن هذا الأمر الذي يأتي في سياق أزمة مالية خانقة تمرّ بها عشرات الآلاف من الأسر، بعد فقدان أربابها، لعمله جراء تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد.
وخلّف قرار رفع أسعار الزيوت النباتية بـ 10 دراهم لكل 5 لترات، ودرهمين لكل لتر، غضباً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، ودفع العديد من النشطاء إلى البدء في التعبئة لمقاطعة هذه المنتوجات إلى غاية عدول الشركات عن خطوتها، التي لم تراع فيها الظروف الصعبة التي يمر بها المواطنون، بسبب تداعيات فيروس كورونا.
وعزى مسؤولو الشركات المنتجة للزيوت في المغرب، هذه الزيادة المفاجئة، إلى ارتفاع ثمن النباتات الزيتية في السوق العالمية، بسبب الظروف الحالية التي تسببت فيها الجائحة، وهو المُبرّر الذي لم يقنع النشطاء المغاربة، الذين تساءلوا عن أسباب بقاء الأسعار على حالها خلال الفترات السابقة التي عرفت تراجعاً في ثمن النباتات الزيتية عالمياً.
وكتب الفاعل السياسي عبد المنعم بيدوري، إن البعض يبرر ارتفاع أسعار زيت المائدة “بارتفاع سعر الطن من المكون الأساسي في إنتاج هذا النوع من الزيوت “صوجا”، أو “فول الصويا”، في السوق الدولية، وهنا لابد من طرح بعض الأسئلة”، أولها “لماذا عندها شهد سعر الطن انخفاضا كبيرا لم ينخفض السعر عند المستهلك؟ خصوصاً وأن الانخفاض فقط بين سنة 2012 و2016 تجاوز الـ 50 في المائة؟”.
وأضاف بيدوري: “لماذا عندما بلغ سعر الطنّ من “فول الصويا” رقما قياسيا 1754 دولار، لم تطرأ على حد علمي، أي زيادة على السعر عند المستهلك؟”، متابعاً: “عندما تحقق الشركات أرباحاً كبيرةً جراء انخفاض سعر الطن في السوق الدولية فالمستهلك غير معني بهذا الانخفاض، وعندما يرتفع سعر صوجا في السوق الدولية فعلى المستهلك أن يتحمل ذلك؟”.
واسترسل بأن ما تقوم به “شركات إنتاج زيوت المائدة هو نفسه ما قامت به شركات المحروقات التي فجرت مؤسسة دستورية وعطلتها عن القيام بمسؤوليتها لمراقبة السوق وجشع هذه الشركات وغيرها، وتأخر قرار لجنة التحقيق في تقارير مجلس المنافسة أعطى الإشارة للبعض لاقتراف نفس الجريمة مرة أخرى، والقيام بممارسات منافية للمنافسة الحرة في مأمن من العقوبة !”.
وشدد الشخص نفسه، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، على أن “حجم الضرر من تعطيل المنافسة على الاقتصاد الوطني مدمر، ويعيق الأمل في أي إقلاع أو نموذج تنموي حقيقي بالمغرب”، على حد تعبير بيدوري.
وحمّلت جمعيات حماية المستهلك، مسؤولية هذا الارتفاع إلى الحكومة المغربية، التي تتيح لها المادة 4 من قانون المنافسة، التدخل في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، من أجل اتخاذ تدابير عاجلة تدفع الشركات المنتجة إلى تخفيض الأسعار إما بشكل دائمٍ أو مؤقت، خصوصاً وأن الوضع الحالي الذي يمر به المواطنون يفرض على الجهات المسؤولة التحرك بسرعة.
وطالب مغاربة بتحرك الحكومة لخفض سعر هذه المادة الأساسية للأسر وللصناعات الغذائية أيضا، خاصة أن شهر رمضان الكريم، الذي يرتفع فيه استهلاك المواطنين للمواد الغذائية بشكل عامّ، وللزيوت خاصة، لأنها ضرورية في إعداد الحلويات والمأكولات التي تُزيّن موائد المغاربة، بات على الأبواب، ولا يمكن، حسبهم، ترك المواطنين يعانون من هذا القرار.
وأوضح نشطاء بأن السلطات المغربية، أبلت البلاء الحسن طيلة الشهور الماضية، واتخذت تدابير مهمّة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وكانت من بين أوائل الدول العالمية التي شرعت في تلقيح مواطنيها ضد كوفيد، ولا يمكن، وفقهم، بأي حال من الأحوال، تضييع كلّ هذا الجهد الذي ساهم في تقريب العلاقة بين الدولة والمجتمع وتحسينها، عبر السماح برفع الأسعار بنسب كبيرة الفئات الهشة، في ظرفية استثنائية.
الزيادة كيف ما كان نوعها فهي منبودة من طرف الجامعة المغربية لحقوق المستهلك و لو ان سعر زيت المائدة حر طبقا لمقتضيات قانون حرية الاسعار و المنافسة. و ادا تمت الزيادة في السعر من اكثر من شركة فتصبح الزيادة داخلة في نطاق التوافق و هو ممنوع بموجب القانون المدكور سلفا. كما أن احتكار السوق بأكثر من 50٪ من السوق يعتبر خرق كلك للقانون و بالتالي وجب تدخل مجلس المنافسة.
وفي هذا السياق، قال بوعزة خراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إن اختيار الشركات المنتجة لزيت المائدة هذه الظرفية الصعبة التي يعرفها المغرب، والمتّسمة بتدهور القدرة الشرائية للعديد من الأسر، “يخلو بتاتا من المواطنة”، مضيفاً بأن أي زيادة في الأسعار في ظل الوضع الحالي، تعدّ “تهديدا ضد السلم الاجتماعي”.
وأضاف خراطي في تصريح لجريدة “بناصا”، أن “الشركات المعنية بالأمر، لا تعطي سبب ارتفاع الأسعار كما أنها لا تعطي ضمانات الجودة والسلامة لزيوت المباعة بالسوق المغربية”، مشدّداً على أن الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، تدين هذه الزيادة.
وأكد المتحدث ذاته، إدانته، أيضا، لعدم احترام حقوق المستهلك، ومن أهمها الحق في الأخبار وحماية حقوقه المادية”، مطالبا باسم الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، الحكومة، “بفتح ملف جودة وسلامة الزيوت، وخاصة زيت المائدة، التي لا يحب طهيها عندما تغيب معلومة نوع البذور أو المادة الخام على اللصيقة”.
وكان فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، قد تقدم بسؤال إلى رئيس الحكومة، بشأن الزيادة في أسعار زيت المائدة، قائلاً إن المواطنين تفاجؤوا “صباح يوم الأحد 21 فبراير الجاري، بارتفاع أسعار زيت المائدة دون سابق إنذار”، معتبراً بأن الأمر يعدّ ضربا للقدرة الشرائية للمواطنين، “التي وصلت لمستوى لا يطاق بسبب الظرفيى الاقتصادية والاجتماعية الناتجية عن تداعيات جائحة كورونا”.
وساءل فريق حزب الجرّار، في المراسلة الموقعة باسم نائبه هشام صابري، رئيس الحكومة عن “التدابير المتخذة لمراجعة هذه الأسعار؟”، و”الإجراءات المتخذة من أجل التصدي لمثل هذه الممارسات التي تضرب في العمق القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة؟”، وفق المصدر.
تعليقات الزوار ( 0 )