شارك المقال
  • تم النسخ

هل الطاقة الخضراء طريق السلام والديمقراطية؟ نظرة نقدية على مشاريع الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تزعم شركة “ستاتكرافت” النرويجية، أكبر شركة منتجة للطاقة المتجددة في أوروبا، بأن “من الإيجابيات الأقل شهرة للتحول نحو الطاقة الخضراء هو أن المزيد من الطاقة المتجددة يؤدي إلى مزيد من السلام والديمقراطية!”.

ومن المغري صياغة مثل هذه الحجج الجذابة حول إمكانية أن يؤدي الانتقال إلى الطاقة المتجددة إلى مرحلة من الوصول المتساوي والديمقراطي للطاقة وإمكانية السلام، فالفحم والنفط والغاز هي مصادر طاقة مركزة، موزعة بشكل غير متكافئ عبر العالم، ومن ناحية أخرى، تعتبر الرياح والطاقة الشمسية موزعة بشكل كبير، وإن كانت بدرجات متفاوتة.

ونظريًا، يوفر هذا التوفر وعدا بسياسات طاقة أقل تسلسلية وأكثر شمولية: إنتاج للطاقة يعتمد بشكل أقل على الاحتياطيات الثابتة التي يسهل السيطرة عليها من قبل الجهات الحكومية والشركات.

كما أنه يحمل إمكانات للدول الفقيرة بالموارد التي تعتمد بشكل كبير على واردات الوقود الأحفوري لتصبح أكثر استقلالاً في مجال الطاقة، بل من الممكن حتى أن تتحول إلى دول مصدرة للطاقة الخضراء.

ولكن المبادرات الأخيرة لإنتاج الطاقة الخضراء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توضح أن الاعتماد السابق على الطاقة والهيمنة الخاصة على إنتاج الطاقة لا يتم التغلب عليهما في كثير من الأحيان، بل يتم إعادة تشكيلهما.

ويحول النخبة السلطوية المترابطة عبر المناطق الطبيعة الموزعة للطاقة المتجددة إلى أشكال مركزة من القوة السياسية والاقتصادية. وعليه، فإن نظام الطاقة القائم على مصادر الطاقة المتجددة لن يكون أقل عرضة للصراع، ولا يتسم تلقائيًا باقل قدر من عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية.

اتجاهات استعمارية خضراء

وبحسب منظمة ‎MERIP فإن العديد من الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك المغرب وتونس ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران، تسعى إلى تحويل نفسها إلى مراكز للطاقة المتجددة أو كهرباء إقليمية.

وللوهلة الأولى، يبدو أن هذه الجهود تملك القدرة على تسوية التسلسل الهرمي الإقليمي الحالي بين مصدري الهيدروكربونات الأقوياء والمستوردين الضعفاء والمحتاجين. لكن دمج شبكة الكهرباء ولامركزية الطاقة لا يؤديان تلقائيًا إلى المزيد من السلام أو صراعات أقل.

وعلى سبيل المثال، شهد الطفرة الشمسية في لبنان “تحولًا إلى موجة تسوق مفرطة الفردية والخصخصة، حيث إنها تفاقم عدم المساواة السابقة، بين أولئك الذين يستطيعون تحمل تكلفة تركيب نظام للطاقة الشمسية على أسطح منازلهم، على سبيل المثال، وأولئك الذين ليسوا من مالكي المنازل في المقام الأول.

وعلى المستوى الدولي، كلما كانت الشبكة أكبر وأكثر ترابطا بين الدول وداخلها، كان من الأسهل دمج مصادر الطاقة المتجددة دون المساس باستقرار الشبكة.

ومع ذلك، فإن العديد من المشاريع الجارية حاليًا تعيد إنتاج المنطق الاستعماري لاستخراج الموارد والسيطرة الخارجية. على سبيل المثال، من خلال مشروع الطاقة المتجددة بين المغرب والمملكة المتحدة، تخطط الشركة البريطانية X-Links لتغطية 7.5% في نهاية المطاف من استهلاك الكهرباء في بريطانيا من خلال الكهرباء الخضراء المنتجة في المغرب.

ويهدف المشروع إلى بناء مزارع للطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة إلى بطاريات ضخمة، في منطقة كلميم واد نون على مساحة تعادل مساحة لندن (حوالي 580 ميلاً مربعة).

ومن المقرر أن تنتج هذه المحطات الكهربائية نفس كمية الكهرباء التي ينتجها المغرب حاليًا بكامل قدرته على إنتاج الكهرباء، كما سيتم ربطها بمقاطعة ديفون في جنوب غرب إنجلترا عبر موصلات بحرية تحت سطح البحر يزيد طولها عن 2000 ميل، أي ثلاثة أضعاف طول أطول موصل تحت سطح البحر قيد الإنشاء حاليًا.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي